هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "سبكتاتور" البريطانية تقريرا، تحدثت فيه عن تداعيات وقف الإدارة الأمريكية تمويل الأونروا. وفي ظل هذا الوضع، يجب على الاتحاد الأوروبي التدخل لسد هذا الفراغ الذي يهدد حياة عدد كبير من الفلسطينيين.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن 31 من آب/ أغسطس الماضي يوافق تاريخ إعلان إدارة ترامب إنهاء التمويلات المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. ومن جهته، احتفل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بهذه الخطوة؛ معتبرا أنها تمثل "تحولا مباركا".
وأضافت المجلة أن هذا القرار قد يترتب عنه العديد من النتائج الكارثية على المدى البعيد، فلطالما كانت الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد للأونروا، الوكالة التي توفر خدمات لصالح ملايين اللاجئين الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن هذا القرار يهدد بإلغاء الخدمات التعليمية والرعاية الصحية والاجتماعية التي يعتمد عليها هؤلاء اللاجئون، فقد رفض مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر الاعتذار عن قرار الإدارة الأمريكية معتبرا أن "الوكالة متورطة في الفساد ولا تساعد على إحلال السلام".
وأوردت المجلة أن مسألة حق العودة تمثل نقطة الخلاف الرئيسية في مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي تهدف الإدارة الأمريكية إلى إنهائها عبر إبرام اتفاق سلمي يقضي بتقسيم الدولتين. وسيكون للقرار الأمريكي، بإنهاء تمويل الأونروا، تداعيات مأساوية، حيث سيخسر العديد من الأشخاص الذين يديرون برامج المساعدات وظائفهم، وستحتاج الحكومات العربية، التي تعتمد على الأونروا لرعاية اللاجئين الفلسطينيين، بديلا مقابل خسارة الدعم الأمريكي.
اقرأ أيضا: الأونروا تقلص عجز ميزانيتها برغم قرار أمريكا وقف تمويلها
وبينت المجلة أن هذه الخطوة التي تم اتخاذها تعتبر غير مدروسة، حيث ستساهم في تقويض حق الفلسطينيين في العودة، وهي نقطة الخلاف الرئيسية في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المنطقة. وتهدف إدارة ترامب من خلال اتخاذ مثل هذا القرار، إلى فرض اتفاق "سلمي" غير متوازن القوى.
وأوضحت المجلة أنه في الوقت الذي أدارت فيه الولايات المتحدة، التي كانت تساهم بثلث ميزانية الأونروا، ظهرها لهذه الوكالة، يجب البحث عن بديل مناسب لملء هذا الفراغ. من جهتها، أعلنت منظمة الأونروا الأمريكية، وهي منظمة غير ربحية تعمل بشكل مستقل عن المنظمة الرئيسية، عن زيادة هائلة في التمويل الذي تتلقاه من عامة الشعب الأمريكي، مشيرة إلى أنها تهدف إلى جمع 4 ملايين دولار بحلول نهاية السنة. وتعتبر هذه الجهود جديرة بالثناء، لكن هذه المنظمات غير الربحية ليس لها نفوذ أو قوة مالية مشابهة لما تمتلكه الدول القومية.
وأوردت المجلة أن الإمارات العربية المتحدة أعلنت عن تقديم بعض المساهمات للأونروا بقيمة 50 مليون دولار و15 مليون دولار إضافية للسنة الدراسية القادمة. كما وعدت المملكة العربية السعودية وقطر بالتبرع بمبلغ 50 مليون دولار لكل منهما. علاوة على ذلك، ذكرت الكويت أنها ستقدم مساعدات بقيمة 2.9 مليون دولار، كما تعهدت مجموعة من المؤسسات الخاصة في الخليج بتقديم تبرعات للوكالة.
وأشارت المجلة إلى أن الدول الأوروبية كانت تنوي زيادة تبرعاتها بشكل مستقل، حتى قبل أن توقف الولايات المتحدة تمويلها للأونروا. خلال السنوات الأخيرة، كان الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مساهم في الوكالة، حيث قدم مساهمات بأكثر من 142 مليون دولار خلال سنة 2017. في الأثناء، أدى اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين إلى حدوث تحول في توجهات القارة تجاه المنظمة. ومع عدم وجود أي سياسة موحدة للدول الأوروبية، من الصعب التوصل إلى اتفاق يقضي بالالتزام بدعم اللاجئين الذين يعتمدون على الأونروا.
اقرأ أيضا: "أونروا": تركيا رفعت مساعداتها 4 أضعاف وخدماتنا على المحك
ونوهت المجلة إلى أنه من الواضح أن هناك تعاطفاً واسعًا مع قضية الأونروا. ولكن، ما لم يتحول الدعم النسبي المقدم من أيرلندا وإسبانيا والمملكة المتحدة إلى التزام أوروبي واسع النطاق، يخاطر الاتحاد الأوروبي بترك مصير الفلسطينيين بين أيدي دول الخليج، التي تواجه بالفعل سيلا من مشاكلها الخاصة.
وأقرت المجلة بأن بنيامين نتنياهو سعى لبناء علاقات مع دول وسط وشرق أوروبا، في محاولة منه للحيلولة دون الدعم الأوروبي الواسع للفلسطينيين. وقد شدد نتنياهو على أنه "من الضروري إنهاء عمل مؤسسة اللاجئين". كما أكد مستشاره السابق للأمن القومي أن غلق الأونروا، "يعتبر القرار الصحيح الذي يجب القيام به".
وأحالت المجلة إلى أن التوترات الإقليمية والمخاوف الأمنية التي تحوم حول دول الخليج، قد تجعل دعمها غير موثوق فيه. فضلا عن ذلك، لن يقبل الأردن ولبنان وسوريا باللاجئين الفلسطينيين دون تقديم تعويضات من الدول أو المنظمات العالمية. في سياق متصل، يتعين على الاتحاد الأوروبي، الذي أقر في بيانه بـالأضرار التي خلفها قرار الولايات المتحدة، أن يلعب دورًا رئيسيًا في النهوض بمستقبل الأونروا وأن لا يخاطر بالسماح للمنظمة بالانهيار.
وفي الختام، ذكرت المجلة أنه يجب على الاتحاد الأوروبي، في الوقت الراهن، أن يضطلع بدور قيادي فيما يتعلق بقضية دعم الأونروا، نظرا لأن عواقب التخلي عن هذه الوكالة ستكون وخيمة. فمن المؤكد أن ملايين اللاجئين سيعانون بسبب القرارات التي تتخذها إدارة ترامب وحلفاؤها في الحكومة الإسرائيلية، ولا يمكن لأوروبا أن تقف مكتوفة اليدين دون التدخل، ومحاولة التخفيف من وطأة تداعيات هذا القرار.