هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دخل المرشحون للانتخابات الرئاسية بفرنسا، السبت، مرحلة الصمت الانتخابي بعدما كثفوا، في الساعات الأخيرة، تحركاتهم سعيا لإقناع وكسب الأصوات المترددة والمقاطعة.
ويمنع القانون الفرنسي خلال فترة الصمت الانتخابي على المرشحين عقد اجتماعات عامة وتوزيع منشورات والقيام بالدعاية عبر الإنترنت، ولا تُنشر أي مقابلة أو استطلاع للرأي أو تقديرات، حتى صدور النتائج الأحد عند الساعة السادسة عصرا بالتوقيت المحلي (ت.غ. +2).
ويتوجه الأحد 47.9 مليون ناخب فرنسي إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشح من ضمن الـ12 في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، التي من المرجح أن تجرى على دورتين.
من بين المتنافسين الستة الرئيسيين، ثلاثة مرشحين ينتمون إلى اليمين السياسي الفرنسي، وهم إيريك زمور ومارين لوبان وفاليري بيكريس واثنان ينتميان إلى اليسار، وهما جان لوك ميلنشون وياني جادو، فضلا عن الرئيس المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، الطامح إلى مواصلة البقاء في قصر الإيليزيه.
احتدام الصراع
أظهر آخر استطلاع للرأي بفرنسا، نُشر على الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي، مواصلة تقدم الرئيس ماكرون نوايا التصويت بـ27 بالمئة، متقدما بأربع نقاط فقط عن لوبان، في أقل فارق بينهما منذ انطلاق السباق الانتخابي.
وكسب ماكرون عديد النقاط مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا باعتباره ماسكا بالدبلوماسية الفرنسية، إلا أنه تراجع في التقدم بنوايا التصويت خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية تزامنا مع ما يُعرف بقضية "ماكنزي" بعد أن كشف مجلس الشيوخ عن اعتماد عدد من الوزارات لشركات عالمية لتقديم الاستشارة في الانتخابات من جانب حملة ماكرون، بدلا من اللجوء إلى شركات محلية ومتخصصين فرنسيين.
ويعيد تصدر ماكرون ولوبان لنوايا التصويت إلى الأذهان سيناريو انتخابات 2017، حيث حازا على المركزين الأول والثاني قبل أن يحسم الرئيس الحالي السباق في الدور الثاني.
وفي حال تكرار نفس المواجهة بين ماكرون ولوبان، فقد تتفكك "الجبهة الجمهورية" التي قطعت الطريق أمام مرشحة التجمع الوطني، في ظل تيار "مضاد للماكرونية" نشأ في صفوف الرأي العام خلال الولاية الرئاسية من خمس سنوات.
وحسنت لوبان، التي عملت على إظهار نفسها في موقع أكثر اعتدالا، ولو أن برنامجها يبقى راديكاليا في ما يتعلق بملفي الهجرة ومؤسسات الدولة، من تواجدها في المركز الثاني من نيات الأصوات، بنسبة 23 بالمئة في آخر ساعات الحملة الانتخابية، كأعلى نسبة لها منذ بداية فترة الدعاية.
وحاولت لوبان، ابنة جان ماري لوبان، إظهار حزبها بصورة أكثر اعتدالا مع شنها حملة مقنعة ركزتها على القدرة الشرائية التي يضعها المواطنون في أعلى سلم أولياتهم في حين يرتفع التضخم جراء الحرب في أوكرانيا.
اقرأ أيضا: اشتعال المنافسة بين لوبان وماكرون.. ما فرص فوزهما؟
أما ماكرون الذي اقتصرت حملته على الحد الأدنى، فيسجل انحسارا بالمقدار ذاته إلى 26 بالمئة من نيات الأصوات، قبل أن يصل إلى النقطة 27 مساء الجمعة.
