ذكرت مجلة "إيكونومست" على موقعها أن
إسرائيل تقوم باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمنع الهجمات التي يقوم بها
الفلسطينيون.
وتقول المجلة: "بعد ستة أشهر من موجة العنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، يتحدث المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون بحذر عن وجود تراجع، فقد تضاءلت الاحتجاجات العنيفة وأعمال الشغب في الضفة الغربية، أما معدل الطعن والدهس وإطلاق النار، الذي يقوم به الفلسطينيون ضد الجنود الإسرائيليين فقد نقص إلى النصف (فقبل شهرين كان هناك هجوم بمعدل كل يوم)، وفي الستة أشهر من تشرين الأول/ أكتوبر 2015 إلى آذار/ مارس الماضي نفذ 230 هجوما، قتل فيها 34 إسرائيليا وسائحا أجنبيا، و قتل 121 مهاجما فلسطينيا، ووصفها الكثيرون بأنها انتفاضة ثالثة، مع أن الجيش الإسرائيلي يفضل وصفها بـ(الانتفاضة المحدودة). ولهذا فلن يتوقف نزيف الدم في القريب العاجل، في ظل عجز كل من القيادة الإسرائيلية والفلسطينية عن الجلوس في غرفة واحدة، لكن حمام الدم ربما خف على الأقل".
وتضيف المجلة أن "العنف يمثل بالنسبة للقوى الأمنية الإسرائيلية تحديا من نوع استثنائي، فعلى خلاف الجولات السابقة، فإن الفلسطينيين الذين يقومون بالهجمات كلهم يتصرفون بناء على قرار فردي ولا علاقة لهم بجماعات مسلحة".
وينقل التقرير عن ضابط عمليات في جيش الدفاع الإسرائيلي قوله: "في الانتفاضة الثانية (2000-2005) كانت هناك سلسلة قيادة واضحة تقوم بتوجيه وتمويل الهجمات، وكان هناك مرسل ومنفذ"، ويضيف أنه "لهذا كان سهلا تحديد الخلية الإرهابية وتفكيكها، أما الآن فيجب أن تتعامل مع كل فلسطيني على أنه مشتبه به محتمل، وهذا وضع سيئ، ويجب أن تكون قادرا على التمييز بين الفاعل وبين الفلسطينيين".
وتعلق المجلة بأن قول هذا أسهل من فعله، خاصة أن عددا قليلا من المهاجمين لا سجل سابقا له في العنف، حيث يقومون بالتصرف من خلال مجموعات قليلة مكونة من صديقين أو ثلاثة أصدقاء، ولا تتجاوز أعمارهم في بعض الأحيان الثلاثة عشر عاما، مشيرة إلى أن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية المشتركة اعترف الشهر الماضي بأن القوات الأمنية الإسرائيلية ليست لديها إشارات أولية عن أي من الهجمات، حيث تغير هذا كله من خلال العمليات الأمنية غير التقليدية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة لتحديد المنفذين ووقفهم قبل القيام بعملياتهم، حيث إنه في الوقت الذي يتهم فيه الوزراء الإسرائيليون السلطة الفلسطينية بالتحريض على العنف عبر الإنترنت، وحاولوا عبثا إقناع شركات مثل "
فيسبوك" بحذف المحتويات التي تراها تحريضية، إلا أن المجتمع الأمني يرى في مواقع التواصل الاجتماعي وشبكاتها فرصة ذهبية لتحديد المهاجمين مقدما.
وتلفت المجلة إلى أن منفذي الهجمات تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 25 عاما، وهم بالضرورة ناشطون على صفحات "فيسبوك" و"
تويتر"، مشيرة إلى أنهم عادة ما يعبرون عما يريدون فعله ونواياهم على الإنترنت.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: "هذا معيار جديد، فنحن نتعامل مع أفراد لا علاقة لهم بمنظمات، لكنهم لا يعرفون قبل أسبوع، وربما يوم، أنهم سيقومون بتنفيذ الهجوم"، ويضيف: "كل ما نقوم بعمله هو بناء صورة شخصية عميقة عن ماضي المنفذين، وما هي دوافعهم ومن ألهمهم، ونستطيع تحديدهم بناء على المظاهر المشتركة بينهم".
وتكشف المجلة عن أنه يمكن العثور على هذه المعلومات من الأوصاف التي يضعها الفلسطينيون عن أنفسهم على حساباتهم في "تويتر"، أو صفحات "فيسبوك"، مشيرة إلى أن من أهم ما يرد في التوصيف الذي يقدمه المنفذ هو اتهام إسرائيل بتدنيس المسجد الأقصى، ونقد القيادة الفلسطينية، والتعبير عن كونه ينتمي للجيل الضائع، أو أنه سيقوم بالانتقام لمقتل قريب أو صديق أو جار على يد الجيش الإسرائيلي، وعادة ما يرد في الوصف حديث عن المشكلات الشخصية، مثل الزواج بالإكراه والدين أو التهميش الاجتماعي.
ويفيد التقرير بأن بعض المنفذين، الذين ألقي القبض عليهم قبل تنفيذهم الهجوم، اعترفوا تحت التحقيق بأنهم كانوا يريدون قتل أنفسهم فرارا من العار، حيث سينظر المجتمع إليهم على أنهم شهداء.
وتنوه المجلة إلى أن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن قاما باستخدام مجموعة من اللوغاريتمات لمراقبة حسابات الشباب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى بناء قائمة من المشتبه بهم، سمحت في بعض الأحيان للجيش الإسرائيلي بأن يوقف هجمات.
وبحسب التقرير، فإن العشرات من الشبان تلقوا "رسائل تحذيرية" من وحدة الأمن الداخلي "شين بيت"، حيث أخبروا وعائلاتهم أنهم عرضة للمراقبة، مشيرا إلى أنه يتم تحويل الأسماء للأجهزة الأمنية في السلطة الوطنية لمراقبتها.
وتخلص "إيكونوميست" إلى أنه يمكن استخدام الأسلوب ذاته في مجتمعات أخرى تعرض شبابها للحرمان، وتحولوا نحو التطرف عبر الإنترنت.