هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للكاتبة سيغال صمويل، تتناول فيه قضية المسلمين الإيغور في الصين، والبرامج التي تقوم بها الحكومة الصينية لتشكيل هوية المسلمين وطمس ثقافتهم.
وتقول صمويل إن طاهر أمين، الذي يدرس في أمريكا، تحدث آخر مرة مع ابنته قبل ستة أشهر، وأخبرته بأنه رجل غير جيد، مشيرة إلى أن أمين وعائلته ينتمون إلى إثنية الإيغور المسلمة المضطهدة، التي تقطن في إقليم تشينجيانغ في شمال غرب الصين، حيث زاد القمع الحكومي لهم منذ العام الماضي، وأرسل ما يقرب من مليون مسلم إلى معسكرات ليتلقوا فيها دروسا تثقيفية أو إعادة تعليم.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن صحيفة "إندبندنت" البريطانية أجرت مقابلات مع معتقلين سابقين، قالوا فيها إن السلطات حاولت إجبار المسلمين على نبذ دينهم، الذي وصفه مسؤولو الحزب الشيوعي الصيني بـ"المرض الأيديولوجي"، فيما وصفوا المسلمين بالمصابين "بفيروس في عقولهم"، وحاولت دفعهم لتعريف أنفسهم ضمن الثقافة الصينية، وليس الإيغور.
وترى صمويل أن "الاحتجاز الجماعي لا يؤثر فقط على المعتقلين أنفسهم، بل على العائلات التي انفصلت عنهم، ويترك صدمته على آلاف الأطفال، وعندما يتم أخذ الأب والأم لمعسكرات (التعليم)، ينقل أبناؤهم إلى بيوت الأيتام، التي تتزايد لمجابهة الطلب الكبير عليها، كما ذكرت إميلي فينغ في صحيفة (فايننشال تايمز)، وفي ظل سيطرة الدولة وعنايتها بهم، فإن هؤلاء الأطفال ينقطعون عن أبائهم ولغتهم وثقافتهم الإيغورية. وبناء على ما قاله بعض الإيغور والخبراء فإن الدولة تقوم من خلال الدمج القسري بإعادة تشكيل جيل كامل من أبناء هذه الأقلية المسلمة".
وتنقل المجلة عن الباحث في تاريخ الإسلام في الصين ريان ثام، قوله: "أعتقد أن هذا يحقق صيننة (جعلهم صينيين) الأطفال أكثر من محاولات سابقة".
وتلفت الكاتبة إلى أن أمين يخشى على ابنته وماذا سيحصل لها في ظل هذا المناخ، فهو، بصفته أكاديميا ويقوم بنشر الثقافة الإيغورية والدفاع عنها، ويعد ناقدا شديدا للسياسات الصينية ضد شعبه، فإنه لا يزال يقيم في الولايات المتحدة خشية إرساله إلى معسكرات الاعتقال، وقال إنه ترك الصين لأول مرة للدراسة في أمريكا، ولم تستطع زوجته وابنته الانضمام إليه؛ لأن السلطات الصينية صادرت جواز سفريهما، وأضاف أن شقيقه وشقيقته في معسكرات الاعتقال، فيما حذفه أقاربه من وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن السلطات الصينية تتعامل مع الإيغور الذين يعيشون في الخارج بنوع من الشك.
وتذكر المجلة أن أمين لا يستطيع التواصل مع ابنته، ولا يعرف مكان وجودها، فيما طلقته زوجته العام الماضي؛ لأن البقاء معه يجعلها هدفا، ولم يستطع الحديث معها منذ ذلك الوقت.
وتقول صمويل إن "فقدانه الاتصال مع ابنته جعله عرضة للنوبات العصبية، وتساءل عما إذا كانت ابنته قد وضعت في ملجأ الأيتام، وأرسلت زوجته إلى معسكرات الاعتقال، وعندما يعتقل الأب والأم يتم إرسال الأبناء (لمركز إرشاد ورعاية الأطفال)، أما الكبار منهم فيرسلون إلى مراكز تدريب مهني".
وتنوه المجلة إلى أن فينغ من "فايننشال تايمز" نقلت عن مدرس سابق، قوله: "لا يسمح للطفل بالذهاب إلى المدرسة مع بقية الأطفال؛ لأن الآباء يمثلون مشكلة سياسية"، ونقل الأطفال إلى ملاجئ الأيتام رغم مناشدة الجد والجدة للعناية بهم، ونقلت فينغ عن تقرير محلي، قوله إن السلطات في تشينجيانغ تقوم ببناء العشرات من الملاجئ، وظهر منها 18 مركزا في مدينة كاشغر العام الماضي.
