قال رئيس الحكومة
التونسية،
الحبيب الصيد، خلال لقاء تلفزيوني مع القناة الوطنية (حكومية)، بثته الثلاثاء، إن محاربة
الإرهاب تحتاج لطول النفس، ودعا المواطنين التونسيين لمعاضدة جهود المؤسسة الأمنية والعسكرية عبر الإرشاد والحيلولة دون أن تكون لمن سماهم "الإرهابيين" حاضنة شعبية، خاصة مع حلول شهر رمضان، الذي عرفت فيه تونس عمليات مسلحة في السنوات الماضية.
ورأى الصيد أن بعض الاضطرابات والتحركات الاجتماعية تُشتت تركيز قوات الأمن وتدفعها للتدخل في أكثر من مكان، وأن من يرفعون السلاح في تونس اليوم يستغلون مثل هذه الأوضاع للقيام بعملياتهم الإجرامية، وفق تعبيره.
وفي تعليقه حول العمليات التي شهدتها محافظتا سيدي بوزيد (وسط) وجندوبة (الشمال الغربي)، الإثنين، قال رئيس الحكومة التونسية إن تغيير استراتيجية مكافحة الإرهاب والاعتماد أساسا على القدرات الذاتية للجهاز الأمني التونسي، وعلى المعلومات الاستخباراتية؛ كان فعالا في الفترة الأخيرة، ولكنه لن يمنع حدوث عمليات مماثلة، وأن عمليات جندوبة وسيدي بوزيد التي راح ضحيتها أربعة أشخاص من جهاز الحرس الوطني، تأتي في سياق الاستعداد لمجابهة "الإرهابيين"، كما قال.
ونفى الصيد وجود فتور في العلاقات مع الجزائر بسبب إعلان تونس حليفا غير عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفق ما روجته بعض وسائل الإعلام، وقال إن التنسيق الأمني بين البلدين مثالي، وتحدث عن وجود "تعاون متقدم بهدف حماية الحدود المشتركة" بينهما.
وحول الوضع الاجتماعي وارتفاع عدد
الإضرابات العمالية والاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها بعض المناطق في تونس، لم يستبعد الصيد وجود "أطراف" قد تكون وراء بعض الاضطرابات المبالغ فيها، وفق تقديره.
وقال الصيد إن الإضراب حق دستوري، وأن الحكومة اختارت نهج الحوار مع النقابات العمالية. وأشار إلى أن حكومته تسلمت مقاليد الحكم وسط مناخ اجتماعي متوتر أرجعه إلى امتناع الحكومة السابقة، برئاسة مهدي جمعة، عن فتح ملف المفاوضات الاجتماعية الخاص بسنة 2014.
ودعا الصيد مختلف الأطراف الاجتماعية لتفهم الوضع
الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، وقال إن الحكومة تستجيب للمطالب النقابية في إطار ما تسمح به الموازنات المالية للبلاد، وأنه من باب المسؤولية لا يمكن المضي في "زيادات اعتباطية في الأجور". وجدد تمسكه بقرار الحكومة السابق القاضي بخصم أجور أيام الإضرابات باعتباره تطبيقا حرفيا للقانون، حسب قوله.
وتحدث الصيد عن عزم حكومته على مقاومة التضخم وارتفاع الأسعار، ورأى أن حكومته نجحت في الحد من التضخم، وأن النجاح في هذا المجال سيغني البلاد من زيادات إضافية في الأجور.
وحول الحراك الاجتماعي والافتراضي الذي طالب بفتح ملفات الثروات الطبيعية، والتي حملت عنوان "وينوالبترول"، قال الصيد إن الحملة بنت مضامينها على ضوء تقارير مؤسسات تابعة للدولة، وهي دائرة المحاسبات والهيئة العليا للرقابة المالية، وأن هذه التقارير منشورة على الإنترنت، وبالتالي ليس للدولة ما تخفيه، حسب تعبيره.
وقال إن إنجاز هذه التقارير يعود إلى حرص الحكومة أيضا على هذا الملف، وأن الحملة تندرج ضمن المناخ الديمقراطي الذي تعيشه تونس وأنه يجب قبول كل الآراء.
من جهته، وفي تصريح لـ"
عربي21"، قال طارق الكحلاوي، عضو المكتب التنفيذي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض، إنه لا يوجد خلاف حول توجه مكافحة الإرهاب الذي أعلن عليه رئيس الحكومة، لكن هذا الملف يجب أن يعالج ضمن سياق الوحدة الوطنية.
ورأى الكحلاوي أن حوار رئيس الحكومة أحال على تعاطي مناسباتي مع ظاهرة الإرهاب، خاصة مع تزامن دعوته للحيطة واليقظة مع حلول شهر رمضان.
وأضاف: "نحن في حزب المؤتمر نجدد دعوتنا إلى مؤتمر وطني لمكافحة الإرهاب، تشارك فيه كل الأحزاب والمختصين، ونعتبر أن معالجة هذه الظاهرة يحتاج استراتيجية وطنية تفرض تشاركية في صياغتها" حسب تعبيره.
وحول المسألة الاجتماعية، قال الكحلاوي إن حزب المؤتمر يعتبر قرار وزير التربية النجاح الآلي لجميع تلاميذ التعليم الإبتدائي بعد قرار نقابة التربية مقاطعة الامتحانات، هروبا إلى الأمام ودفعا نحو الأقصى. وأوضح أنه كان حريا بالوزير أن يوسع المشاورات والمفاوضات مع الأطراف النقابية، ورأى أن "قرار التصعيد" مع النقابة يعد "عجزا" عن التعاطي معها.
وأضاف الكحلاوي أن الحكومة تحتاج أن تعدل رؤيتها للسياق الاجتماعي، وأن تحقق ما سماه "العدل في التضحية"، معتبرا أن المطالبة بهدنة اجتماعية وتجميد رفع الرواتب لموظفي الدولة، يجب أن يصحبه تضحية من قطاع رجال الأعمال.
وأشار إلى أن الإصلاحات الكبرى التي شرعت فيها الحكومة بخصوص المسألة الاقتصادية، سواء من خلال إعادة النظر في مجلة الاستثمار أو قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص، أو الإصلاحات البنكية، ومسألة التهرب الضريبي، تُحيل على ميل الحكومة لقطاع رجال الأعمال، وهو ما يمنع تحقيق الهدنة الاجتماعية التي لا يمكن أن تتوفر إلا ضمن سياق عدل اجتماعي، وفق تعبيره.
وختم الكحلاوي حديث مع "
عربي21"؛ بالتعبير عن وجود إحساس عام بأن هذه الحكومة تفتقد إلى سند جدي من أحزاب الإئتلاف الحاكم، وهو ما يُؤكد تقدير حزبه بأنها وجدت لقضاء حاجة مؤقتة، حسب توصيفه.