صحافة دولية

صحيفة فرنسية: كيف يستعد الأسد للعودة إلى الساحة الدولية رغم المجازر؟

أفادت الصحيفة أن دمشق تحرز تقدمًا تلو الآخر على الصعيد الدبلوماسي- رئاسة النظام السوري
أفادت الصحيفة أن دمشق تحرز تقدمًا تلو الآخر على الصعيد الدبلوماسي- رئاسة النظام السوري
نشرت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن سيناريو عودة رئيس النظام السوري، بشار الأسد إلى ساحات السياسة الدولية من جديد. 

وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن بشار الأسد يعود للساحة الدولية خطوة بخطوة دون الشعور بالقلق بشأن الجثث الموجودة على جانبي طرقات سوريا التي لا يزال يتصاعد منها أعمدة دخان الحرب.

فبعد مرور اثنتي عشرة سنة من الحرب ومقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد 13 مليونًا؛ يواصل الديكتاتور السوري رحلته نحو إعادة التأهيل الدولي، ولعل هدفه يكمن في أن يعترف العالم كله بانتصاره.

وأضافت الصحيفة أن هذا السيناريو غير مطروح للنقاش بالنسبة للغرب رغم صعوبة تجاهل الوقائع في الكواليس؛ حيث نقلت عن مصدر إسرائيلي قوله في تشرين الثاني/ نوفمبر إن "الأسد ربح الحرب على الأرض وعلينا التعامل مع هذا الواقع". ويسيطر اليوم النظام على نحو 70 بالمائة من الأراضي السورية بفضل دعم عسكري من إيران وروسيا ويستعد بصبر للخطوة التالية.

اظهار أخبار متعلقة


إيماءة أردوغان للأسد

وأفادت الصحيفة أن دمشق تحرز تقدمًا تلو الآخر على الصعيد الدبلوماسي، فقد استأنف النظام السوري الاتصال منذ سنة 2018 مع الإمارات شديدة النفوذ كما ترغب بعض دول جامعة الدول العربية في إعادة اندماجها على الساحة الإقليمية. أما في الوقت الحالي؛ فقد تواترت الإشارات الإيجابية التركية تجاه سوريا.

وفي هذا الصدد؛ التقى وزراء سوريون بنظرائهم الأتراك في موسكو لمناقشة تطبيع محتمل للعلاقات في شهر كانون الأول/ديسمبر ولأول مرة منذ بداية الحرب. والأهم من ذلك؛ لمّح رجب طيب أردوغان في أوائل شهر كانون الثاني /يناير الماضي أنه قد يلتقي بشار الأسد في الأشهر المقبلة.

وبحسب الصحيفة؛ فمن المتوقع أن يشكّل عقد قمة مع الرئيس التركي، الخصم الرئيسي للديكتاتور السوري منذ فترة طويلة وممول ومدرب الجماعات المتمردة في سوريا، نقطة تحول مذهلة في هذا الملف، وقد أفاد كريستوفر فيليبس، باحث في شؤون الشرق الأوسط بجامعة الملكة ماري بلندن، أن "الطريق لا يزال طويلا أمام المصالحة الكاملة بين دمشق وأنقرة. لكنها ستكون خطوة جوهرية نحو إعادة تأهيل بشار الأسد. وبالتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ تشكل تركيا العقبة الرئيسية أمام عودة سوريا إلى الساحة الإقليمية والدولية".

ويدين التحول التركي بالكثير للتقويم الانتخابي؛ حيث يواجه أردوغان في شهر يونيو/ حزيران القادم انتخابات رئاسية دقيقة، مع استطلاعات للرأي معاكسة تتزامن مع السقوط الحر لاقتصاده. علاوة على ذلك؛ ستكون مسألة الهجرة، حيث يوجد أربعة ملايين لاجئ سوري على الأراضي التركية، مسألة محورية في هذه الانتخابات، فقد وعدت المعارضة الموحدة ضد أردوغان بالفعل، في حال فوزها، باستئناف الاتصال مع بشار الأسد لإعادة المهاجرين السوريين إلى بلادهم.

وأوضحت الصحيفة أنه بخلاف اللاجئين؛ يحتاج الرئيس التركي أيضا إلى دعم النظام السوري أو على الأقل موافقته الضمنية لشن هجوم عسكري ضد الأكراد في شمال سوريا. وقد وعد أردوغان بعملية عسكرية برية ضد الجماعات الكردية التي تسيطر على شمال سوريا لعدة أشهر وتحديدًا منذ هجوم إسطنبول في 13 تشرين الثاني /نوفمبر الماضي. 

وتهدف العملية إلى إسعاد القوميين الأتراك ولكن أيضًا لتقسيم المعارضة المشتركة بين حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، والكماليّين المؤيدين لمثل هذا التدخل. باختصار؛ إنها خطوة تكتيكية جديدة من قبل أردوغان الذي لا يمكن التنبؤ بما يفكر به.، بحسب الصحيفة.