ويقول ثام للمجلة إن عمليات القمع جعلت بعض الإيغور في تشينجانع يخافون من توريط أبنائهم لهم عن غير قصد، حيث يطلب الأساتذة منهم التجسس عليهم، ويضيف: "كل شخص يخاف من أولاده.. هم خائفون من قيام أبنائهم بإخبار الأساتذة في المدرسة شيئا عن عاداتهم الدينية، بشكل يجعلهم هدفا للعقاب أو الاعتقال في المعسكرات".
وتورد المجلة نقلا عن طالب إيغوري، عمره 24 عاما، يدرس في الولايات المتحدة، وصفه كيف عاش مناخ الخوف في صغره في شينجيانغ، قائلا: "عندما كنت في المدرسة الابتدائية أتذكر كيف جاء أشخاص إلى قاعة المدرسة، وسألونا: هل هناك قرآن في بيوتكم؟ وهل يقوم والديكم بنشاطات دينية؟"، وأضاف الطالب، الذي امتنع عن ذكر اسمه خشية تعرض والده في المعتقل للتعذيب: "كذبت عليهم وقلت لهم إن والدي لا يمارسان أي نشاط ديني"، وتذكر كيف ناشده والداه بعدم الذهاب إلى المسجد؛ لانه لو فعل ذلك فلن يذهب وحده للسجن، بل إن عشيرته كلها ستكون في ورطة.
وتفيد الكاتبة بأن العنف والخوف زاد في السنوات الماضية، بشكل يذكر بأوضاع مماثلة في الماضي، حيث يقول ثام: "إنها مثل الثورة الثقافية من ناحية أثرها على الناس، حيث جعلت الجيران وأعضاء العائلة يتجسسون على بعضهم، وجعلت الناس يعتقدون أن زلة صغيرة قد تؤدي إلى تدمير حياتهم"، ويضيف قام أن الخوف "سيترك صدمة اجتماعية ضخمة، وسيتعامل معه الناس ولعقود".
وتبين صمويل أن المقارنة تتردد بشكل واضح مع مراد هاري (33 عاما)، وهو طبيب من الإيغور يعيش الأن في فنلندا، الذي قال إن والديه نقلا إلى معسكرات الاعتقال، وأضاف: "في أثناء الثورة الثقافية أخذوا والدي من بيت جدي.. نقلوا جدي إلى معسكر الأشغال الشاقة؛ لأنه رجل متعلم ولذيه أيديولوجية مختلفة، وأخذوا والدي من بيته لبيت زوجين صينيين من إثنية الهان، كان عمره ستة أو سبعة أعوام، وبقي معهما لسنوات حتى انتهت الثورة الثقافية، ولهذا السبب يتحدث والدي الصينية أفضل من الإيغورية".
وتقول المجلة إنه من أجل محو الثقافة الإيغورية، فإن السلطات أعلنت في عام 2016 عن "حملة التحول لعائلة"، التي توسعت إلى نظام "البقاء في البيت"، حيث يقوم المسؤولون بالانتقال مؤقتا إلى البيوت ومراقبة العائلات، والإبلاغ عنها، بحسب ما جاء في تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش".
وتلفت الكاتبة إلى أن السلطات في تشينجيانغ حشدت في كانون الأول/ ديسمبر 2017، أكثر من مليون كادر في الحزب؛ لقضاء أسبوع في البيوت، خاصة في الأرياف، ووسعت السلطات نظام "البقاء في البيت"، حيث أصبحت الكوادر تقضي كل شهرين خمسة أيام في بيوت العائلات المسلمة، مشيرة إلى أنه لا توجد أدلة على أن هذه العائلات يمكنها رفض هذه الزيارات.
وبحسب المجلة، فإن الكوادر تراقب وتبلغ عن أي وضع غير عادي، من النظافة، للإدمان على الكحول، إلى المعتقدات الدينية، ويتحركون لإصلاح الوضع، ويقومون بتعليم العائلات الماندرين، ويطلبون منهم غناء النشيد الوطني ومدائح الحزب الشيوعي، ويتأكدون من مشاركة العائلات في الطقس الأسبوعي لرفع العلم الصيني.
وتختم صمويل مقالها بالإشارة إلى أن الصور تظهر الكوادر وهم يعيشون مع عائلات الأقلية، ويشاركونهم في أدق تفاصيل حياتهم العاطفية، مثل ترتيب الأسرة للنوم، وتناول الطعام، وتغذية الأطفال، والإشراف عليهم وتعليمهم.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا