هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد سلسلة الكوارث التي شهدتها محافظة البصرة العراقية، من انقطاع للتيار الكهربائي وشحة بالمياه وتلف الملايين من أشجار النخيل، ونفوق حاد لحق بالثروتين السمكية والحيوانية، حلت مؤخرا كارثة المخدرات.
ولعل المحافظة التي تطفوا على بحيرات من النفط الأسود، يراد لها أن تبقى مضطربة على الدوام، بدأ سكان القرى النائبة بالهجرة منها بعد نفوق حاد أصاب المواشي جراء نسبة الملوحة العالية في المياه.
وكشف أحدث تقارير محلية، عن أرقام صادمة لمتعاطي المخدرات في البصرة، ولاسيما بين طلبة المدارس، حيث سجلت منظمات المجتمع المدني نحو 3 آلاف طالب متعاط في المحافظة، 60 بالمئة منهم إناث.
أسباب الانتشار
وفي حديث لـ"عربي21" قال محافظ البصرة الأسبق القاضي وائل عبد اللطيف إن "العراق ممر وليس مقرا للمخدرات، فهي تأتي من أفغانستان وإيران، وبدأت تدخل للعراق بداية تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها كانت محدودة لأن عقوبة المتعاطي الإعدام".
اقرأ أيضا: بعد الزراعة.. الجفاف يطال الحيوانات وتحذير من هجرة بالعراق
وأضاف أن "السنوات الخمس الأخيرة، تزايدا في تعاطي المخدرات بشكل غريب وكبيرة، وهذا الازدياد يعزى لأسباب عدة أهمها، فقدان السيطرة على الحدود بين العراق وإيران، إضافة إلى البطالة المستشرية بين الشباب وهؤلاء يتعاطون جراء معاناتهم، وللأسف مؤخرا دخل طلبة الكليات على الخط وهذا مؤشر خطير كونهم قادة المستقبل".
وأشار عبد اللطيف إلى أن الأرقام المتداولة حول المتعاطين قد تكون تخمينية، لكن على كرة الإحالة للمحاكم وضبط المخدرات في الحدود، إضافة إلى السجون التي يحتجز فيها متعاطي المخدرات لوقت محدد تشعر أن الرقم أكثر من 3 آلاف.
وحول المعالجات، قال عبد اللطيف إن هناك أفكارا لإنشاء مؤسسات إصلاحية لكل من يلقى القبض عليه بتهمة تعاطي المخدرات، لأن المجرم هو الشخص الناقل التاجر بهذه المواد، وهذا الوصف لا يطلق على المتعاطي.
وأضاف أن أطباء البصرة يدعون لبناء هذه المؤسسات الصحية، وتتعلق فقط بقطع مادة المخدرات عن المتعاطين لفترة محددة عند ذلك هو سيضطر لتركها، لاسيما أنه سيعيش في أجواء تختلف عما يعيشها.
وطالب محافظ البصرة الأسبق بإعدام العمل بحكومة الإعدام لتجار المخدرات لأنهم يشجع على توفير هذه المادة، لأن الجريمة كلما تتسع تكون خطرة لا بد من المشرع الجنائي أن يصعد من العقوبة حتى تصل إلى الإعدام.
وكان قائد شرطة البصرة قد دعا، السبت الماضي، إلى تغليظ أحكام بحق تجار المخدرات، وطالب بإنزال عقوبة الإعدام بحق التجار الكبار لهذه المواد وليس الأحكام العقابية الموجودة الآن، التي تبيح له إعداد تجار صغار تابعين له، ثم يغادر السجن.
من يقف وراءها
وبخصوص الجهات التي تقف وراء تجارة المخدرات، كشف القاضي عبد اللطيف أن "كبار الشخصيات السياسية والأحزاب وشيوخ العشائر بحكم نفوذهم، هم من يتاجر بالمخدرات، لأن الأرباح الناتجة عنها طائلة جدا".
من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي عن البصرة عدي عواد، في مؤتمر صحفي، السبت، إن "البصرة تمتلك موقعا جغرافيا مميزا باعتبارها المنفذ العراقي الوحيد وهذه الميزة تحولت إلى نقمة على أهلها".
وأوضح أن "البصرة وعلى الرغم مما تعانيه من انعدام الخدمات العامة والصحية والكوارث البيئية انتشرت فيها خلال السنوات الثلاث الماضية دخول وتجارة المخدرات بشكل كبير، حتى وصل عدد الذين القي القبض عليهم أكثر من 4035 من المتعاملين والمتعاطين خلال سنة 2017 فقط".
ولفت إلى أن "غياب دور الحكومة المحلية والمركزية إضافة إلى تحكم بعض الأحزاب المتنفذة التي تتحكم بالمنافذ الحدودية في الشلامجة وأم قصر والتي تفرض هيمنة كاملة على تلك الموانئ، يعد سببا بانتشار هذه الظاهرة".
ودعا عواد الجهات الحكومية إلى "تحمل مسؤوليتها تجاه هذه الظاهرة التي سوف تقضي على الشباب"، مطالبا الحكومة والبرلمان بـ"تشكيل خلية أزمة تمتلك الصلاحيات اللازمة للقضاء على ظاهرة تعاطي المخدرات".
اقرأ أيضا: العراق يكشف عن دولة تعبر من خلالها 80% من المخدرات
وتوعد النائب البصري بالكشف عن الجهات التي تقف وراء تجارة المخدرات أمام الرأي العام، في حال عدم الاستجابة لدعواتنا من الجهات المختصة.
وكان قائد شرطة محافظة البصرة العراقية الفريق رشيد فليح قد كشف، السبت الماضي، عن مصادر المخدرات التي تدخل إلى العراق، مطالبا برفع العقوبة على تجار المخدرات إلى الإعدام.
وقال رشيد فيلح في مؤتمر صحفي عقده بالمحافظة: "أعلنها وبكل صراحة أن المخدرات التي تأتي إلى البصرة بنسبة 80 بالمائة منها تأتي من الجانب الإيراني، و20 بالمائة من باقي الدول ومنها الكويت من خلال توريد الحبوب الخاصة".
وأضاف: "سنعمل بقوة على تأمين هذه الحدود من خلال قيادة الحدود والقوة البحرية في محافظة البصرة"، لافتا إلى حصول الموافقات الرسمية لبناء مصحة كبيرة لعزل المتعاطين عن تجار المخدرات.
وقبل نحو ذلك، أعلن قائد شرطة محافظة البصرة انطلاق حملة أمنية تستهدف تجار المخدرات في المدينة، إضافة إلى انتهاء انتشار السلاح بين العشائر.