مقالات مختارة

خطورة ما يفعله نقيب الموسيقيين

رامي جلال
1300x600
1300x600

معركة ضد طواحين الهواء يقودها نقيب الموسيقيين، المطرب هاني شاكر، الذي تنوعت حججه في معاداة أغاني المهرجانات لأسباب نقابية وأخلاقية ووطنية. ولم نعد نفهم، بدقة، دور النقيب والنقابة، هذا فضلًا عن قدر لا بأس به من الارتباك الذي تسببه تصرفات يفعلها النقيب مثل: (منع مطربات من الغناء وإلغاء حفلات لهم بداعي قصر ملابسهن، أو رقصهن في أثناء الغناء، وكذلك إيقاف مغنين عن الغناء والسماح لآخرين دون معايير واضحة. مع إجراء تحقيقات وحفظها بدواعٍ مبهمة، تثير بعض الريبة لدى المتابعين، ويتناولها الخبثاء بالكثير من التحليلات التي لا تصب في صالح النقيب. فضلًا عن قبول دعوات الغناء في أماكن خارج مصر تدعو المغنين الموقوفين للغناء فيها، ليتشارك معهم خشبة مسرح واحدة، فهل يمكن أن يفعل هذا في مصر؟.


هناك مغالطة منطقية شهيرة تسمى مغالطة «رجل القش» (تُعرف كذلك بالمغالطة البهلوانية)، ويتم فيها إعطاء الانطباع بدحض حجة الخصم، في حين أن ما تم دحضه في الحقيقة هو حجة لم تُقدم من الأساس، ولذلك يقال إن مستخدم هذه المغالطة يهاجم رجل القش. تتحمل الحياة المواقف المركبة، بل وتحتم ذلك، وبالتالي من الممكن أن نتحفظ على أغاني المهرجانات، ونرفض في الوقت ذاته ممارسات النقيب الحالي.

 

لا وصايات على الفن، وليس على أي مبدع أن يراعى الحد الوهمي المسمى «الذوق العام» (لكن يجب على الجميع عدم خرق القوانين) وإلا ما تطور الفن ولا شهدنا أي إبداع. وقياسًا بملايين المشاهدات التي يحققها أصحاب المهرجانات، فقد أصبحوا هم أنفسهم يمثلون قطاعًا ضخمًا من هذا الذوق العام (وهذا لا يعنى بالضرورة جودة منتجهم). وبالتالي من العبث محاربتهم لتغيير أنماطهم الفنية، علينا فقط أن نشجعهم على تطوير هذا اللون في اتجاهات إيجابية.

 

لكن الأصل أن تقوم الجهات ذات الشأن جميعها بإنتاج المزيد من الأعمال مما قد توصف بالجيدة بناء على معايير منتقدي المهرجانات (التي هي انعكاس للمجتمع)، لتوازن تلك الأعمال الجديدة، بل وتُغرق، الأعمال الموصوفة بالسوء، بدلًا من انشغال النقيب بمعارك مفتعلة لن تؤدى إلا إلى زيادة رواج هذا النوع من الأغاني (وهذا ليس أمرًا سيئًا في ذاته، لكنها دعاية مجانية وإهدار للوقت والجهد). الناقد الكبير طارق الشناوي كانت له وجهة نظر مغايرة، خصوصًا بعد دعوة النقيب للغناء خارج مصر، مع إعلانه التحقيق مع أحد مؤدى المهرجانات، ثم حفظ التحقيق بعد ذلك.

 

يقول الشناوي نصًا: (قبل ثلاث سنوات أقام مهرجان «جرش» الغنائي دورته ولم يوجه الدعوة لأي مطرب مصري، أقام هاني شاكر الدنيا ولم يقعدها، متسائلًا: أين مصر وريادة مصر وآيا حبيبتي يا مصر». في العام التالي وجهوا إليه الدعوة للغناء هناك فتوقف تمامًا الحديث عن مصر وريادتها، اختصرها فقط في أن توجه الدعوة إليه وكأنها توجه إلى مصر، وما أشبه الليلة بالبارحة).. انتهى كلام الشناوي، لتبدأ الكثير من التساؤلات. محاكمة الفن بمعايير غير فنية، واستشراء ثقافة المنع والحجب وتفشى المظهرية الدينية والأخلاقية، لا يجب أن تكون أشياء عادية ومحببة ومستحسنة ومحمودة.

 

لو لم نقف في وجه هذا الأمر بحزم ووعى سنصل سريعًا لمراحل اجتماعية خطيرة يضع فيها الناس معاييرهم الخاصة للحكم على الأمور ثم يصدرون أحكامهم وينفذونها بيدهم. واجهوا الآن أو استعدوا في الشوارع.

 

(المصري اليوم)


0
التعليقات (0)