نشرت صحيفة إلدياريو الإسبانية، تقريرا حول زيارة الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي لإسبانيا، وقالت إن السيسي زار إسبانيا بدعوة من الملك فيليب السادس، الذي نظم حفل عشاء على شرفه، رغم دعوات المنظمات الإنسانية الدولية للتحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وانتقدت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، الحكومة الإسبانية، لأنها أعطت الأولوية للمصالح الاقتصادية، وقررت وضع يدها في يد عبد الفتاح السيسي الذي نفذ انقلابا عسكريا في 2013، ومارس القتل والسجن والاضطهاد ضد الآلاف من المتظاهرين والنشطاء السياسيين، كما تقول الصحيفة.
وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مصري إسبانيا منذ سنة 2006. وقد كان رئيس الوزراء الإسباني مانويل راخوي في استقبال الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي وصل للحكم بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي يواجه حكما بالسجن لمدة عشرين سنة.
وأضافت الصحيفة أنه في الرابع عشر من تموز/ يوليو 2013، بعد أيام من الانقلاب الذي نفذه الجيش في مصر، قرر السيسي استعمال القوة لفض اعتصام في ميدان رابعة في القاهرة، التي تجمع فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين للاحتجاج. وأكدت أن قوات الأمن قتلت في تلك العملية 817 شخصا وجرحت 4 آلاف، في مرحلة تعد الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث، بحسب الصحيفة.
وأضافت أن تلك الحادثة المعروفة "بمجزرة رابعة" تمت إدانتها من عدة منظمات دولية مدافعة عن حقوق الإنسان، على غرار منظمة هيومن رايتس وتش، التي دعت لفتح تحقيق حول ارتكاب السيسي لجرائم ضد الإنسانية، وتحميله المسؤولية المباشرة على ما حدث.
وقالت إنه بعد سنة من الانقلاب، فاز السيسي في انتخابات لم يشارك فيها الكثيرون، لأنهم اعتبروها مهزلة على اعتبار أن حزب الحرية والعدالة الذي يمثل تيار الإخوان المسلمين مُنع من المشاركة منها. وأضافت أن الملاحقة التي يتعرض لها أعضاء هذا الحزب الذي تم منعه من النشاط، أدى إلى نتائج مقلقة في المنطقة بأسرها، لأنها دفعت بالكثيرين للجنوح نحو التطرف.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة المصرية قررت استعمال سياسة اليد الحديدية لقمع أي اعتراض ضد الانقلاب، وأنه منذ مجزرة رابعة شهدت مصر مقتل 3 آلاف شخص على يد قوات الأمن، كما تم اعتقال آلاف آخرين بسبب مشاركتهم في المظاهرات أو القيام بأنشطة سياسية أو إعلامية. وأشارت إلى أن التنديد بهذا القمع الممنهج لم يتوقف من قبل المنظمات الحقوقية، التي نددت أيضا بالمحاكمات الجماعية وأحكام الإعدام التي شملت 720 شخصا في جلسة واحدة.
ورأت الصحيفة أن حكومة راخوي على ما يبدو لا تهتم بكل هذه
الانتهاكات، بعد أن كانت في السابق قد وقعت عدة اتفاقيات مع "الدكتاتور السابق حسني مبارك" للتعاون في مجالات الدفاع والبنية التحتية.
وقالت إن الملك الإسباني الذي اختار أن يستضيف السيسي ، لن يسأله عند تناول العشاء في القصر الملكي حول علاء عبد الفتاح مثلا، الناشط والمدون الذي يقضي حكما بالسجن لخمس سنوات لأنه شارك في مظاهرة.
وتساءلت: هل سيهتم الملك وزوجته الملكة ليتيسيا بهذه الوقائع؟ هل ستستضيف الملكة مثلا زوجة علاء عبد الفتاح لتحكي قصته، أو زوج شيماء الصباغ، الناشطة اليسارية التي قتلتها الشرطة في إحدى المظاهرات مؤخرا؟ وهل ستسلط الأضواء على الوضع الحقوقي المتدهور في مصر؟
وأجابت بأن هذه الزيارة لن تفضي إلى شيء من هذا، ولن تجعل الإعلام يوجه اهتمامه للقضايا الحقوقية، بل "ستسيل أنهار من الحبر حول طعام العشاء اللذيذ والمجاملات والعبارات الدبلوماسية"، لأن الإعلام الإسباني لن يطرح الأسئلة الحارقة حول العلاقة بين الحكومة الإسبانية والنظام العسكري المصري.