كتاب عربي 21

الخونة في ذكرى المذبحة

ساري عرابي
الذكرى العاشرة لمجرزة رابعة- عربي21
الذكرى العاشرة لمجرزة رابعة- عربي21
هل يشعر المرء بمرارة خيانته لنفسه وخذلانه لها كما يشعر بمرارة خيانة الآخرين له وخذلانهم له؟!

وكيف يخون المرءُ نفسَه؟!

يخون المرء نفسه حينما ينحطّ عن آدميته المكرّمة، إلى شيء من نزعات الهوى المدنّسة، ثمّ هو ولسطوة ما فيه من هوى لا يعمى عن رؤية الواضحات كما هي في الوجود فحسب، ولكنه فوق ذلك يفقد الإحساس بالوجع، بوجعه هو، لا بوجع المذبوحين، ولا يحسّ بناب هواه وهو يفترس مسعورا ما تبقى من آدميته، ليهدر كرامته، ويجعله هو وكل مسعور سواء، فيعدم بصيرته أو بعضها، ثم يعدم كرامته أو بعضها، ثم يعدم إحساسه بالكلية أو بعضه.

هل الظلم خفي ودقيق إلى هذه الدرجة، حتى يصبح قتل وحرق العزّل في الحرس والمنصة والنهضة ورابعة وغيرها، خاضعا للتحليل السياسي البارد، والمكايدة الفكرية البليدة؟! وهل هوية الذبيح، أو انحيازاته السياسية، أو تقديراته الخاضعة للنقد والاعتراض، وتصنيفنا له، ورأينا المزدري لأهليته الفكرية والسياسية والقيادية، يحول دون قدرتنا على رؤيته مظلوما بالفعل؟!

ذلك الذي تمنعه خصومته، كراهيته، تجربته الخاصة، مراراته القديمة، إحساسه بالتفوق المعرفي، نرجسيته المفرطة، تقديره لحدسه السياسي.. ذلك الذي يمنعه بعض من ذلك أو كله، من أن يرى الذبيح مظلوما كما هو، والذبّاح القاتل الظالم الآثم كما هو، دون لكن، فضلا عن دون انحياز جلي أو خفي للظالم، ألا يخون نفسه، ويهدر كرامته، ويتجرد من إحساسه، في الوقت الذي يعتقد فيه بأن الذبيح المظلوم ما وقع تحت المقصلة إلا لأن ذكاءه قد خانه، أو لأن غباءه قد أضلّه، فهو ظالم لنفسه إذ أوصلها إلى هذه الأحوال البائسة. ولكنه (أي ذلك الذي يخون آدميته) يغفل مرة أخرى، عن أن الذي يخونه ذكاؤه، أو يضله غباؤه، خير من ذلك الذي يخون آدميته، ويلوك فلسفته على أنقاض كرامته المهدرة، وإحساسه الميت!


هل الظلم خفي ودقيق إلى هذه الدرجة، حتى يصبح قتل وحرق العزّل في الحرس والمنصة والنهضة ورابعة وغيرها، خاضعا للتحليل السياسي البارد، والمكايدة الفكرية البليدة؟! وهل هوية الذبيح، أو انحيازاته السياسية، أو تقديراته الخاضعة للنقد والاعتراض، وتصنيفنا له، ورأينا المزدري لأهليته الفكرية والسياسية والقيادية، يحول دون قدرتنا على رؤيته مظلوما بالفعل؟! ويحول دون مساواته بالذبّاح السافر المكشوف بحجة "إنما قتلهم من غرر بهم، أو من ضللهم، أو من لم يكن أهلا لقيادتهم، أو من لم يفعل كذا وكذا من الخطوات السياسية الصحيحة التي نصحناه بها، أو لأنه هو هكذا، شيء من الماضي لا يصلح للمستقبل، فأي شيء يعني لو اجتث من الأرض؟!".

بعضنا لسبب ما، يعجز عن إدراك المعطيات في الواقع، وطبيعة التدافع وحجمه وموازين القوى فيه، فلا يرى إلا مظلوما أحمق قادته رعونته أو غفلته إلى مذبحته الدامية، ولكن هل يعني كل هذا بالفعل، أن الظالم كفّ عن كونه ظالما؟! وأن القاتل ليس هو القاتل؟! وإنما القتيل هو من أحرق نفسه بعد أن قتلها ثم جرّفها بالآليات ثم ألقى بها كشيء من النفايات المستقذرة؟! لأنه ببساطة من الإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون قد ظلموا أنفسهم بشتى أنواع الظلم، فلم يعد قاتلهم ظالما لهم، وليس آثما بقتلهم!

