نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا مشتركا لكل من مارتن شولوف وبيثان ماكرنان، من مخيم الحول للاجئين في سوريا، قابلا فيه امرأة أمريكية مسلمة عبرت عن ندمها للعيش داخل
تنظيم الدولة، وتريد العودة إلى بلدها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
هدى المثنى هي الأمريكية الوحيدة بين 1500 أجنبي وأجنبية في مخيم اللاجئين، وقال في المقابلة إنها "نادمة وبعمق" للسفر إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم الجهادي، وناشدت السماح لها بالعودة إلى عائلتها في ألاباما.
ويلفت الكاتبان إلى أن المثنى كانت من أكبر المحرضين على قتال الأمريكيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها تقول اليوم إنها ارتكبت خطأ كبيرا عندما تركت الولايات المتحدة قبل أربعة أعوام، مشيرة إلى أنها تعرضت لغسيل دماغ على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتنقل الصحيفة عن هدى (24 عاما)، حيث كانت تتحدث من مخيم الحول وابنها البالغ من العمر 18 شهرا يلعب عند قدميها، قولها إنها لم تفهم دينها بشكل صحيح، وإن أصدقاءها الذين كانت تعرفهم ظنوا أنهم يعرفون الإسلام عندما وقفوا مع تنظيم الدولة، وأضافت أنهم كانوا يعتقدون أننا "في حالة من الجاهلية، ثم جاء الجهاد إن أردت أن تصفها بهذه الطريقة.. اعتقدت أنني اخترت الصواب من أجل الله".
ويفيد التقرير بأن هدى تعد الأمريكية الوحيدة بين 1500 امرأة وطفل أجنبي في المخيم، الذي بات يعيش فيه حوالي 39 ألف لاجئ، ولا يبعد إلا مسافة قليلة عن ساحة المعركة الأخيرة مع تنظيم الدولة.
ويبين الكاتبان أن قصة هدى تتعقب منحنى القوس لصعود تنظيم الدولة الصادم ونهايته الصعبة، مشيرين إلى أن مثنى غادرت بيتها في ألاباما في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وسافرت إلى تركيا، وذلك بعد أشهر من التخطيط الذي أخفته عن عائلتها، وعاشت في مدينة الرقة، التي كانت واحدة من مركزين للتنظيم، والثاني كان مدينة الموصل في
العراق، حيث تزوجت من جهادي أسترالي، اسمه سوهان رحمان، وهو أول ثلاثة أزواج، وقتل رحمان في المعركة على مدينة كوباني، فكتبت تغريدة بعد ذلك، تقول فيها: "استيقظي أمريكا، أيها الرجال والنساء، فهناك الكثير لتعملوه وأنتم تعيشون في ظل العدو الأكبر، كفى نوما، اركبوا سياراتكم واسفكوا دمكم، أو استأجروا الشاحنات ودوسوا عليهم.. محاربون قدماء وقوميون اقتلوهم".
وتذكر الصحيفة أن هدى ظلت لمدة عام متحمسة وتدعو إلى سفك الدم، إلا أنها تقول اليوم إن حسابها على "تويتر" أخذه آخرون، لافتة إلى أنها بعد ذلك تزوجت من مقاتل تونسي، أنجبت منه ولدها آدم، وقتل زوجها في الموصل، وبعد ذلك تزوجت ولفترة قصيرة من مقاتل سوري العام الماضي.
ويورد التقرير نقلا عن مثنى، قولها إن عائلتها في ألاباما محافظة جدا، ووضعت قيودا على تحركاتها ومن تختلط فيهم، وهي عوامل تزعم أنها أسهمت في تحولها نحو التطرف، وأضافت: "لو أردت زيارة صديقاتك، كنت ممنوعة من هذا كله، ولهذا أصبحت متدينة، وغصت فيه عميقا، وعلمت نفسي بنفسي، وفكرت أن كل شيء أدرسه صحيح"، وتابعت قائلة: "أنظر الآن الى الخلف، وأعتقد أنني كنت متكبرة، وأنا الآن خائفة على مستقبل ابني، ولم يبق لدي أي أصدقاء لأنني كلما تحدثت عن قمع تنظيم الدولة خسرت أصدقاء، لقد تم غسل دماغي ولا تزال صديقاتي يعشن حالة غسيل دماغ".
وينوه الكاتبان إلى أن مثنى هربت قبل ستة أسابيع من بلدة سوسة، التي لا تبعد إلا قليلا عن خط القتال الأخير في باغوز، حيث نامت ليلتين في الصحراء مع آخرين هربوا من القتال، ثم ألقي القبض عليها ونقلت إلى مخيم الحول، حيث تختلط مع نساء وأرامل مقاتلي التنظيم من حول العالم، مشيرين إلى أنه لا يمكن للنساء مغادرة المخيم، ويتم نقلهن إلى الاجتماعات مع حراسة، ويحصلن عن طعام وبعض المساعدة.
وتقول الصحيفة إن الضغينة اعتملت في القلوب عبر أربع سنوات في داخل المخيم، فيما هناك تحالفات جديدة وعداوات أخرى، وقد انقسمت النساء الأجنبيات إلى ثلاثة أقسام: روسيات وتونسيات وبقية الأجنبيات.
وينقل التقرير عن معتقلة سويدية اسمها ليزا أندرسون، قولها إن "التونسيات والروسيات جعلن حياتنا جحيما.. لو تركت الخيمة دون النقاب، أو تحدثت مع الإدارة يضربنك أو يضربن أطفالك ويهددن بحرق خيمتك"، لافتا إلى أن ابنة ليزا البالغة من العمر عاما ماتت في المخيم قبل شهر، وهي تلقي اللوم على الخدمات الصحية السيئة.
ويذكر الكاتبان أنه للتأكيد على الوضع المأساوي لبعض أطفال التنظيم، فإن خديجة سليمان من جنوب أفريفيا قامت برعاية طفلين ألمانيين، ووالدهما معتقل في مركز آخر، أما والدتهما فهي ميتة، بالإضافة إلى أنها تعتني بيتيم فرنسي.
وبحسب الصحيفة، فإن مثنى تصف تجربتها مع تنظيم الدولة بأنها "لا تصدق.. هي مثل الفيلم، تقرأ كتابا وتعتقد أنك تعرف كل شيء، وأنا أشعر بالصدمة من التجربة، وجعنا وأكلنا الحشائش".
ويشير التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا الدول الغربية إلى إعادة أبناء وزوجات مقاتلي تنظيم الدولة، و"يبدو أنه يتجاهل حقيقة أن إدارته لم تظهر إلا حماسا قليلا لإعادة أي منهم".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول هدى مثنى إنها لم تتصل مع أي من المسؤولين الأمريكيين منذ اعتقالها، وأضافت: "سأقول لهم سامحوني لجهلي وكنت صبية وجاهلة في سن الـ19 عاما عندما قررت الهروب، وأؤمن أن أمريكا تعطي فرصة ثانية، وأريد العودة، ولن أعود مرة ثانية إلى الشرق الأوسط، ويمكن أن تحرمني أمريكا من جواز سفري ولن أهتم".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)