هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
واصلت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، تحذيراتها، من مغبة الانهيار في خدماتها، بعد القرار الأمريكي بوقف تقديم المساعدات لها، والتي طالما شكلت المساهم الأول في ميزانيتها.
وكان وزراء الخارجية العرب، أعلنوا دعمهم للشعب الفلسطيني، مطالبين بتقديم الدعم للأونروا، وحذروا من تداعيات انهيارها، مما يؤثر على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
وتثار التساؤلات حول إمكانية استمرارية الأونروا بعيدا عن المساعدات الأمريكية، أم أنها ستخضع لإملاءاتها؟ وهل بالإمكان أمام الدول العربية تعويض النقص الذي سببته الولايات المتحدة؟
وفي هذا الصدد، أشار المختص في الاقتصاد السياسي معاذ العامودي، إلى أن الأونروا أنشئت كوكالة دولية مختصة فقط للاجئين الفلسطينيين، مهمتها توجيه الدعم الإغاثي، والتنموي إليهم، وتعد فقط ذات اختصاص إغاثي ولا يخضعون ضمن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والتي تقدم صفة "الحماية للاجئين".
اقرأ أيضا: وزراء الخارجية العرب يطالبون بسد عجز الأونروا بعد قرار واشنطن
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الولايات المتحدة، دأبت على تقديم مساعداتها بنسب تدريجية، وبين الأعوام 1950 إلى 1989 بلغ ما أنفقته أمريكا على وكالة الغوث، مليارا و473 مليون دولار، وما بعد توقيع اتفاق أوسلو بلغت نحو 73 مليون دولار سنويا، ومن عام 2001 حتى ما قبل الانقسام الفلسطيني 2006، تفاوتت النسب ما بين 120 – 134 مليون دولار.
وأوضح أن الدعم الأمريكي للوكالة الدولية ما بعد الانقسام الفلسطيني وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، زاد نسبته إليها، بعد تحويل الكثير من المساعدات المقدمة لقطاع غزة، للأونروا وبعض المنظمات غير الحكومية الدولية، وتجاوزت بعد عام 2008 الـ 300 مليون، ووصلت عام 2016 إلى 360 مليون دولار.
لماذا الآن؟
وحول توقيت إعلان الولايات المتحدة قطع المساعدات عن الأونروا، أشار العامودي إلى أن أمريكا، وإسرائيل، ينظران إلى أن الفلسطينيين فشلوا في تقديم ما يريدان في ملف التسوية، ولم يقدموا نظام حكم رشيد، والآن يجب اتخاذ إجراءات أخرى بديلة من إقامة دولة لهم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة، تعلم بأن الأونروا تعيش حالة الفساد الحاد، وأن المصاريف التشغيلية للإداريين كبيرة نسبيا بما لا تتناسب مع الهدف الأساسي الذي أنشئت بسببه الوكالة الدولية، وكانت ترصد طوال السنوات ذاك الفساد إلى الوقت الذي تحتاجه لتقول إن الأونروا مؤسسة مليئة بالفساد، لتغلف ما تريده سياسيا بالغلاف الاقتصادي والإداري.
اقرأ أيضا: المفوض العام للأونروا: حاجتنا الحالية تبلغ 186 مليون دولار
وأضاف العامودي، أن الوقت قد حان لأمريكا، لنزع وكالة الغوت من سياقها السياسي، وإجراء تعديلات جوهرية تمس اللاجئين الفلسطينيين، من خلال إلغاء اللجوء عن الأبناء والأحفاد من الجيل الأول، ويبقى اللاجئون هم من هجروا عام 1948، و1967، وتوطين من تبقى في العديد من الدول.
وفي السياق ذاته، قال المختص الاقتصادي والسياسي عمر شعبان، في حديثه لـ"عربي21"، إن الشروط الأمريكية اقتصادية لتحقيق أهداف سياسية، وتريد أن تخلق واقعا سياسيا من خلال استغلال عجز الأونروا لتقليص خدماتها للاجئين بشكل كبير، وبما يحقق أهدافها.
اغتنمت الفرصة
وأوضح العامودي، أن "الولايات المتحدة، اغتنمت الفرصة المناسبة لذلك، في ظل التردي الاقتصادي الذي يشهده الأردن، والمديونية العالية، من خلال عروض قد تطرحها أمريكا بتقديم تعويضات ومساعدات للأردن، مقابل توطين اللاجئين هناك، كما الحال في لبنان، والنوايا الأمريكية بإعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في المخيمات اللبنانية".
وتوقع العامودي، أن تحل السعودية مكان الولايات المتحدة، في تقديم المساعدات للأونروا، مقابل حمايتها من "الخطر الإيراني".
اقرأ أيضا: حجب التمويل عن "أونروا".. قرار أمريكي يفجّر قلقا لبنانيا
أما شعبان، استبعد، أن تقوم الدول العربية بواجباتها تجاه الأونروا، مرجئا ذلك، إلى أن تلك الدول لم تكن مساهمة بالشكل المطلوب سابقا في تقديم مساعداتها لها، ولا يمكنها أن تعارض القرارات الأمريكية.
وأضاف، أن الدول العربية ترى أن دعم الأونروا يجب أن يكون أوروبيا غربيا، ولا يريدون تحمل المسؤولية وحدهم، فتتحول الوكالة الأممية إلى ما دون ذلك.
هل تستجيب الأونروا؟
ورأى العامودي، أنه في نهاية المطاف، قد تستجيب الأونروا للشروط الأمريكية، بإدخال تحسينات على هيكليتها، وإدخال تعديلات سياسية من خلال ذلك، وإلغاء حق العودة عن الفلسطينيين الذين ولدوا في دول الشتات، ولن تقف بعض الدول كعائق أمام الهدف الأمريكي، بل ستساهم في ذلك.
وحول إمكانية الأونروا من الاستمرارية بوضعها الحالي، قال شعبان، إنه من المستحيل أن تستمر بهذا الشكل، بسبب مديونياتها وعجزها المالي، وتعدد مناطق اللجوء الفلسطيني الذي يثقلها، ما لم يكن تدخل ومؤازرة عربية.