صحافة دولية

الغارديان: لماذا يريد ترامب إصدار "عفو" عن أصدقائه وأبنائه؟

يرى خبراء القانون أن العفو الذاتي ليس دستوريا لأنه يُحظر على الشخص أن يمارس دور القاضي على قضيته- جيتي
يرى خبراء القانون أن العفو الذاتي ليس دستوريا لأنه يُحظر على الشخص أن يمارس دور القاضي على قضيته- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا يناقش أسباب بحث إدارة دونالد ترامب في أيامها الأخيرة إصدار عفو عن عدد من المسؤولين والمقربين من الرئيس الأمريكي، وهو ما يمثل تحديثا للحدود السياسية والدستورية لسلطاته.

 

ونقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن تمارا سيتميير، مديرة الاتصالات السابقة الجمهورية في الكونغرس، قولها: "حقيقة أنهم أجروا هذا الحوار يكشف الكثير عن المستويات الجنائية التي يفكرون أنهم سيتعرضون لها"، في إشارة إلى ترامب والمقربين منه.

 

وأضافت: "لا تتحدث عن عفو إلا إذا كنت قلقا من ارتكابك أعمالا جنائية"، وهو ما يشير إلى عمل ترامب ضد شعاره الرئيسي كسياسي من خارج المؤسسة التقليدية: "تجفيف مستنقع" الفساد.

 

ومع أن توقيع الرؤساء مراسيم عفو في الأيام الأخيرة من فتراتهم أصبح طقسا معروفا، إلا أن ترامب، كما هو متداول، يفكر في التدخل بحالات عدة تضم مساعديه وأصدقاءه وأفرادا من عائلته، وجهت لهم اتهامات أو يواجهون مخاطر التعرض لتحقيقات قانونية.

 

وفي الشهر الماضي، أصدر ترامب عفوا عن مستشاره للأمن القومي السابق مايكل فلين، الذي كذب على مكتب التحقيقات الفدرالية (أف بي أي) حول محادثاته مع دبلوماسي روسي، وربما كان ذلك العفو هو البداية.

 

"عفو فاسد؟"

 

والأخطر في هذا السياق، ما تم الكشف عنه الأسبوع الماضي، حول وجود تحقيق بوزارة العدل عن خطة "رشوه للعفو" في داخل البيت الأبيض.

 

وتم الكشف عن محادثة بين روديو جولياني، المحامي الرسمي للرئيس، وتركزت حول عفو ترامب عنه، خاصة أن تعاملاته في أوكرانيا باتت عرضة لتحقيق محققين فدراليين.

 

ومن بين الذين يتوقعون الرحمات من ترامب حلفاء سابقون أدينوا في أعقاب تحقيق المحقق الخاص بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وهو التحقيق الذي اعتبره ترامب مزيفا وكاذبا.

 

ومن بين هؤلاء مدير حملته السابق بول مانافورت، وريك غيتس، والمساعد السابق في حملته جورج بابادوبولس.

 

وقال غيتس الذي أدين بجرائم مالية والكذب على أف بي أي: "أعتقد أن الرئيس يعرف جيدا وأكثر من أي شخص آخر المصاعب والحادث التراجيدي لتحقيق مولر، وكيف عانينا جميعا. وسأكون ممتنا بالعفو وآمل أن يفعل هذا الرئيس، وفي النهاية هذا هو خياره. ويسألني الناس: هل ستحصل على عفو؟ بالطبع وقطعا، ولم لا؟".

 

وأحد الأمثلة الأخرى مالدونادو- باسيج المعروف بجوي إكسوزيتك، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 22 عاما؛ لمحاولته استئجار قاتل للتخلص من غريمة له. وفي أيلول/ سبتمبر، قدم طلبا للعفو إلى وزارة العدل، بما في ذلك رسالة بخط اليد إلى ترامب، قال فيها: "امنحني معجزة".

