نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الجدل القائم حاليا على الساحة السياسية
الجزائرية، بسبب إمكانية ترشح الرئيس الجزائري
بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، رغم حالته الصحية المتدهورة جدا وعجزه الكامل عن إدارة شؤون البلاد.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إنه من الصعب تصديق حقيقة أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يستعد ليرشح نفسه لولاية خامسة.
ولكن يوم الأحد الماضي، أكد كل من وزير الشؤون الخارجية السابق، أحمد طالب إبراهيم؛ والوزير السابق والناشط الحقوقي، المحامي علي يحيى عبد النور؛ والقائد السابق لقوات البحرية الجنرال رشيد بن يلس، على وجود مثل هذا السيناريو في المطبخ السياسي.
وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء الثلاثة قد أكدوا في تقريرهم أن جوقة الرئيس تخطط لترشيحه لولاية رئاسية خامسة، على الرغم من عدم أهليته وعجزه لأسباب صحية.
اقرأ أيضا: ظهور نادر لبوتفليقة وهو يلتقي مدفيديف (شاهد)
وذكرت الصحيفة أن هذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها مثل هذه الشائعات عن ترشح الرئيس الطاعن في السن لولاية خامسة.
فنظريا، لا شيء يمنع الرئيس من ذلك، فبوتفليقة الذي جلس على كرسي الرئاسة منذ سنة 1999، عدل في الدستور سنة 2008 من أجل تجاوز قيد ولايتين رئاسيتين، وها هو الآن يطمح إلى نيل
ولاية خامسة.
ويعدّ التقرير الثلاثي الذي نشر يوم الأحد، وصفا حالة الفوضى التي بلغتها الجزائر في مواجهة حالة الاحتقان في البلاد والتدهور المالي الذي تمر به، ناهيك عن ضبابية المستقبل السياسي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه أعيد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة في نيسان/ أبريل سنة 2014، بعد غياب دام ثلاثة أشهر عن الساحة السياسية بسبب إصابته بسكتة دماغية سنة 2013 ما انجر عنه تنقله للعلاج خارج البلاد. في الواقع، كانت تلك الحملة الرئاسة غريبة إلى درجة لم يظهر فيها المرشح لمخاطبة العموم أبدا، ما جعله عرضة لجملة من الانتقادات.
أما الآن، فهناك شائعات تشير إلى إمكانية ترشحه لولاية خامسة بعد مرور ثلاث سنوات تدهورت خلالها صحته أكثر من ذي قبل.
كما ذكرت الصحيفة أن اللقاء الأخير للرئيس بوتفليقة، الذي جمعه برئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، كان الأول منذ تاريخ 28 أذار/ مارس.
وسبق ذلك تأجيل زيارة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي كانت من المتوقع أن تجرى في شهر شباط/ فبراير.
في الحقيقة، وقع تأجيل زيارة المستشارة الألمانية بعلة تعرض الرئيس لالتهاب حاد في الجهاز التنفسي. وفي هذا السياق، لم يحدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، موعدا محددا لزيارة الجزائر، في حين لم يلتق بوتفليقة بالزعيم الفنزويلي نيكولا مادورو، على الرغم من مرور الأخير عبر الجزائر، وقيامه باستراحتين فنيتين خلال الأسابيع القليلة الماضية.
أما على الصعيد الاقتصادي، بينت الصحيفة أنه منذ تولى رئيس الوزراء الجديد، أحمد أويحيى مهامه في منتصف شهر آب/ أغسطس الماضي، وقع تسليط الضوء على حقيقة عجز الجزائر عن تغطية نفقاتها وما لذلك من تبعات، خاصة مع في ظل انخفاض أسعار النفط التي حرمت الجزائر من نصف مواردها.
على خلفية ذلك، قررت الحكومة تشغيل "المطبعة المالية"، بل ووضعت على الطاولة فكرة إعادة إطلاق عمليات التنقيب عن الغاز الصخري، التي كانت قد علقت سنة 2015.
في المقابل، أصبحت عمليات الهجرة الواسعة من مناطق الجنوب تثير القلق بشأن العواقب البيئية.
ونقلت الصحيفة تصريحا لمدير الحملة الانتخابية السابقة لبوتفليقة، علي بن فليس، الذي أصبح الآن رئيس الحزب المعارض "طلائع الحريات"، أفاد فيه: "لقد انتقلنا من حالة شغور السلطة إلى مأزق سياسي أكثر خطورة، ألا وهو بداية انهيار مؤسسات الدولة".
واعتبر علي بن فليس أن إقالة رئيس الوزراء عبد المجيد تبون في آب/ أغسطس، من دون صدور توضيحات رسمية بعد ثلاثة أشهر من توليه السلطة، دليل على هذا التحول الخطير.
وأفادت الصحيفة أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية ارتفع معدل الاهتمام بحالة الرئيس.
وجاء الانقلاب الأول في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 عندما أصدرت 19 شخصية، من بينهم بعض المقربين من الرئيس، رسالة مخيفة، صرحوا فيها بأنهم قلقون من الوضع الذي بلغته الجزائر مطالبين بأن يستقبلهم رئيس الدولة شخصيا.
وفي هذا الإطار قالت النائبة لويزة حنون، إحدى الموقعات على الرسالة: "نريد أن نعرف ما إذا كان الرئيس على علم بما يحدث أم لا".
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن آخر هجوم على الرئيس وجوقته قد وقع خلال هذا الصيف من قبل رئيس الحزب المعارض "جيل جديد"، سفيان جيلالي. وقد طلب جيلالي بتطبيق المادة 201 من الدستور، التي تنص على عزل رئيس الجمهورية من مهامه "بسبب تعرضه لمرض خطير ومزمن".
وترددت هذه الدعوة من قبل عدد قليل من المعارضين ولكن من دون أن يكون لها صدى حقيقي على أرض الواقع. ثم جاء في مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي منتدى المثقفين ليرفع شعار الخروج "من الوضع الراهن".