قال الكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس إن الأمير
تركي الفيصل، مدير المخابرات
السعودية الذي أصبح دبلوماسيا رد على موت جمال
خاشقجي بنوع من الألم.
ويضيف في مقال بـ"
واشنطن بوست" الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأمير "مصدوم" لخسارة أحد تلاميذه الذين رباهم مدة طويلة، ولكنه مع ذلك يقف مع الملك سلمان وولي العهد في هذه الأزمة.
ونقل الكاتب عنه قوله: "الذين يعتقدون أنه سيكون تغير في الخلافة مخطئون"؛ في إشارة إلى التكهنات حول تغيير محمد بن سلمان واستبداله بسبب الاتهامات بأنه أمر بتنظيم عملية قتل خاشقجي، الصحافي السعودي والمعلق في صحيفة "واشنطن بوست".
وقال إغناتيوس إن ولي العهد المعروف بـ "م ب س" حصل على تأييد أكبر نظرا لتعرضه إلى هجمات. وأضاف: "كلما زاد انتقاد ولي العهد، زادت شعبيته في المملكة.. ولو قمتَ بتنظيم استطلاع اليوم بين السعوديين لوجدت أنه أكثر شعبية مما كان عليه قبل أسبوعين. وذلك لأن السعوديين يعتقدون أن قائدهم تعرض لهجوم ظالم من الإعلام الأجنبي، وهذا صحيح بالنسبة للعائلة المالكة فهم يشعرون أنه هجوم على السعودية وليس على العائلة المالكة".
ويعلق إغناتيوس على ذلك قائلا: إنه لا توجد طريقة للتأكد من الدعم الشعبي لـ"م ب س"، ولكن من المهم أن يعبّر تركي عن هذه التصريحات المؤيدة للقصر، فقد عمل مديرا للمخابرات لمدة طويلة وسفيرا للرياض في لندن وواشنطن، ويمثل فرعا في العائلة المالكة معروفا بالاعتدال. ويضيف أن تصريحات تركي جاءت عشية خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اتهم فيه السعوديين بالتخطيط لقتل الصحافي في القنصلية السعودية في إسطنبول، ووصف فيه عملية القتل بـ"الجريمة الشنيعة"، دون أن يقدم أدلة جديدة تؤكد أن الرياض قامت بعملية قتل وعن سبق الإصرار.
وقال الكاتب إن تركي تحدث معه من مقر إقامته في ماكلين بفرجينيا ولمدة ساعة ونصف. ووصف لقاءه مع واحدة من زوجات خاشقجي وأبنائه الثلاثة من أجل إيصال رسالة تعزية من الملك وولي العهد. وقال: "تحدثنا عن الأيام القديمة عندما كنا في واشنطن ولندن".
وكان هناك عرض للتعازي في الرياض حيث استقبل الملك سلمان وولي عهده، صلاح أكبر أبناء خاشقجي والذي منع ولأشهر من مغادرة المملكة كجزء من حملة الضغط على خاشقجي. ونُشر فيديو يظهر صلاح وهو يصافح رجلا يقول البعض إنه مسؤول عن مقتل والده.
وقال تركي إن خاشقجي لفت انتباهه لأول مرة في عام 1988 بعدما قام الصحافي برحلة صحافية إلى أفغانستان لصحيفة "عرب نيوز" في الرياض. ويؤكد تركي أن خاشقجي "لم تكن له علاقات أبدا مع المخابرات السعودية، حتى على أدنى المستويات". وعندما أصبح خاشقجي محررا لصحيفة "عرب نيوز" في التسعينيات التقى تركي معه. وفي السنوات اللاحقة أصبح تركي بمثابة المُحسن إليه من خلال تعيينه كرئيس تحرير لصحيفة "الوطن" التي تملكها عائلته وأحضره معه إلى لندن وواشنطن كمستشار إعلامي عندما كان سفيرا في العاصمتين.
ويقول تركي عن جمال: "كشخص كان دمثا ولديه حس رائع من المرح وصحافيا شديد الحساسية وتعامل مع حرفته بجدية".
ومثل بقية أصدقاء خاشقجي؛ وصف تركي حسا من التفاؤل الذي لم يكن واقعيا لديه: "دائما ما قلت، توقف عن المزاح، ولا أصدق أنك بهذه السذاجة، اتركها".
ويقول تركي إنهما تفرقا قبل أربعة أعوام بسبب الإخوان المسلمين. ويضيف أنه أخبر خاشقجي عن الجماعة بأنها "حركة عبادة الشخصية لا تتوانى عن استخدام الإرهاب لنشر أفكارها وتحت غطاء الليبرالية. وكان خاشقجي يقول: نعم وقد انتقدتهم على هذا وطالبتهم بالتغيير، فهم متحجرون ويجب أن يتغيروا"؛ والكلام كما نقله تركي.
ويقول تركي إن العائلة السعودية تجمع أفرادها حول العربة في أوقات الأزمة، وإن "تشويه السعودية ظالم وغير عادل". لكنه تجنب بحسب إغناتيوس الأسئلة التي طرحتها حول ضرورة أن يوسّع "م ب س" قاعدته من أجل استقرار المملكة وإعادة تفعيل رؤيته 2030.
وقال تركي إن "الشعب السعودي راضٍ عن قيادته لأنها قدمت رؤية للمستقبل وتعمل على تطبيقها" و"لو قاموا بمراجعتها أو ضغطها أو إضافة شيء لها، فهذا أفضل، فرؤية 2030 ليست وحيا من السماء". وأضاف أنه سمع عن خبر تأكد وفاة خاشقجي نهاية الأسبوع الماضي.. "كان صادما وبقيت حتى اللحظة الأخيرة أتأمل أنه على قيد الحياة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "أحيانا يستطيع الناس أن يحققوا بالموت ما كان مستحيلا وساذجا في الحياة. وهذا ما يحدث لـ"م ب س"، فالسعودية ستكون مختلفة بعد مقتل خاشقجي".