هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يستعد البرلمان التونسي مطلع هذا الأسبوع، للنقاش والتصويت على مشروع قانون مثير للجدل، يحدد بموجبه سقف "العتبة الانتخابية" إلى 5 بالمئة، ما اعتبرته المعارضة استهدافا مباشرا للأحزاب الصغرى والمستقلين وضربا للتعددية.
وكانت لجنة النظام الداخلي والحصانة، قد صادقت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، على مشروع قانون العتبة الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية، وعرضته الحكومة على البرلمان في إطار تنقيح القانون الانتخابي.
اقرأ أيضا: تونس.. الجبالي يترشح للرئاسة ويشارك في الانتخابات التشريعية
"ترشيد المشهد الحزبي"
وترى كتلة النهضة و"نداء تونس " والائتلاف الوطني" التي تدافع عن هذا المشروع بأن رفع العتبة من شأنه أن يقضي على التشتت الحزبي وأن يسهل تمرير مشاريع القوانين المعطلة بسبب عدم وجود أي كتلة برلمانية قادرة لوحدها على تمريرها بـ 109 أصوات.
واعتبر النائب عن الكتلة البرلمانية لحركة النهضة ناجي الجمل، في تصريح لـ"عربي21"، أن الرفع في سقف العتبة يهدف أساسا لدفع الأحزاب الصغرى نحو تجميع نفسها في كيانات سياسية كبرى وقوية للدخول للانتخابات التشريعية بشكل يرفع من حظوظها.
وتابع: "في جل الديمقراطيات في العالم أنظمة الاقتراع هي أنظمة أغلبية وبالتالي اتهامات بعضهم بالإقصاء والحديث عن مخاطر تهدد الديمقراطية عبر اعتماد قانون العتبة كلها اتهامات واهية".
ولفت محدثنا إلى أن هذا القانون سيساهم في عقلنة وترشيد المشهد السياسي، ودفع الأحزاب التي تجاوز عددها المئة بعد الثورة للتنظيم بشكل جدي ضمن أحزاب كبرى.
وسارع حزب المسار الديمقراطي المعارض، لنشر بيان عبر خلاله عن رفضه القاطع لما وصفه بـ"تغيير قواعد اللعبة الديمقراطية وذلك بضعة أشهر فقط قبل موعد الانتخابات".
وأشار إلى أن "اعتماد العتبة الانتخابية من شأنه أن يضرب مصداقية التمثيل النيابي ويكرس هيمنة المال السياسي داخل المجلس وخارجه".
قانون إقصائي
بدوره، وصف النائب عن الجبهة الشعبية، عمار عمروسية قانون العتبة الانتخابية بـ"الإقصائي والمعادي للديمقراطية"، متهما الائتلاف الحاكم الحالي بزعامة النهضة بالرغبة في معاقبة الأحزاب الصغرى وإعادة خلق مشهد حزبي "مدجّن" في خدمة السلطة.
وتابع لـ"عربي21": "نحن ضد هذا المشروع جملة وتفصيلا لأن الغرض منه قمع أصوات المعارضة داخل البرلمان التي أزعجت النهضة وكتلة يوسف الشاهد وسنعمل على عرقلته في البرلمان".
وشدد على أن معركة إجهاض هذا القانون لن تتولاها فقط المعارضة بل أيضا الجمعيات المدنية والناشطون في مجال مراقبة المسار الانتخابي والحفاظ على نزاهة العملية الديمقراطية في البلاد.
من جانبه، اعتبر رئيس مرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، ناصر هرابي، أن الإشكال القائم حول العتبة الانتخابية لا يتعلق بمضمونه بل بتوقيت طرحه قبل أشهر على موعد الاستحقاق الانتخابي.
اقرأ أيضا: خطأ "قاتل" لسفير فرنسا في تونس يثير غضب التونسيين
وأضاف لـ"عربي21": "كنا أيدنا طرح بعض الأحزاب ترشيد المشهد الحزبي عبر اعتماد قانون العتبة منذ الانتخابات التشريعية الماضية في 2014 بدل نظام أكبر البقايا، لكن تحرك الكتل الكبرى جاء متأخرا وتوقيته غير بريء".
وشدد هرابي على أن كثير من الأحزاب والمستقلين لن يستطيعوا بحال تم تمرير هذا القانون لم شتاتاهم والتكتل في كيانات كبرى بشكل قياسي قبل الموعد الانتخابي المقرر في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وأكد أن المجتمع المدني وجمعيات مراقبة الانتخابات ستكثف من نشاطها ونقاشاتها داخل البرلمان وخارجه، للدفع نحو التقليص من العتبة الانتخابية من 5 بالمئة إلى حدود 3 بالمئة في سبيل ضمان تمثيلية أكبر للمعارضة وخلق توازن في المشهد البرلماني.