ويتقلص الفارق أكثر في الدورة الثانية، إذ تشير التوقعات إلى فوز ماكرون على لوبان بنسبة 53 في مقابل 47 بالمئة، بالمقارنة مع 55 مقابل 45 بالمئة قبل أسبوع.
تقدم على حساب زمور
نجح مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلنشون في افتكاك المركز الثالث في نوايا التصويت من مرشح أقصى اليمين إيريك زمور، حيث تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن ميلنشون صعد إلى المرتبة الثالثة مع بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث يُتهم زمور بأنه أحد داعمي فلاديمير بوتين.
ويعتبر ميلنشون أوفر مرشحي اليسار الفرنسي حظاً لحجز مقعد في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، والأقرب لكبح جماح اليمين المتطرف، حيث يعد أحد أكبر المدافعين عن حقوق الأقلية المسلمة بالبلاد.
ويأمل زعيم حركة "فرنسا الأبية" في تحقيق المفاجأة بعد النسق المتصاعد الذي عرفته شعبيته، وزيادة التعبئة الشعبية لكبح صعود اليمين المتطرف على خلفية خطابات إيريك زمور، الذي وعد بطرد مليون مهاجر على الأقل من فرنسا.
ويعد المرشح اليساري أكبر مدافع عن حقوق وحريات الأقلية المسلمة للبلاد في وجه الهجمات العنصرية الشرسة التي تتعرض لها، ويحظى بدعم كبير من قبل الجاليات المغاربية بفرنسا.
ويسعى جان لوك ميلنشون صاحب الـ70 عاما إلى اختراق صفوف الرئيس المنتهية ولايته، ومرشحة اليمين المتطرف، مؤكدا أن سيناريو دورة ثانية بين ماكرون ولوبان "لن يحصل".
"مرشح المهاجرين المسلمين"
ويعتبر زعيم "فرنسا الأبية"، الذي يشارك للمرة الثالثة في الانتخابات الرئاسية، أحد أبرز الأصوات المعارضة القوية ضد سياسات الرئيس الحالي ماكرون التي تستهدف المسلمين، حيث شارك في أكثر من مرة خلال المظاهرات المناهضة للإسلاموفوبيا والعنصرية.
وتعهد ميلنشون بإلغاء أي تعديلات طرأت على قانون اللائكية الفرنسي لسنة 1905، كما أنه يتعهد بإلغاء قانون "الانعزالية الإسلامية" الذي سنته حكومة ماكرون ويتضمن اضطهادا مباشرا ضد المسلمين وشكلا مقننا من الإسلاموفوبيا.
ويحظى ميلنشون بتأييد كبير من قبل الجالية المغاربية بفرنسا، حيث أبرز استطلاع رأي أن 38 بالمئة منهم ينوون منحه أصواتهم، مقابل 25 بالمئة بالنسبة للرئيس ماكرون.
ويتضمن برنامج مرشح أقصى اليسار مخططا خاصا بالأحياء الشعبية والضواحي التي تقطنها شريحة كبيرة من الجاليات المغاربية والأفريقية.
اقرأ أيضا: كيف خدمت "أوكرانيا" ملفي الإسلام والهجرة بانتخابات فرنسا؟
وتعهد ميلنشون بمحاربة العنف البوليسي الذي يستهدف تلك الأحياء، كما العنف الاقتصادي والتمييز في الخدمات الاجتماعية، وإصلاح البنية التحتية من أجل تحقيق "جمهورية المساواة".
وأعلن أنه يخطط لإصدار "قانون طوارئ اجتماعية"، يتيح تجميد أسعار الضروريات الأساسية، بما في ذلك الوقود والغاز والكهرباء وبعض المواد الغذائية.
ويريد اليساري زيادة الحد الأدنى للأجور، وتقصير أسبوع العمل، وخفض سن التقاعد من 62 إلى 60، وضمان وظائف للجميع وإلغاء ديون القطاع العام، فضلا عن إلغاء خصخصة البنية التحتية، وزيادة الضرائب على الأغنياء، وكذلك الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (ناتو).