كتاب عربي 21

من كَشَفَ عليه إذًا؟

شريف أيمن
يُقحم السيسي نفسه في كل صغيرة وكبيرة- جيتي
يُقحم السيسي نفسه في كل صغيرة وكبيرة- جيتي
نشرت قناة الرئاسة المصرية على موقع "يوتيوب"، لقاء رأس الدولة بمرشحين لتولي وظائف حكومية في درجات وظيفية ليست في أعلى السلم القيادي، في وزارة التربية والتعليم، وسبق نفس اللقاء منذ أسابيع قليلة مع موظفي وزارة النقل، وخرج بعدها الجنرال الذي يرأس الوزارة ليقول: إنهم يقولون إننا نُعسكِر وزارة النقل، نعم نحن نعسكرها. وهي مرحلة من المكاشفة اعتاد المصريون على تسميتها "بجاحة" لأنها صراحة ترتبط بفعل غير محمود.

جاء في تصريح المتحدث باسم الرئاسة: "أجرى سيادته حوارا مع المتقدمين، للتعرف على رؤاهم وأفكارهم بشأن الوظائف المتقدمين للالتحاق بها، والجهود الجارية لتحقيق التنمية في جميع القطاعات بالدولة". وتابع بأن رأس النظام "أكد حرص الدولة على اتباع أعلى المعايير العلمية والفنية لانتقاء أفضل العناصر والكوادر البشرية للوظائف العامة، بعد اجتيازهم للتدريب والتأهيل الشامل الذي يعده المتخصصون، بما يتناسب مع طبيعة عملهم والوظائف المتقدمين للالتحاق بها، وذلك في إطار رؤية الدولة لتطوير مستوى الأداء الحكومي وتهيئة البيئة الملائمة لإطلاق إمكانات الشباب، وتوفير الظروف المناسبة لهم علميا وتكنولوجيا وفنيا وعلى جميع الأصعدة، بما يسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات العامة المقدمة للشعب المصري".

أمَّا صدْر التصريح فقد أوضح أن التدريب كان بالتعاون مع "الأكاديمية العسكرية المصرية"، وأوضحت الصور أن رأس النظام كان جالسا وسط لفيف من الضباط يفوق عددهم عدد الشخصيات المدنية المعنيَّة بالمسألة ابتداء. وهنا نقف أمام أسئلة مثل:

لماذا ينشغل رأس الدولة بمثل هذه اللقاءات، والدولة غارقة في أزمة تحتاج إلى لقاءات مع متخصصين لحل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لا حصر لها؟

لماذا ينشغل رأس الدولة بمثل هذه اللقاءات، والدولة غارقة في أزمة تحتاج إلى لقاءات مع متخصصين لحل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لا حصر لها؟

ولماذا تنعقد دورات تدريبية لموظفي القطاعات المدنية في المؤسسات العسكرية؟

ولماذا يَجُرُّ رأس الدولة معه وزير الدفاع وقيادات عسكرية في لقاءات تافهة؟

ولماذا يُشغل ضباطا ووزير الدفاع في هموم تدريب هؤلاء الموظفين؟

وما دور وزارة التربية والتعليم في رفع كفاءة موظفيها أو المؤهلين للوظيفة؟

ما دور وزير التعليم أصلا في ظل العسكرة؟

ما معنى أن يتعرض الموظفون المرشَّحون لما يسمى بـ"كشف الهيئة" الذي يتعرض له الطلاب الشرطيون والعسكريون قبل اختيارهم؟

ما هذه التفاهة؟

ما نفهمه من هذه التصرفات، التي يبدو أنها ستتكرر، أنه يريد أن يكون حاضرا في كل تفاصيل المشهد المصري بتنويعاته (الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والإنشائية.. إلخ) دون ترك مساحة عمل لأي طرف متخصص في مجاله، وهذا التوغل له خلفية في ثقافته المحدودة، فهو الذي يرى نفسه لديه القدرة على فهم كل شيء مستشهدا بقول الله "ففهَّمْناها سليمان"، وهو الذي يظن أن الدنيا تستمع له كما جاء في لقائه الشهير الذي زعم فيه أن أجهزة الدنيا والفلاسفة يستمعون إليه، وهو الذي قال إن رئيس الدولة مسؤول عن كل شيء فيها، بما في ذلك العادات والقيم. فهو الذي يرى في نفسه ما لا يراه غيره، دون أمارة وحيدة على صدق دعواه عن نفسه.

هذا الذي يُقحم نفسه ومؤسسة الدفاع في كل صغيرة، ويجافي كل كبيرة، نجد فترة حكمه من أكثر فترات الحكم سوءا في تاريخ جمهورية ضباط 1952، فهو ليس الزعيم الذي حكم مصر في أوج قوتها السياسية والثقافية، فاستفاد من ذلك ونسب إلى نفسه زعامة المنطقة، وهو ليس الزعيم الذي حارب العدو وانتصر عليه واسترد الأرض بعد ضياعها، ورغم ذلك فهو يريد أن ينسب لنفسه تلك الزعامة والكاريزما بالجَبْر (كعادته في الجبر)، ويريد أن ينسب لنفسه الانتصار في حرب اخترعها وأسماها الحرب على الإرهاب، ومن جرأته يريد أن يقرنها بنصر 1973.

