تداول مناهضو
الانقلاب العسكري أبرز القرارات التي اتخذها
النائب العام المصري،
هشام بركات، الذي قتل الاثنين، فيما أطلقوا عليه اسم "السجل الأسود لنائب عام الانقلاب"، على حد تعبيرهم، في وقت أعلن فيه النظام المصري الحداد رسميا في مصر، "حزنا على مقتل بركات".
وتم اغتيال بركات، الاثنين، بعد تفجير موكبه في ضاحية مصر الجديدة شرقي القاهرة، وبعدها لفظ أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى، في أكبر عملية من نوعها في مصر منذ نحو ربع قرن.
ولد بركات يوم 21 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1950، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1973 من جامعة عين شمس، ثم بدأ عمله في القضاء معاون نيابة في كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته، وبعدها تدرج بركات في المناصب القضائية حتى وصل إلى محاكم الاستئناف والجنائيات، قبل تعيينه نائبا عاما يوم 10 تموز/ يوليو 2013، أي بعد أسبوع واحد من الانقلاب، خلفا للنائب العام المستقيل عبد المجيد محمود.
وبعد عقود طويلة من نظر السياسيين والنشطاء للقضاء والنيابة العامة، باعتبارها الملاذ الأخير أمام بطش الأجهزة الأمنية، اتسم عهد بركات "بخضوع النيابة التام للنظام الحاكم، حتى تحولت إلى سكرتارية تنفذ أوامر قائد الانقلاب"، بحسب حقوقيين.
ومنذ توليه منصبه، شهدت مصر أكبر حملة اعتقالات، حتى أن أعداد المعتقلين ناهزت ستين ألفا.
ويقول مراقبون إن انتهاكات حقوق الإنسان كانت تتم في الانقلاب بقرارات إدارية من وزير الداخلية، ودون إذن النيابة، لكنه وبمجرد عرض الأمر على النيابة، كان يتم إطلاق سراح المعتقلين وإبطال أي قرارات استثنائية في أغلب الحالات، قبل أن يمنح بركات موافقة قانونية بقرارات النيابة التي أصبحت تحت تصرف رجال الأمن طوال الوقت.
نائب فض رابعة
وكانت أبرز القرارات التي اتخذها بركات، إصداره إذنا من النيابة العامة للشرطة والقوات المسلحة بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، في عملية شهدت سقوط قرابة آلاف القتلى وأكثر من 10 آلاف مصاب في 14 آب/ أغسطس 2013، في أكبر مجزرة عرفتها مصر في العصر الحديث.
واتبع بركات هذه المجزرة، بقرارات وصفت بـ"الغريبة"، أصابت الجميع بالدهشة، حينما أحال مئات المعتصمين الذين نجوا من الموت، وكثير منهم من المصابين، إلى المحاكمة الجنائية بتهمة مقاومة السلطات، فيما عرف لاحقا بقضية فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وسجل التاريخ لبركات أنه النائب العام الذي أحال أول رئيس مصري مدني منتخب، محمد
مرسي، للقضاء، بتهم أثارت -ولا تزال- جدلا شديدا، بسبب غرابة الاتهامات الموجهة إلى الرئيس، مثل التخابر مع دول أجنبية والهروب من السجن.
وأحال بركات الرئيس مرسي ومعظم قيادات جماعة الإخوان إلى المحاكمة في قضايا عدة، من بينها التحريض على القتل في أحداث الاتحادية، والتخابر مع قطر، والهروب من السجون، وإهانة القضاء.
مسؤول عن وفاة عشرات المعتقلين
ويتضمن سجل بركات "الأسود"، بحسب مدافعين عن حقوق الإنسان، اتهامه بالتسبب في وفاة عشرات السجناء المرضى، بسبب رفضه نهائيا نقلهم إلى مستشفيات مناسبة لتلقي العلاج، على الرغم من تدهور حالتهم الصحية، أو التلكؤ في الموافقة على الطلبات التي تقدموا بها في هذا الشأن.
كذلك يتهمه معارضون بتجاهل التحقيق في آلاف البلاغات برفض الداخلية تنفيذ أحكام قضائية بالإفراج عن سجناء، أو بالاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري لنشطاء، ومن بينها متهمي قضية "عرب شركس"، الذين أعدموا الشهر الماضي، بعد إدانتهم بجريمة وقعت بينما كانوا معتقلين في السجون، على الرغم من تقديم ذويهم ببلاغات للنائب العام بهذا الشأن.
واشتهر بركات بإصدار العديد من قرارات منع النشر في القضايا، التي كان آخرها قضية اتهام رموز ثورة يناير بالخيانة والتآمر على أمن البلاد.
"التواطؤ" مع قادة الانقلاب
تردد اسم بركات في التسريبات التي أذاعتها قنوات فضائية لمكالمات أجريت من داخل مكتب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، حيث تبين تواطؤه مع الجيش، وتلاعبه في قضية الرئيس مرسي، وتواصله مع القيادات العسكرية، بما يخالف الدستور والقانون.
وبحسب أحد هذه التسريبات، قال عضو المجلس العسكري، اللواء ممدوح شاهين، إن النائب العام اتصل به ليحذره من أن قضية مرسي معرضة برمتها للبطلان، بسبب احتجاز مرسي في مكان غير تابع للداخلية، وأن هذه الثغرة القانونية ستؤدي إلى براءة الرئيس.
وطالب الجيش بالتدليس، وبناء سجن وهمي داخل قاعدة أبي قير البحرية التي كان مرسي محتجزا فيها، وطالبهم بتزوير الأوراق الرسمية، والادعاء بأن هذا المكان هو سجن سري تابع للداخلية.
يشار إلى أن لدى بركات ثلاثة أبناء، أحدهم هي ابنته "مروة"، التي تم تعيينها في منصب وكيل نيابة قبل أشهر قليلة، أثناء وجوده في منصبه، في ترسيخ للفساد داخل السلطة القضائية، بتعيين أبناء القضاة، نوعا من المجاملة والواسطة.