صحافة دولية

واشنطن تنسج شبكة شراكات أمنية لمواجهة الصين السائرة نحو القوة العالمية

يركّز المحللون الغربيون على السياسات التي وضعها شي منذ صعوده للسلطة في 2012- جيتي
يركّز المحللون الغربيون على السياسات التي وضعها شي منذ صعوده للسلطة في 2012- جيتي
قال موقع "بلومبيرغ" إن الولايات المتحدة نسجت شبكة من الشراكات الأمنية حول آسيا لمواجهة الصين.

وأضاف الموقع في تقرير أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن طورت شراكات منفصلة ولكنها متداخلة في آسيا، بما فيها التشارك الأمني مع "الرباعية" التي تضم الهند واليابان وأستراليا، وذلك حسب مسؤولين أمريكيين.

وتضم شبكة العلاقات شراكات ثلاثية بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وأخرى تضم اليابان والفلبين والولايات المتحدة. وتشمل الدفعة تقوية التشارك في المعلومات من خلال شراكات ثلاثية بين اليابان والهند وفيتنام، حسب المسؤولين الذين أضافوا أن التركيز هو على تعزيز قدرات الصمود أمام الهجمات الصينية على الإنترنت.

وتعرف الشراكات القوية الجديدة باسم رسمي وهو "علاقات التنسيق الاستخباراتية" وهي جزء يهدف إلى الحد من جهاز التجسس الصيني الصاعد، والذي وصفه تقرير للبرلمان البريطاني قبل فترة بأنه الأكبر في العالم. وتهدف الإدارة لتوسيع الصلات مع المنطقة وسط القلق من تهديد بكين.

وقال دانيال بيمان، المختص بالموضوع في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية بواشنطن: "يمكن للتنسيق الاستخباراتي أن يخدم كقوة مضاعفة مهمة" و"توسع حصيلة الجمع العام حيث يكون لدى دول مختلفة منفذ على الأسرار المختلفة في أنحاء مختلفة من العالم". ولم يعلق مكتب مدير الأمن القومي الأمريكي على العلاقات. وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن التعاون في المنطقة يشمل على التشارك في المعلومات ولم يعلق على علاقات محددة.

وبحسب السكرتير في الوزارة اليابانية للشؤون العامة نوريوكي شيكاتا، فإن اليابان تقوم بتقوية علاقاتها الأمنية مع الدول التي تشترك معها بالرؤية في آسيا ومنطقة الهند- الباسيفيك، بما في ذلك التعاون بالاستخبارات والمعلومات. ولم تعلق وزارة الشؤون الخارجية الهندية على التقرير وكذا كوريا الشمالية والفلبين واستراليا وفيتنام.

وأدى الحزم الصيني المتزايد في المنطقة إلى جانب تغييرات القيادة في بعض العواصم، دولا مثل كوريا الجنوبية والفلبين مستعدة أكثر للتعاون في الفترة الأخيرة، حسب قول المسؤولين الأمريكيين.

ويأمل بعض الشركاء من أن تقدم العلاقات لهم الأمن في حال انتصر دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية العام المقبل. ويقول المسؤولون إن التعاون المشترك والوثيق أدى لنتائج. ففي نهاية العام الماضي كانت الهند قادرة على وقف توغل صيني بمنطقة الهملايا، وهذا بسبب تقوية التشارك بالمعلومات الاستخباراتية مع الجيش الأمريكي. وفي أيار/ مايو 2022، أعلنت دول الرباعية في منطقة الباسيفيك عن معاهدة تقدم بيانات من أقمار اصطناعية للدول في منطقة المحيط الهادئ، مما يسمح لها بمتابعة الجماعات الصينية المسلحة وكذلك تهريب السمك والصيد غير القانوني.

وجاءت العلاقات الوثيقة مع اليابان في المنطقة بعدما رأته واشنطن حرصا من طوكيو على معالجة مظاهر القلق الأمريكية الدائمة بشأن قدرتها للحفاظ على أسرارها. ففي أيار/ مايو قامت قوة الفضاء الأمريكية بتسليم معدات حساسة لتتبع الأقمار الاصطناعية لليابان. وفي لقاء عقد الأربعاء بين وزير الدفاع لويد أوستن ونظيره الياباني مينورو كيهارا، تعهدا بعمل تحديث راديكالي لحماية المعلومات والقدرات السايبرية الأمنية وبمساعدة أمريكية.

ورغم اتساع مدى شبكة التعاون الأمني إلا أن المعوقات تظل قائمة، على الأقل قدرة أمريكا بالحفاظ على السر. ففي نيسان/ أبريل وجهت وزارة العدل اتهامات للجندي في الحرس الجمهوري جاك تيكسيرا، 21 عاما قام بطريقة غير قانونية بنشر معلومات سرية، بما فيها بيانات حساسة حول الغزو الروسي لأوكرانيا ومعلومات أن الولايات المتحدة تجسست على حلفائها مثل كوريا الجنوبية.

ويعلق موقع "بلومبيرغ" أن الشراكات هذه ستدعم ترتيبات التجسس المعروفة بـ"العيون الخمسة" والتي تضم الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزلندا وبريطانيا وكندا، والتي حولت تركيزها في السنوات الماضية لمراقبة الصين.

اظهار أخبار متعلقة


هل أخرج شي جين بينغ الصين عن مسارها نحو القوة العالمية؟
من جانبها نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقال رأي للكاتب روبرت ويتول ناقش فيه كتابا لسوزان شيرك بعنوان "تجاوز الحدود: كيف انحرفت الصين عن مسار صعودها السلمي" الذي سلط الضوء على تأثير سياسات شي جين بينغ على الصين كقوة عالمية والتحديات التي واجهته.

