هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حالة من التكتم والجدل
تشهدها الكنيسة المصرية بعد تسريبات صحفية بأن "سيمنار" (لقاء قيادات
كنسي) المجمع المقدس المقبل، سوف يشهد تغيرات واسعة في قيادات الكنيسة، وقرارات
أخري متعلقة بإعادة الترسيم الجغرافي لبعض "الإيبارشيات" (مقرات كنسية)
في الوجهين القبلي والبحري، وترقية وترسيم عدد من الأساقفة، وترتيب الأوضاع في
الكنائس بدول المهجر.
ورغم تأكيد تواضروس
الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مساء الأربعاء، أن "السيمنار"
لن يخرج عنه كونه لقاء يجمع الأساقفة والمطارنة، للدراسة والمعرفة فقط، دون اتخاذ
قرارات، بخلاف المجمع المقدس الذي ينعقد بعد عيد الخماسين، إلا أن مصادر كنسية
أكدت أن تجهيزات السيمنار تشهد عكس ذلك.
وطبقا لما نشرته
"جريدة الدستور" القريبة من الكنيسة، فإن سيمنار المجمع المقدس سوف
يناقش القرارات التي اتخذتها لجنة شؤون الرهبنة والأديرة عقب حادث مقتل الأنبا
أبيفانيوس، لاستكمال ضبط حياة الرهبنة بالأديرة والكنائس.
لافتة إلى أن تواضروس سوف يعقد
جلسات خاصة بالأساقفة قبل انعقاد السيمنار بشكل رسمي، لاستطلاع آرائهم في القرارات
التي يريد تمريرها في الجلسات الختامية دون خلاف، ومن أبرزها إعادة الترسيم
الجغرافي للكنيسة.
وتشير المعلومات التي
كشفتها الجريدة إلى أن هناك صداما متوقعا بين الكنيسة وعدد من كنائس المهجر في أستراليا وأمريكا، بعد الانتقادات التي وجهوها لتوراضروس بسبب دعمه المطلق للنظام
العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، ما وضع الكنيسة ورعاياها في مواجهة مستمرة مع
معارضي السيسي.
وحول توقعاته للسيمنار
المقبل، أكد الباحث المتخصص في الشؤون الكنسية جرجس فهمي لـ "عربي21"
أن هناك ترقبا لهذا الاجتماع لأنه الأول الذي يجمع كل قيادات الكنيسة منذ أحداث
دير أبو مقار التي جرت في تموز/ يوليو الماضي، وهو ما دفع تواضروس للتأكيد بأن
الاجتماع وعظي وليس إداري، ليخالف ما يتم تداوله بين قيادات الكنيسة التي تنتظر
معرفة تفاصيل ما جري خلال الأشهر الماضية.
وأضاف فهمي أن مسؤولي
الكنيسة منذ مقتل راهب دير أبو مقار، يحرصون على الابتعاد عن وسائل الإعلام،
تنفيذا لقرارات لجنة الرهبنة، ومع ذلك فإن الكنيسة تشهد صراعا مكتوما حول الأحداث
الماضية، وهناك ترقب لشكل ترسيم الأساقفة والرهبان الذي سيتم خلال السيمنار
المقبل، لأنه سيحدد إما أن الكنيسة تريد التصالح مع معارضيها، أو أنها سوف تصر على
عزلهم مقابل زيادة المؤيدين لسياستها.
وأشار الباحث الكنسي
أنه من غير المستبعد أن يتم تأجيل القرارات الهامة التي يمكن أن تؤدي لخلافات
لاجتماعات سمينار الخماسين آيار / مايو المقبل، في ظل رغبة الكنيسة أن تظل متماسكة
بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها علي المستوي الداخلي، أو ما يتعلق بالعمليات
المسلحة التى حدثت ضد الأقباط وآخرها حادث المنيا، وهي الملفات التي لا تريد رئاسة
الكنيسة استغلالها من معارضيها لزيادة الاحتقان ضدها.
وطبقا للباحث في
الشؤون الإسلامية والقبطية عبد الله حماد فإن تواضروس يعمل منذ فترة على استغلال
كل التجمعات الكنسية سواء الرسمية أو الوعظية لتهدئة الأجواء الكنيسة المحتقنة، في
ظل قناعته بأن "رهبان الصقور" الذين عزلهم من مناصبهم خلال أعمال المجمع
المقدس بدورته الماضية، هم الذين يقفون وراء هذه التوتر لإثبات صحة نظريتهم
بأن رئاسة الكنيسة الحالية أضرت بمصالح الاقباط على عكس ما كان يحدث في الماضي.
وأكد حماد لـ"عربي21" أن ما راج من معلومات عن التغيرات المتوقعة في الإبرشيات يؤكد أن تواضروس يريد فرض سيطرته على مفاصل الكنيسة ضمن خطته التى بدأها منذ عام بإعادة
ترتيب البيت الكنسي بما يخدم أفكاره وأهدافه، خاصة وأن التغيرات لن تكون قاصرة على
المسؤولين فقط وإنما أيضا سوف تشهد تغيرات جغرافية لعدد من الإبرشيات، لضمان
المزيد من السيطرة عليها بعد أحداث دير أبو مقار.
وأضاف الباحث القبطي
أن هناك موضوعات سيتم التحدث فيها خلال الاجتماع المرتقب سواء بشكل رسمي أو غير
رسمي، من أبرزها علاقة الكنيسة بالنظام الحاكم، وهل ما قدمته الكنيسة من دعم مطلق
للسيسي، منحها المزيد من الامتيازات التى لم تكن تحصل عليها.
وتابع: "هذا الدعم زاد
الفجوة مع عموم المسلمين وخاصة المعارضين للسيسي والذين يرون أن الأقباط أكبر داعم له رغم إجراءاته السياسية والاقتصادية، نكاية في الإخوان والتيارات
الإسلامية الأخرى بصرف النظر عن نتائج ذلك على عموم الشعب المصري بمن فيهم
الأقباط".
ورأى حماد أن ملف
العلاقة بين الكنيسة الأم وأقباط المهجر سيكون الأكثر سخونة، والذي يمكن أن يفجر
الأوضاع داخل الكنيسة بشكل عام، خاصة وأن الكنيسة تحمل أقباط المهجر مسؤولية
الانشقاقات والأزمات التي حدثت مؤخرا نتيجة الدعم المادي الذي قدموه لعدد من
الرهبان المفصولين عن الكنيسة الأم.
وفي المقابل يرى أقباط المهجر أن دعم الكنيسة
لنظام السيسي أفسد العلاقة بين المسلمين والمسيحيين على المستوى الداخلي، كما جعل
الكنيسة في موقف سيء على المستوى الخارجي، نتيجة الانتقادات الموجهة للأقباط
بدعمهم لنظام السيسي الدموي.