وعلق الكاتب فابريس بالونش: "يتحرك الروس أيضا من خلف الكواليس. في الوقت الراهن لا خيار أمام الأسد غير الخضوع  بالنظر إلى أن الحرب استنزفت قواه وعدم تسجيل الاقتصاد السوري أي نمو، جنبًا إلى جنب مع تنامي الاحتجاجات بسبب غلاء تكلفة المعيشة. في الحقيقة؛ لا يقدم الروس خدماتهم مجانًا بل يمارسون ضغطًا على النظام السوري من أجل قبول الشروط التركية التي تخول إنشاء جبهة موحدة تجمع موسكو وأنقرة ودمشق، موجهة بشكل أساسي ضد الأكراد".

وبسبب تورطه في الحرب الأوكرانية؛ يجد بوتين نفسه مضطر لإرضاء نظيره التركي، الذي يعارض دخول السويد وفنلندا إلى حلف الناتو.

وتشير الصحيفة إلى نفاد صبر موسكو بسبب تفشي الفساد داخل النظام السوري ورغبتها في تسريع عائد الاستثمار؛ ففي حال عدم خروج دمشق من العزلة الدولية، فإن مسألة إعادة بناء سوريا ستترك على الرف، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على إيران، التي تستميت في تمويل النظام السوري، والتي تعيش على وقع احتجاجات جماهيرية منذ أيلول/سبتمبر من العام الماضي. وفي سياق متصل؛ يعتزم وزير الخارجية الإيراني زيارة أنقرة الثلاثاء المقبل من أجل تعزيز التقارب التركي السوري.

اظهار أخبار متعلقة



في هذا الخصوص يتابع بالونش قائلًا: "من الناحية الموضوعية؛ الأسد هو الحلقة الأضعف ويخدم التوصل إلى اتفاق مع تركيا مصالحه، لكن هذا دون الأخذ بعين الإعتبار نفسيته ونفسية المواطن السوري بشكل عام. على مدى عقود من الزمن؛ اشتهر السوريون بخلق رهانات على جميع الجهات؛ حيث يعود اقترابهم من تركيا، أو التظاهر بالتقرب من تركيا، إلى إدراكهم حقيقة إزعاج ذلك للإمارات والسعودية، اللتين تعارضان توسع النفوذ التركي في المنطقة. وبناء عليه، يسعى الأسد إلى الاستفادة من القوى المتنافسة فيما بينها".

وبحسب بالونش فإن سياسة المناورات التي يمتهنها الأسد قد تضمن حضوره قمة جامعة الدول العربية المقبلة، التي ستحتضنها الرياض في الربيع المقبل.

التطبيع مستحيل مع الغرب

وتابعت الصحيفة مع كريستوفر فيليبس الذي قال: "من غير المستبعد عودة الأسد إلى اللعبة الإقليمية؛ لا سيما أن تاريخ الشرق الأوسط زاخر بمثل هذه المواقف. على العكس من ذلك؛ بالنسبة للغرب يعتبر الأمر معقدًا ويبدو مستحيلًا خاصة في حال لم يقدم الأسد عروضًا ترقى إلى مستوى التحديات".

والجدير بالذكر أنه في بداية شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، عقب كشف أردوغان عن احتمال عقد لقاء مع الأسد، استبعدت الولايات المتحدة تطبيع العلاقات مع النظام السوري معبرة عن عدم دعمها لمثل هذا التقارب تحت أي ظرف كان. 

وفي نهاية التقرير نوهت الصحيفة إلى أنه رغم إقناع بعض دول جنوب أوروبا قبل عامين بالتعاون الخفي مع دمشق، غير أن الأزمة الروسية الأوكرانية غيرت الموازين وجعلت من تطبيع العلاقات مع دولة تسيرها روسيا أمرًا مستحيلًا.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

التعليقات (1)
تيريز
الثلاثاء، 17-01-2023 12:04 ص
مع احترامي لصحيفة "لكسبريس" لكن المقال سطحي جداً. عائلتي من العائلات المعروفة في الطائفة العلوية، و قد عمل عدد كبير من أفراد عائلتي المقربين مع النظام لفترة طويلة.. و كل من يعرف نظام الأســـد يعرف أنه لم يخرج من اللعبة حتى يعود إليها. فالدول الغربية و العربية تؤيد بشــار الأســـد بشــــكل مطلق، مع استثناءات بسيطة. و كل ما يقال في الإعلام ضد نظام الأســـد هو للاســـتهلاك و للضحك على البســطاء.. نظام الأسد يؤدي الدور الموكَل إليه بكل حرفية، و منذ فترة طويلة.و الفرق بين الدول التي تدّعي عداوته أو صداقته هو كالفرق بين من يمارس الدعارة الســياسية في الســــر و بين من يمارسها في العلن!