 

اقرأ أيضا: صحيفة: قرارات ترامب بعد نتائج الانتخابات قد تقوده إلى السجن

 

أفراد العائلة

 

والعفو ليس مقتصرا على الأصدقاء ومن يناشدون الرئيس، بل قد يشمل العائلة، كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد سأل ترامب مساعديه إن كان يستطيع إصدار مراسيم عفو وقائية عن أولاده الثلاثة الكبار.

 

وربما ناقش المدافعون عن هذا أن أفراد العائلة ليسوا محرومين من حق العفو، ففي 2001 أصدر بيل كلينتون أمر عفو عن شقيقه روجر، المتهم بحيازة كوكايين في أركنساس.

 

ولم توجه اتهامات بعد لأبناء ترامب، ولكن كإشارة عن الأشياء المقبلة، قابل محامون ابنته ومستشارته إيفانكا للتحقيق بمزاعم إساءة استخدام أموال التبرعات لحفلة تنصيب والدها عام 2017.

 

ويقوم سايروس فانس مدعي عام منطقة منهاتن، وليليتا جيمس مدعي عام نيويورك، بالتحقيق بتزوير ضريبي يتعلق بمنظمة ترامب. وتم عزل ابنه، إريك، نائب المدير التنفيذي للشركة في تشرين الأول/ أكتوبر بسبب تورطه. 

 

ويمكن للرؤساء إصدار عفو عن الأشخاص الذين لم توجه إليهم تهم، مثلما فعل جيرالد فورد عن سلفه ريتشارد نيكسون عام 1974. لكن العفو يطبق فقط على الجرائم الفدرالية، ولا ينسحب على قوانين الولاية، ومن هنا فمحاولات ترامب لحماية عائلته تظل محدودة.

 

وقد يمكن لعفو الرئيس عن نفسه لحمايته من حالة فدرالية خطيرة، أي ما ورد في تقرير مولر من إمكانية تعويق مسار العدالة، لكن العفو عن النفس قد يفتح "علبة الديدان"، بحسب الصحيفة، ففي 2018 أعلن ترامب أن لديه السلطة المطلقة للعفو عن نفسه، لكن لا أحد من أسلافه حاول فعل ذلك.

 

ويرى "غيتس" أن العفو مبرر في ضوء ما يتعرض له ترامب من هجوم مستمر طوال فترة حكمه على مدى أربعة أعوام، بطريقة لم يتعرض لها أي رئيس ديمقراطي أو جمهوري بهذه الطريقة، وطوال التاريخ الأمريكي.

 

وقال: "بناء على هذا، لو كنت مكانه فسأفكر بجدية بهذا حتى تمنع أعداءك من ملاحقتك".

 

ويرى خبراء القانون أن العفو الذاتي ليس دستوريا؛ لأنه يُحظر على الشخص أن يمارس دور القاضي على قضيته. ويقول لورنس ترايب، أستاذ القانون الدستوري بجامعة هارفارد، إن "هذا بمثابة صفعة على الوجه، وضد الموقف العام المتفق عليه، وهي أن سلطة العفو لا يمكن استخدامها لارتكاب جرائم في المستقبل".

 

وأضاف: "المشكلة الأساسية هي أنه لو كان الرئيس قادرا على العفو عن نفسه فسيرتكب الجرائم، دون خوف من المحاسبة، وطوال فترة رئاسته، ويمكنه نهب خزينة الدولة ورشوة القاضي العام".

 

ورأى الآباء المؤسسون لأمريكا أن العفو هو طريقة لإظهار الرحمة بطريقة نوعية، لكن ترامب قد يقوض مصداقية هذا على المدى البعيد.

 

ويقول ديفيد سوبر، أستاذ القانون والاقتصاد بجامعة جورج تاون: "مجرد مناقشته أضعفت ثقة الرأي العام بهذه الصلاحية، ولكن لا سلطة للكونغرس كي يصدر تشريعا بهذا الصدد، والطريقة الوحيدة لإصلاحها هو تعديل دستوري".

التعليقات (0)