هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تزال تداعيات القرار الإسرائيلي بالاستيلاء على نصف مليار شيكل (140 مليون دولار) من أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، تلقي بظلالها على تصريحات المسؤولين الفلسطينيين الذين حذروا من مخاطر هذه الخطوة على مستقبل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في المناطق الفلسطينية.
أبرز التصريحات ما جاءت على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال رامي الحمدالله، حين قال إن الخطوة الإسرائيلية "ستؤثر على الحالة الأمنية للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية في ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين وفرض إسرائيل حصارها على غزة".
ويفرض قرار الاحتلال الإسرائيلي تحديا حقيقيا أمام السلطة في متابعة الملف الأمني، خصوصا عند النظر إلى ما تمثله موازنة الأجهزة الأمنية من إجمالي الموازنة العامة، والتي وصلت في العام 2018 إلى 3.59 مليار دولار (مليار دولار)، صرف منها 2.8 مليار شيكل تحت بند الرواتب والأجور لأفراد قوات الأمن، وهو ما يعني استحواذ موازنة الأمن على ربع الموازنة العامة للسلطة التي بلغت 5 مليارات دولار.
ويفرض طلب السلطة عدم تلقي أي مساعدات أمريكية للأجهزة الأمنية خشية تعرضها للملاحقة من القضاء الأمريكي، حيث تقدر المساعدات الأمريكية للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية لمتابعة ملف التنسيق الأمني بنحو 60- 100 مليون دولار سنويا.
"لا خدمات مجانية"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال رئيس الدائرة العسكرية والأمنية في منظمة التحرير، صالح رأفت، إن "الخطوة الإسرائيلية ستنعكس على الحالة الأمنية في المناطق المشتركة، خصوصا أن السلطة مقدمة على إجراءات تقشفية لن تكون الأجهزة بعيدة عنها، ونحن بدورنا ملتزمون بالحفاظ على استقرار الأوضاع الأمنية وفق ما هو متوفر لدينا من إمكانات مالية".
وأضاف رأفت في حديث لـ"عربي21": "بعد القرار الإسرائيلي لن تكون هنالك خدمة أمنية مجانية، فإذا أرادات إسرائيل أن تحافظ على مستوى التنسيق الأمني كما هو الحال عليه الآن، فإن عليها أن توفي بمتطلبات واستحقاقات ما تمليه عليها الاتفاقات الموقعة بين الطرفين".
وتابع رأفت: "نحن ما زلنا في مرحلة دراسة الرد على القرار الإسرائيلي، فلدينا توصيات من المجلس المركزي بوقف كافة أشكال الاتصال والتواصل مع الطرف الإسرائيلي، وخلال الأسابيع القادمة سيتم تقييم هذه التوصيات واتخاذ ما يتلاءم مع المصلحة العامة سواء كانت لاعتبارات سياسية أو مالية نتيجة الأزمة المالية التي تسبب بها قرار احتجاز أموال المقاصة".
ويعد التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أحد البنود التي تضمنها اتفاق أوسلو الموقع في العام 1993، ويتم بموجبه تبادل المعلومات الأمنية بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلية، ومن ضمنها المعلومات المتعلقة بالعمليات التي تشن ضد الطرف الإسرائيلي.
النفوذ الإسرائيلي
إلى ذلك أشار اللواء المتقاعد والخبير العسكري، يوسف الشرقاوي، إلى أن "إقدام الطرف الإسرائيلي على خطوة حجز أموال المقاصة لن تظهر آثاره على الحالة الأمنية وفق المنظور القريب، فالسلطة بدورها معنية بإبقاء حالة التنسيق الأمني كحلقة اتصال مع الطرف الإسرائيلي، خشية استغلالها من الفصائل الفلسطينية في إنشاء قوة عسكرية قد تشكل تهديدا لمستقبلها".
وأضاف الشرقاوي في حديثه لـ"عربي21": "على الطرف الآخر عززت إسرائيل من حضورها الاستخباري في مناطق السلطة، حيث انتشرت كاميرات المراقبة التابعة لها في كافة شوارع ومفترقات الطرق الرئيسية، وهذا يعزز من جهودها في اكتشاف أي نشاط عسكري أو عملياتي يثير القلق".
في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، أن "السلطة ليس بمقدورها المساس بملف التنسيق الأمني فهي الوظيفة التي أنشئت من أجلها، حتى لو تعرضت لأزمة مالية نتيجة قرار إسرائيل بحجز أموال المقاصة".
ونوه قاسم في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "المتتبع لسلوك الإدارة المدنية الإسرائيلية يدرك أن دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية تراجع لصالح الطرف الإسرائيلي، حيث بات المنسق الإسرائيلي هو المسؤول المباشر عن متابعة كافة مناحي الحياة اليومية للمواطنين بما فيها الملف الأمني، وهذا ما ينفي وجود سيطرة حقيقية للأجهزة الأمنية في مناطق نفوذها".