هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية، الإثنين، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الطريقة التي ينتهجها نظام السيسي في مصر مع المعتقلين السياسيين.
ويقبع الصحفي محمود أبو زيد ومعه 60 ألف معتقل سياسي آخر داخل السجون المصرية، وبعد أربع سنوات من الاعتقال، أصبح هذا الصحفي في حالة صحية صعبة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأنظمة "الديكتاتورية" في مصر تستخدم طريقة واحدة من أجل التنكيل بالمعتقلين، تتمثل أساسا في إلقائهم في السجون وتجاهل حقوقهم.
ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان، هناك أكثر من 60 ألف معتقل في سجون السيسي. ولعل خير دليل على ما يلقاه المعتقلون من إهانة ومعاناة التقرير الأخير لمنظمة حقوق الإنسان عن التعذيب في سجون السيسي.
وأفادت الصحيفة أن من لم تطله يد التعذيب، يصيبه اليأس والإحباط بسبب مماطلة القضاء المصري والمحاكمات الطويلة. ويمثل محمود أبو زيد عشرات الآلاف من المعتقلين، الذين يقضون سنين طويلة داخل السجون. ويُعرف أبو زيد بين مراسلي الشرق الأوسط باسم "شوكان"، ويعمل مصورا صحفيا. وبالفعل، نشرت وسائل إعلام أمريكية وبريطانية وألمانية صورا قام شوكان بالتقاطها.
وأشارت الصحيفة إلى أن شوكان ومجموعة من زملائه قاموا بتغطية أحداث رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس سنة 2013، حيث هاجمت قوات الأمن المعتصمين في الميدان. ولكن، كلمة "أحداث" لا تعبر عن فظاعة ما لقيه المتظاهرون في ذلك اليوم، حيث قتلت قوات الشرطة والجيش أكثر من 800 شخص أغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين.
بالإضافة إلى شوكان، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي الفرنسي لويس جيمس، والصحفي الأمريكي مايك غيغليو. لقد قام رجال الأمن بوضع الصحفيين الثلاثة داخل سيارة شرطة، وانهالوا عليهم ضربا. وبعد فترة قصيرة، تم الافراج عن جيمس وغيغليو، بينما لا يزال شوكان رهن الاعتقال في سجن طرة.
وأوردت الصحيفة أن شوكان ظهر لأول مرة في المحكمة بعد سنتين من احتجازه. وفي شهر أيلول/ سبتمبر سنة 2015، وجهت النيابة لشوكان و700 آخرين تهما بالقتل والشروع في القتل والتظاهر دون ترخيص، فضلا عن حيازة أسلحة غير مرخصة. في الواقع، تعتبر التهم الثلاث الأولى سخيفة للغاية، فيما تعتبر الرابعة صحيحة من وجهة نظر السلطات المصرية، التي تعتبر الكاميرا في يد الصحفي "سلاحا".
وبينت الصحيفة أن شوكان سيواجه عقوبة الإعدام في حال أدانته المحكمة، علما بأنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي وفقر الدم. وفي الوقت الحالي، يقبع شوكان داخل سجن طرة، حيث يقف أقارب المعتقلين أمام بوابة السجن. وفي حال نجى المعتقلون من حكم الإعدام، فإن مصيرهم سيكون الموت في ظل رداءة الأوضاع داخل السجن. وما يزيد الطين بلة، افتقار هذا السجن للرعاية الطبية. وبناء على ذلك، طالب محامي شوكان بالإفراج الصحي عن موكله، في شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016. وفي شهر أيار/ مايو سنة 2017، رفض القضاء المصري هذا الطلب، مدعيا أن شوكان بصحة جيدة.
وأوضحت الصحيفة أنه كل أسبوعين يتم نقل شوكان صحبة آخرين إلى قفص الاتهام في المحكمة، لإخبارهم أن القضية تم تأجيلها مرة أخرى. وحتى الآن، تم تأجيل قضية شوكان 40 مرة. ومؤخرا، تم تأجيل جلسة الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر حتى السابع من نفس الشهر ثم إلى تاريخ 14، وأخيرا حتى تاريخ 21 من نفس الشهر.
من جهة أخرى، قالت المتحدثة باسم القسم الفرنسي من منظمة العفو الدولية، كاتيا رو، إن الوضع الصحي لشوكان خطر للغاية. وأضافت رو في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، أن الحالة الصحية لشوكان ساءت بشدة منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، حتى أنه أصبح يظهر على كرسي متحرك في الزيارات الأخيرة له في السجن.
وأفادت الصحيفة أن هناك بعض الانتقادات الموجهة ضد ممارسات الحكومة المصرية. فقد عبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن ذلك قائلا إنه "ليس بحاجة لتعليم الحكومة المصرية حقوق الإنسان". ويبدو أن كلمات الرؤساء تختلف عن أفعالهم، حيث تستعد باريس لعقد صفقة أسلحة مع القاهرة. أما بالنسبة لألمانيا، فهي تعتبر السيسي أحد أهم مستوردي أسلحتها، فضلا عن أنه يلعب دورا هاما في الحد من الهجرات غير الشرعية.
أما إيطاليا، فقد تنازلت عن قضية الطالب جوليو ريجيني، مقابل حصول العملاقة الإيطالية "الوكالة الوطنية للمحروقات" على حقوق استخراج الغاز الطبيعي من السواحل المصرية. وفي وقت سابق، ادعت الحكومة الإيطالية أن ريجيني قتل تحت وطأة التعذيب على يد قوات الأمن المصرية في شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2016.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن شقيق شوكان أنشأ صفحة على موقع "فيسبوك" تحت عنوان "الحرية لشوكان"، علما بأن تأسيس مثل هذه الصفحات لا يخلو من المخاطر في بلد مثل مصر. ويأمل شقيق شوكان أن يخبر أخاه عن مدى تفاعل العالم مع قضيته أثناء زيارته له في السجن.