يمكن بالفعل حين إدانة الظالم، أن نتحدث عن أخطاء المظلوم وخطاياه، ويمكننا أن نفهم أن بعضنا لسبب ما، يعجز عن إدراك المعطيات في الواقع، وطبيعة التدافع وحجمه وموازين القوى فيه، فلا يرى إلا مظلوما أحمق قادته رعونته أو غفلته إلى مذبحته الدامية، ولكن هل يعني كل هذا بالفعل، أن الظالم كفّ عن كونه ظالما؟! وأن القاتل ليس هو القاتل؟! وإنما القتيل هو من أحرق نفسه بعد أن قتلها ثم جرّفها بالآليات ثم ألقى بها كشيء من النفايات المستقذرة؟! لأنه ببساطة من الإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون قد ظلموا أنفسهم بشتى أنواع الظلم، فلم يعد قاتلهم ظالما لهم، وليس آثما بقتلهم! هل نعجز بالفعل عن اتخاذ موقف أخلاقي بصرف النظر عن الموقف السياسي أو التحليل السياسي أو الانحياز الإيديولوجي، أو الشعور بنوع من التفوق على المظلوم؟!

ومن ثم، فما الغرابة حينما نجد أحد "المُبجّلين" عندنا من أرباب الفكر، وأصحاب خطاب العدل، ودعاة الإحاطة والاستيثاق في المنهج، قد أيد انقلاب 30 كانون الثاني/يونيو -3 تموز/يوليو، ثم مضى ذمّا فيمن وقع عليهم الظلم، ثم لم يتراجع ألبتّة لأجل الحقيقة، ولأجل نفسه، حتى اللحظة، وإن تحدث عن المذبحة، فتلميحا يحمّل فيه الذبيح المسؤولية الكاملة عن دمه المسفوح، ثم لا يراه مظلوما؛ لأنه لا يراه إلا الفاعل الوحيد في الوجود ظلما في نفسه وظلما للآخرين، ويعجز عن رؤيته فاعلا بين فواعل، ومخطئا بين مخطئين، ومصيبا بين مصيبين، ذلك لأن الهوى يخلق لكل منا عقدته، والإسلاميون، أو الإخوان، عقدة بعض مثقفينا، بما في ذلك بعض المثقفين الإسلاميين، يرونهم شيئا لا يستحق إلا الازدراء والتجاوز، ومع ذلك فهذا الشيء عقدة يعجزون عن تجاوزها!

ثم بعد ذلك، كيف لنا أن نحترم امرأ يخون نفسه إلى هذه الدرجة؟! وكيف لنا أن نصدقه إذا حدثنا عن العدل والكرامة؟!

twitter.com/sariorabi
التعليقات (8)
"الخونة والأغبياء السلميين في ذكرى المذبحة"
الإثنين، 28-08-2023 05:01 ص
يجب أن يكون العنوان: "الخونة والأغبياء السلميين في ذكرى المذبحة"، لكي يكون الطرح موضوعيا. لم نعد نأكل من برسيم السلمية.
التجنيد مرفوض طول ما السيسي موجود
الإثنين، 21-08-2023 11:36 م
التجنيد خدمة لمصر مش خدمة لخاين عرص
مستقبل التيار الإسلامي "وجماعة الإخوان المسلمين" وحزبها "الحرية والعدالة"
السبت، 19-08-2023 05:55 ص
*** المقدام:- 5- وتظن أحزاب الأقلية بأنهم إن استأصلوا "جماعة الإخوان المسلمين"، فإن الشعب سينتخب بديلاً عنهم، الليبراليون العلمانيون، أو الاشتراكيون الماركسيون، أو القوميون العنصريون، أو مؤيدوا حكم بيادة العسكر، وهي أوهام لعلمانيين متغربين، وجاهلين بحقيقة هوية شعبهم، ومستخفين به، ومسايرة للحكومات الاستبدادية وحكم العسكر، رغم إدعائاتهم الكاذبة التي انكشفت بتأييدهم للمدنية والديمقراطية، واتهام الإخوان المسلمين وحزبهم بأنهم ضعفاء، وغير مؤهلين للحكم، هو اتهام مغرض فاسد أيضاً، فلو كانوا ضعفاء لكانوا تركوا ليسقطوا وحدهم، ولما تكالبت عليهم قوى الشرق والغرب، بمعونة عملائهم المندسين في الداخل، وهم الأخطر على مستقبل مصر، وهي دعوة كاذبة لعسكر الانقلاب، لتبرير استئثارهم بحكم مصر بالعنف لنهبها وبيعها ورهنها للأجانب، وهم الذين أثبتوا عبر تاريخهم أنهم حكام جهلة، وعملاء خونة، وجنرالات منهزمين، ولصوص فاسدين، ومفلسين وفاشلين، والانقلاب ومؤيدوه قد أفسدوا كل الحياة السياسية الديمقراطية في مصر، وإلا فقولوا لنا أين هو الحزب السياسي المنظم القوي الذي يحظى بتأييد الشعب المصري ويمارس نشاطه بحرية اليوم في مصر تحت حكم بيادة العسكر وزعيمه الجنرال السيسي المسخ دجال العصر؟ ولكن التيار الإسلامي بخير، ولو كره الكارهون، وفي غياب الديمقراطية، وتغييب ممثلي الشعب، أصبح على كل مواطن حر أن يتحرك بنفسه كفرض عين عليه، كلاً في مجاله، وفي حدود إمكانياته، لإنقاذ بلاده من الفاسدين المفسدين، والله وعد بنصرتهم، (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)، وانقلاب السيسي مصيره الانهيار الحتمي، بعد أن أفلس البلاد وأفقر العباد، وحول مصر لدولة فاشلة، بفساد أزلامه وداعميه ومؤيديه، وحينها سيرى (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ).
الفُجر في الخصومة السياسية لن يفيد أحزاب الأقليات
السبت، 19-08-2023 05:38 ص
*** المقدام:- 4- ومحاولة الطوائف وأحزاب الأقلية بموالاة حكومات العسكر المستبدة، واتهام "الإخوان المسلمين" بالإرهاب والعمالة والتزمت والرجعية والسذاجة والجهل والفساد، وغيرها من التهم الكاذبة الملفقة، التي تمليها الخصومة السياسية، لتبرير قمعهم واستئصالهم، هي محاولات فاشلة للنيل من ثقة الشعب المصري فيهم، فالتيار الإسلامي من نسيج شعبه، وواعي بمصالح بلاده، ومطلع على أوضاعها المعاصرة، وهو تيار مصري أصيل، ومتجذر في تاريخ مصر، ومعبر عن هويتها الحقيقية، وعامل على تحقيق مصالح شعبه، وقادر على التجدد ومواكبة العصر، فالإسلاميون ليسوا بالسفهاء ولا السذج، ولا يمكن خداعهم بالشعارات البراقة المنمقة المدعاة، ومحاولة استئصال "الإخوان المسلمين" من السياسة المصرية، بدعوى أنهم يتاجرون بالدين، هي دعوة مردودة على مخالفيهم، بأنهم أيضاً متاجرون بشعارات الوطنية والديمقراطية (كحزب مبارك المنحل)، والشعبية والاشتراكية (كحزب التجمع الماركسي)، والليبرالية العلمانية (كحزب الوفد المؤيد لحكم انقلاب العسكر)، وقد أثبتوا كذب شعاراتهم بأنفسهم وأفعالهم، بتأييدهم للانبطاح تحت بيادة استبداد العسكر، ومشاركتهم للانقلابيين في إفلاس مصر وإفقار شعبها، ورهنها للأجانب، وما زالوا يعينون أنفسهم أوصياء على الشعب المصري والمتحدثين باسمه، ويدعون كذباً بأنهم أدرى بمصلحة الشعب المصري منه، وهي الدعوة الكاذبة المغرضة لكل نظام دكتاتوري استبدادي عميل فاسد فاشل.
الإخوان المسلمين هم التيار السياسي الإسلامي الوطني الوسطي المعتدل الوحيد في مصر
السبت، 19-08-2023 03:45 ص
*** المقدام:- 3- جماعة "الإخوان المسلمين" وحزبهم السياسي "الحرية والعدالة"، كأي تنظيم أو حزب سياسي، فعدد مؤيديه من جماهير الناخبين من الشعب المصري، يبلغ ما يزيد عن عشرة أضعاف أعضاء الحزب النظاميين العاملين، وهم الذين نشأ منهم تنظيم "الإخوان المسلمين"، وهم غالبية الشعب المصري الذين اختاروا الرئيس الشرعي الشهيد "محمد مرسي"، والإخوان يستمدون مكانتهم وقوتهم والثقة فيهم من مدى التأييد الشعبي لدعوتهم الوطنية الوسطية المعتدلة، وهم سبب استمرارية وتجدد حيوية "الإخوان المسلمين" كتنظيم سياسي، رغم كل ما نالهم من قمع من السلطات المستبدة الفاسدة، لكونهم يمثلون المعارضة الحقيقية لهم، "والإخوان المسلمين" قد أثبتوا على مدى عقود في كل انتخابات نقابية أو برلمانية أو رئاسية، أن شعبيتهم تتزايد، كما أظهرتها نتائج الانتخابات التي تمت بعيداً عن تزوير السلطة في السنتين التاليتين لثورة يناير 2011، وهي الانتخابات التي تمت في فترة حكم المجلس العسكري الأعلى الذي عينه مبارك وتحت إشرافهم، وقوة الإخوان المسلمين وحزبهم "الحرية والعدالة"، تنبع من كونهم التنظيم السياسي الذي نجح في اكتساب ثقة الاتجاة والتيار الإسلامي الممثل لما يزيد عن نصف الشعب المصري، الداعمين لدعوة الإخوان المسلمين والمؤيدين لها، وكل الاتهامات الباطلة التي توجه إليهم من منافسيهم، يحق فيها القول: "وإذا أتتك مذمتي من ناقص.. فهي الشهادة لي بأني كامل."، فلا تقبل شهادة من كذبة فجرة مجرمين، ومن قضاة مزورين منبطحين تحت بيادة العسكر، من عصابة انقلاب السيسي وداعميهم، قتلة المتظاهرين السلميين من الشعب المصري. ملحوظة: الكاتب ليس عضواً في جماعة الإخوان، ولا محسوباً عليهم، بل كان في أحيان ناقداً لهم، والله أعلم بعبيده.