ما نفهمه من هذه التصرفات، التي يبدو أنها ستتكرر، أنه يريد أن يكون حاضرا في كل تفاصيل المشهد المصري بتنويعاته (الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والإنشائية.. إلخ) دون ترك مساحة عمل لأي طرف متخصص في مجاله، وهذا التوغل له خلفية في ثقافته المحدودة، فهو الذي يرى نفسه لديه القدرة على فهم كل شيء

يعلم القاصي والداني موقفه من التعيينات الحكومية، وتكراره الرغبة في خفض أعداد موظفي القطاع الحكومي، لكنه بدأ في إدخال موظفين بعد تكوينهم على هواه في المؤسسة الأمنية، وأصبح يريد إعادة إنشاء التنظيم الطليعي أو الاتحاد الاشتراكي (دون هيكل يربط أعضاءه). والمفارقة أنه بذلك يريد صناعة ما تُسمى بـ"الذئاب المنفردة"، على غرار تيارات العنف التي يصارعها، فالتنظيمات في الفترة الناصرية كانت لها قيادة هرمية تصدر منها التعليمات، واخترقت بأعضائها أجهزة الدولة، لكن صاحبنا يرتعد من التنظيمات، واحتمالية تغيُّر ولائها، فبدأ في صناعة "ذئاب حكومية منفردة".

بدأت الفكرة من أكاديمية الشباب، وبدأ هؤلاء الشباب في دخول مواقع قيادية بحجة "تمكين الشباب"، لكنهم كانوا مُصطفين على أعين الأجهزة التي قبلت دخولهم في رحابها، ثم نقلتهم إلى المناصب الوسيطة في كل القطاعات الحكومية، كما أصبحت المؤسسات قاطبة تدخل فيما تُسمى بشراكات مع وزارة الدفاع أو الداخلية، بحجة رفع الكفاءة الإدارية، أو تعلُّم أساسيات "الأمن القومي المصري"، ولا يدري المرء ما الذي يتعلمونه في محاضرات الأمن القومي؟ فصاحبنا فرَّط في أراض مصرية، وبالإضافة لمصريتها فهي ذات حيوية عسكرية، وفضلا عن هاتين النقطتين فقد كان ثمن استردادها باهظا.

يقوم صاحبنا بمواصلة الليل مع النهار لأجل أمرين؛ تأمين نفسه ومقعده الذي قال عنه بِغِلٍّ ظاهر: "لن أسمح لهم بالاقتراب من هذا الكرسي"، وكان يزعم أنه يتحدث عن فاسدين، والثاني، لإفساد كل ما تطاله يده من مقومات الدولة. فقد تحولت مصر في عهده لدولة تابعة بصورة واضحة، وأساس هذه التبعية المال لا المصلحة المشتركة، ولا يمكن نسيانه في أحد المؤتمرات وهو يقول: "الفلوس، أهم حاجة في الدنيا الفلوس"، فهو دوما ما يكشف عن ضعف نفسه وعُقدها التاريخية دون قصد، كحديثه "عن ضرب الأطفال له"، و"الضابط النتن"، والجوع في بداياته (ثلاجة المياه الشهيرة)، وطبعا "الفلوس".

إزاء هذه الحالة النفسية ذات الرواسب الكريهة، وهذا الإصرار على القيام بكل الأدوار، يقفز إلى المشهد سؤال في التاريخ، من الذي قام بالكشف عليه وأجازه لدخول المؤسسة العسكرية؟
التعليقات (3)
واحد من الناس
الأربعاء، 24-05-2023 03:47 م
سبحان الله... كل ماكانوا يتهمون به الرئيس مرسي يفعلونه الان و يتفاخرون به من بيع البلد بالقطاع و الجملة لعسكرة كل شيى في البلد حتى المزارع و الأفران و صالات الديسكو .... العسكر لا يرون الا انهم فقط من يحملون السلاح و على الجميع أن يخضعوا لهم..... لما أصبح حسن ابن الجنايني ضابط ماصدقش نفسه الا لما يقتل و لا يجد من يحاسبه.... جنون العظمة عندما يقترن بالغباء و الجهل في عقول هؤلاء يجعلهم مثل السيسي يتخلون أنفسهم أنبياء او حتى انصاف آلهه
محمد غازى
الجمعة، 07-04-2023 07:11 م
لا أدرى ما إقترفه ألشعب ألمصرى ألطيب حتى يبتليه ألله بمثل هذا ألرئيس ألقزم ألرخيص! شاهدت صورة له مع ولى ألعهد ألسعودى محمد بن سلمان، ينظر لمضيفه وكأنه يقول "لله يامحسنين" أقول للسيسى، مهما كانت أوضاع مصر، لا يمكن أن يصل ألحال برئيسها أن يستجدى ألعرب ألآخرين، ويحافظ على كرامة مصر. كان ألله بعون أهلنا فى مصر ألحبيبة، على مثل هذا ألواطى ألمنحط ألمسمى سيسو!!!!!!!!!!!!!
متابع
الخميس، 06-04-2023 12:11 ص
ربما عملوا له كشف عذرية..!!