هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قبل توجهه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، بدأ رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، جولة خارجية في غرب إفريقيا تشمل زيارة دول غينيا وكوت ديفوار والسنغال.
وأكد خبراء ومختصون بالعلاقات الدولية والإفريقية أن الجولة التي يقوم بها غرب إفريقيا، تأتي في إطار البحث عن زعامة إقليمية، تمكنه من مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة ضد التعديلات الدستورية المرتقبة.
ويرى المختصون أن ربط الجولة الإفريقية بزيارة السيسي لأمريكا، في التاسع من نيسان/ إبريل الجاري، كان مقصودا، للتغطية على الاستدعاء الأمريكي للسيسي، باعتبار أن الزيارة لم تكن مدرجة على الأجندة الدولية لكل من مصر والولايات المتحدة.
ويشير المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" إلى أن العلاقات المصرية مع دول غرب إفريقيا ضعيفة، وليست هناك مصالح متبادلة مع الدول الثلاث باستثناء البعثات التعليمية لطلاب هذه الدول بالأزهر الشريف، بالإضافة للتبادل التجاري المحدود مع السنغال.
ولم ينف المختصون أهمية العلاقات المصرية الإفريقية، وأن الخطوات التي يقوم بها السيسي يمكن أن تزيل جزءا من جبل الجليد الذي أصاب هذه العلاقات خلال حقبة الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أنهم أكدوا أيضا أن تطوير العلاقات، لم يعد بالخطب الرنانة وإنما بالمشروعات التي يمكن أن تقدمها مصر لهذه الدول في إطار السباق الدولي الذي تشهده القارة من كل دول العالم.
اقرأ أيضا: هذا ما ينتظر السيسي بزيارته لواشنطن ولقائه ترامب
ليس اختراقا
من جانبه يؤكد خبير العلاقات الدولية أحمد عليوي لـ"عربي21" أن جولة السيسي الإفريقية، لها أكثر من قراءة، فهي تأتي في ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، كما أنها تأتي في توقيت التعديلات الدستورية، وهي مناسبة جيدة للسيسي لكي يظهر أمام الشعب المصري بأنه زعيم إقليمي يسير على درب جمال عبد الناصر، وبالتالي فإن التصويت لصالح التعديلات هو الخيار الأنسب من أجل استمرار مسيرة الزعيم الجديد.
ويضيف عليوي أن السبب الثالث، مرتبط بزيارة السيسي لأمريكا، حيث لم يعد خافيا أن الولايات المتحدة استدعت السيسي لعدة أمور منها صفقة القرن والجولان وليبيا على المستوى الإقليمي، والتعديلات الدستورية وملف حقوق الإنسان على الصعيد المحلي، وحتى لا يظهر السيسي في المشهد بالتابع للإدارة الأمريكية، لجأ لهذه الحيلة، بأن تكون الزيارة ضمن جولة خارجية لا تقتصر على الولايات المتحدة.
وعن تأثير الزيارة على العلاقات مع دول غرب إفريقيا، يؤكد الخبير الدولي أن دول غرب وشرق إفريقيا، احتلت المراكز الأولى ضمن الاقتصاديات الأكثر نموا بإفريقيا والعالم، وأصبحت قبلة للدول الكبرى للاستفادة من البيئة البكر والموارد الطبيعية، والتسهيلات التي تقدمها هذه الدول للمستثمرين الأجانب، ما جعلها تفتح أبوابها لكل الأطراف مثل إسرائيل والصين وروسيا، ومؤخرا تركيا وقطر والإمارات والسعودية، ولكن تظل دولة المغرب واحدة من أهم الدول التي مدت نفوذها داخل غرب ووسط وشرق القارة من خلال التنمية الاقتصادية التي تقدمها لهذه الدول.
وحسب خبير العلاقات الدولية، فإن احتفاء هذه الدول بالسيسي، يعد أمرا طبيعيا، لمكانة مصر الهامة لديها ولدى غيرها من دول إفريقيا وأمريكا الجنوبية، ولكن هذا الترحيب لا يعني أن مصر حققت اختراقا بملف العلاقات الإفريقية، أو أن السيسي أصبح زعيما قاريا كما يصوره الإعلام المصري، لأن ما يهم هذه الدول، هو ما تقدمه مصر من مشروعات وخدمات تساهم في زيادة النمو والتطور الذي يتحقق على أرض الواقع هناك.
اقرأ أيضا: هذه أسباب زيارة السيسي لواشنطن.. ما علاقة نتنياهو؟
سوق للسلاح
ويتفق المختص بالشؤون الإفريقية خالد التيجاني، مع الرأي السابق، بأن هدف الزيارة دعائي وليس استثماري، موضحا أن معظم المسؤولين الذين رافقوا السيسي أمنيون، ودبلوماسيون، رغم أنه كان يجب أن يصاحبه مجموعة من الوزراء المعنيين بالاقتصاد والاستثمار ورجال الأعمال المهتمين بأفريقيا، كما كان يفعل الرئيس السابق محمد مرسي في جولاته الخارجية.
ويؤكد التيجاني لـ"عربي 21" أن التطور الذي تشهده أفريقيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لا يمنح الفرصة لأنظمة مثل السيسي بأن تستغلها في صناعة الزعامة، لأن هذه الدول قفزت خطوات كبيرة للأمام في النمو الاقتصادي، وأصبح عدد الشركات الأجنبية العالمية الموجودة بها، يفوق مثيلاتها العاملة بمصر عدة أضعاف.
ولا يستبعد الخبير بالشؤون الإفريقية، أن تحقق الجولة مكاسب للجانب المصري، مثل كسر العزلة عن إفريقيا، وإعادة الدفء للعلاقات الثنائية مع عدد من الدول الهامة في محيطها الإقليمي مثل السنغال، ولكن هذا وحده ليس كافيا، لأن هذه الدول لم يعد يعنيها في مصر إلا الأزهر الشريف، الذي يحتل مكانة كبيرة لديهم، وهو ما لا يقدره نظام السيسي الذي يشن حربا ليست خفية على الأزهر وشيخه.
ويضيف التيجاني قائلا: "ما أعلنته الصحف المصرية بأنه ضمن أهداف الجولة، تقديم خدمات التدريب العسكري المصري لهذه الدول، يثير المخاوف من أن يكون هدف السيسي هو البحث عن أسواق لتصريف السلاح الذي يقوم بشرائه بشكل موسع، وفي هذه الحالة فإنه سيلقي رفضا من دول القارة التي أصبح الأمن والاستقرار أمورا لا تقبل فيها القسمة على اثنين".