كتب ويليام بوث تقريرا في صحيفة "واشنطن بوست"، يقول فيه إن رئيس السلطة
الفلسطينية محمود
عباس لا يحظى بمحبة الفلسطينيين، وقد تعبوا منه.
ويقول بوث: "هذا وقت صعب لمحمود عباس لأن يكون زعيما فلسطينيا، فهو رجل بلا بلد أو تفويض شعبي أو حتى خطة". وأضاف أن "الزعيم الفلسطيني يكافح من أجل البقاء، في ظل تراجع شعبيته وسخرية
الإسرائيليين منه؛ إما لضعفه أو أنهم يتهمونه بالتحريض، فيما تحول عنه شعبه الفلسطيني، خاصة الشباب لشعورهم بالإحباط".
ويشير ىالتقرير إلى أن الضفة الغربية تهتز تحت وقع التظاهرات والطعنات اليومية بالسكاكين، التي يقوم بها أفراد "الذئب المتوحد" من الشباب الفلسطيني ضد اليهود الإسرائيليين، ويتم الرد على المتظاهرين، وبينهم أطفال، برصاص الجيش الإسرائيلي. لافتا إلى أن عدد الجرحى الفلسطينيين في التظاهرات تجاوز الألف جريح، فيما قتل أربعة إسرائيليين، وجرح آخرون.
وتحدثت الصحيفة عن عودة عباس، الذي بلغ الثمانين عاما، من نيويورك، حيث احتفل بقرار الأمم المتحدة رفع العلم الفلسطيني على مقر الأمم المتحدة، ويعلق الكاتب بالقول: "كان يجب أن يكون نصرا وإن كان صغيرا، وفي فلسطين لا أحد اهتم". فقد اعتبر عدد من الفلسطينيين المناسبة رمزية، ولن تفعل شيئا لإنهاء 50 عاما من الاحتلال العسكري الإسرائيلي لبلادهم.
وينقل الكاتب عن رجب حماد (27 عاما)، الذي يعمل حدادا، قوله: "رفع العلم جيد، لكنه لا يفعل شيئا". وأخبر موظف في البلدية الصحيفة أن "التصفيق لعودة عباس كان فاترا وإجباريا، فقد نقلت الحشود بالحافلات". وقال إن الحضور كان إلزاميا.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن حازم سليمان (25 عاما)، الذي يعمل طاهيا في مطعم في رام الله، قوله: "ما لا تفهمه أننا لا نهتم من هو الرئيس الفلسطيني، وما نريده نتائج ونهاية لهذه الإهانات كلها".
وتلفت الصحيفة إلى أن الاستطلاعات الأخيرة، التي قام بها المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والمسحية، أظهرت أن ثلثي الفلسطينيين يريدون استقالة عباس. مشيرة إلى أن هذه نسبة تثير الصدمة لأي سياسي. ولأنه لم تنظم انتخابات منذ عام 2005، فإن شرعية عباس تعتمد على هذا النوع من الاستطلاعات.
ويذكر بوث أن الاستطلاع ذاته أظهر أن 8 من كل 10 فلسطينيين لا يؤمنون بإمكانية نشوء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في الخمسة أعوام القادمة. بالإضافة إلى أن هناك نسبة كبيرة تميل الآن إلى دعم خيار المقاومة.
وينقل التقرير عن عامل توزيع أنابيب غاز يدعى محمد رياض، قوله: "يدعم أبو مازن الطرف اليهودي دائما". وأثنى هو وزميله على "العملية"، التي قامت بها خلية من حركة
حماس، وهاجمت زوجين يهوديين الأسبوع الماضي. وقالا إن الرجل اليهودي كان ضابطا كبيرا في الجيش الإسرائيلي، وكانا مخطئين فقد كشف عن أنه حاخام. وقال أحد الشابين: "لكنه كان بالتأكيد مستوطنا". ويشعر الإسرائيليون بالقلق من اندلاع انتفاضة ثالثة.
ويعلق الكاتب بأن "القيادة الإسرائيلية فعلت القليل لدعم عباس، الذي تبنى خيار اللاعنف، وتعاون بطريقة غير مسبوقة في التنسيق الأمني بين الشرطة الفلسطينية والأمن الإسرائيلي".
وتتحدث الصحيفة عن وصف وزراء إسرائيليين عباس "بالإرهابي الذي يرتدي البدلة"، وبأنه "زعيم التحريض"، ويسخرون من ضعفه، رغم أنهم يطالبونه بوقف الهجمات التي يقوم بها
الفلسطينيون.
ويفيد التقرير بأن الإسرائيليين يحملون عباس مسؤولية العنف الذي زاد في الحرم القدسي. مشيرا إلى دعوات عباس إلى فتح المسجد الأقصى وعدم إغلاقه، وعدم السماح للمستوطنين بتدنيسه. وطالب مؤتمر لجمعيات يهودية كبيرة في أمريكا عباس بتحمل المسؤولية. وقال المشاركون: "نعرف أن عباس يمكنه التأثير على الشارع الفلسطيني إن أراد. ويجب قطع التمويل عنه وعزله بسبب فشله، حتى يتخذ إجراءات قوية وملموسة".
ويقول بوث إن عباس حاول التصرف بحذر، فمن ناحية، فقد عبر عن دعمه للمقاومة الشعبية، ودعا من ناحية أخرى إلى عدم عسكرة النزاع واستخدام السلاح. ولدى عباس قوات أمن لكنها ممنوعة من فرض النظام على 60% من أراضي الضفة، ويواجه كذلك معارضة من حركة حماس التي تسيطر على غزة.
وتنقل الصحيفة عن عضو في الكنيست الإسرائيلي أنا بيركو، التي عملت سابقا في الاستخبارات الإسرائيلية، قولها: "لا أعتقد أن أبا مازن والسلطة الفلسطينية يريدان التصعيد". وأضافت: "شاهدنا في الماضي الكثير من التحريض، أما الآن يحاول عباس تهدئة الأوضاع".
ويكشف التقرير عن أن الكثير من الفلسطينيين لا يتلقون الأوامر من عباس. ويقول محمود بدران (27 عاما)، الذي يعمل حلاقا: "أتحدث كوني شخصا يدعم أبا مازن، وأقول: لا أحد يلتفت لما يقوله".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خليل الشقاقي، يقول: "الناس غاضبون من عباس؛ لأنهم غاضبون من الوضع الذي لم يتغير".