وقال ويتول إنه فيما يتعلق بكيفية تمكن الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ في غضون عشر سنوات فقط من تفكيك نظام القيادة الجماعية الذي صاغه دنغ شياو بينج بعناية، وإفساد علاقات الصين مع أغلب جيرانها، ووضع الصين على مسار تصادمي مع الولايات المتحدة، يركّز المحللون الغربيون بشكل عام على السياسات الاستبدادية التي وضعها شي جين بينغ منذ صعوده إلى السلطة في عام 2012، في المقابل يلقي الباحثون الصينيون باللوم على رد الفعل الغربي المبالغ به بدءا من سنة 2017 مع إدارة ترامب، الذي أوضح أنه يريد منع الصين من أخذ مكان الولايات المتحدة باعتبارها القوة المهيمنة على العالم.

في كتابها "تجاوز الحدود: كيف انحرفت الصين عن مسار صعودها السلمي"، تبحث سوزان شيرك عن تفسيرات من خلال الغوص في العديد من المجالات بالعودة إلى تاريخ الصين. وهي تركز بشكل خاص على عصر سلف شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني هو جينتاو الذي مهّد في نظرها لجزء كبير مما يحدث في عهد شي. تتابع شيرك السياسة الصينية منذ عقود، ولها منشورات مكثفة عن الصين، وترأس حاليًا مركز الصين للقرن الحادي والعشرين التابع لكلية السياسة والاستراتيجية العالمية في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو. وقد شغلت أيضًا منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المسؤول عن شرق آسيا والمحيط الهادئ.

يُنظر إلى هو جينتاو عموما باعتباره زعيما ضعيفًا فشل في مواصلة الإصلاحات التي استأنفها سلفه جيانغ تسه مين. وعادة ما تُعتبر فترة ولايته (2002-2012) "عقدًا ضائعًا". مع ذلك، تذكرنا شيرك بأن قسما كبيرًا من تجاوزات الصين الحالية بدأت في عهد هو. وقد تزايدت وتيرة تحصين الصين لنفوذها في بحر الصين الجنوبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبدأ خفر سواحلها في مضايقة سفن الدول الأخرى في عام 2006، وعززت الأزمة المالية العالمية ما بين 2008-2009 ثقة بكين وكانت بمثابة بداية لسياسة خارجية أكثر حزما.

تعزو شيرك هذه الأطماع المبكرة إلى عجز "هو" عن إدارة اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، الهيئة الأعلى لصنع القرار في الصين. وعندما تولى هو السلطة خلفا لجيانغ، قرر زيادة حجم اللجنة الدائمة من سبعة إلى تسعة، ورفع الرؤساء المسؤولين عن الأمن الداخلي والدعاية إلى اللجنة. ولكن على النقيض من أسلافه من ذوي الإرادة القوية، كان هو جينتاو ينظر إلى نفسه ببساطة باعتباره الأول بين أقرانه. وهذا جعل اللجنة الدائمة الموسعة غير فعالة وبلا قيادة. ونتيجة لهذا، فقد تصرف كل من أعضاء اللجنة الأقوياء الذين يشار إليهم غالباً باسم "التنانين التسعة"، بشكل مستقل لتوسيع إقطاعياتهم ومواردهم مع عجز هو عن السيطرة عليهم. وبدلاً من القيادة الجماعية التي قصدها دنغ، كان يُشار إلى اللجنة الدائمة في بعض الأحيان على أنها مجرد مجموعة من القادة.

تستشهد شيرك بأمثلة عديدة على ضعف التنسيق. وفي عام 2007، اختبر جيش التحرير الشعبي سلاحًا مضادًا للأقمار الصناعية بإسقاط أحد أقماره الصناعية، مما أدى إلى نشر الحطام وتعريض الأقمار الصناعية لدول أخرى للخطر. وعندما استجوبت الولايات المتحدة وزارة الخارجية الصينية، قالت إنه لا علم لها بالاختبار. وكان مستوى التنسيق ضعيفًا لاسيما في بحر الصين الجنوبي، حيث قامت وزارة الخارجية والبحرية وخفر السواحل ومجموعات صيد الأسماك التي تقودها حكومات المقاطعات بإثارة النزاعات بشكل مستقل باسم المصلحة الوطنية.

ومع بدء سياسة دنغ المتمثلة في "إخفاء القوة وانتظار الوقت المناسب" في الانهيار، كتبت شيرك أن هو عاد مرة أخرى إلى التركيز المفرط للسلطة على طريقة شي ماو. لقد ورث شي نظام حكم كان سيئ التنسيق ويتسم بتفشي الفساد، ولكن أسس التجاوزات والأطماع ظلت راسخة.

وحسب الكاتب يزخر كتاب شيرك بالكثير من المعلومات حول الأحداث التي وقعت خلال عهدي هو وشي التي تم الحصول عليها من مقابلات مع مصادر مطلعة داخلية. ويلخص فصل بعنوان "داخل الصندوق الأسود"، طريقة عمل النظام السياسي الصيني الذي يتسم بالغموض على غرار نظيره في كوريا الشمالية".

وفي عهد شي، اتّخذت السياسة الخارجية الصينية منحى متطرفا، وتم تشديد الإجراءات الأمنية ومكافحة الفساد، وتنامى جنون العظمة، مع تدافع الكوادر على جميع المستويات لإرضاء الزعيم. ومع استمرار شي في كبح جماح القطاع الخاص وتعثر الاقتصاد، تعمق الاستياء داخل الحزب الشيوعي الصيني.

التعليقات (0)