ملفات وتقارير

"بلاها فراخ".. من المستفيد من حملات مقاطعة الدواجن والأسماك في مصر؟

شهدت أسعار الأسماك ارتفاعا كبيرا على غرار اللحوم الحمراء والدواجن والبيض والألبان- عربي21
تشهد مصر في الآونة الأخيرة موجة من حملات مقاطعة الأسماك والدواجن، تحت شعارات مثل "خليها تعفن" و"بلاها فراخ". وتثير هذه الحملات تساؤلات حول تأثيرها على الأسعار، ومن يدعمها، ومن المستفيد منها، وإمكانات استمرارها.

وانتشرت حملة مقاطعة الأسماك، من محافظة بورسعيد، إحدى مدن القنال (خليج قناة السويس) وانتقلت إلى العديد من المحافظات، وفي الوقت نفسه تفاوتت درجة المقاطعة من كاملة إلى جزئية، كما أنها تباينت درجة الانخفاضات في الأسعار.

وشهدت أسعار الأسماك ارتفاعا كبيرا على غرار اللحوم الحمراء والدواجن والبيض والألبان، ولم تعد بدائل غذائية أرخص سعرا بما فيها أسماك المزارع والمجمدة التي كانت عادة ما توفر وجبات أقل تكلفة للأسر المصرية طوال أيام السنة.

وتراوحت الزيادة في أسعار جميع أنواع السمك ما بين 30% و60% منذ نيسان/ أبريل الماضي متأثرة بارتفاع سعر الدولار والسولار وارتفاع تكاليف الصيد والتخزين والنقل والأيدي العاملة وزيادة الإقبال عليها بسبب غلاء البروتين.


من المسؤول عن زيادة الأسعار؟
دفع الريس متولي حمدان، بأحد موانئ السويس للصيد البحري، تهمة رفع الأسعار عن الصيادين، وقال لـ"عربي21": "مراكب صيد الأسماك في البحر غير مسؤولة عن ارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق لأنها لا تملك تخزينها وتبيعها فور وصولها للموانئ".

ولكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "ارتفاع تكلفة عملية الصيد بعد زيادة أسعار السولار والنقل وما تبعها من تكاليف جعلت بعض المراكب لا تستطيع تغطية تكاليف الرحلة، وكل عمليات البيع تتم من خلال عطاءات على ظهر المركب، ولا دخل لأصحابها بها".

وأوضح حمدان أن "تأثير المقاطعة يضر بالتجار والبائعين الذين يقومون بشراء الأسماك وتوزيعها وبيعها في الأسواق للمواطنين".

وتساءل: "إذا قاطعنا الأسماك واللحوم وغيرها من اللحوم فماذا سيأكل المواطنون؟ هذه الحملات تضر بالتجار والمواطنين على حد سواء".


التأثير على الأسعار
على المدى القصير، قد تؤدي حملات المقاطعة إلى انخفاض أسعار الأسماك والدواجن، فمع تراجع الطلب، يضطر أصحاب المزارع والتجار والبائعون إلى خفض الأسعار لجذب المشترين؛ وذلك قد يُفيد المستهلكين على المدى القصير.

ومع ذلك، فإنه على المدى الطويل، قد تؤدي حملات المقاطعة إلى ارتفاع الأسعار، فمع انخفاض الإنتاج، يضطر أصحاب المزارع إلى رفع الأسعار لتعويض خسائرهم أو خروج بعضهم من السوق؛ وذلك قد يُضر بالمستهلكين على المدى الطويل.

في هذا السياق، يقول إسماعيل وشهرته "السماك" بسوق السمك في مدينة السويس: "هذه الحملة ضد الأشخاص الخطأ، نحن نقوم بشراء السمك إما بشكل مباشر من المراكب أو التجار لأننا لا نستطيع شراء كميات كبيرة من كل نوع حتى لا تفسد، والناس تفضل الأسماك الطازجة".

ويضيف لـ"عربي21": "بالتالي ليس من مصلحة التجار تخزين السمك في ثلاجات أو برادات كبيرة لأنها لن تكون طازجة، وسوف ينزل سعرها إلى النصف في حال أراد تخزينها، كما أن السوق عرض وطلب ومواسم صيد ومواسم ترقب".

وبشان تأثير المقاطعة على الأسعار، أوضح أن "الأسعار تراجعت في الأيام الأولى من المقاطعة ولكنها عادت للارتفاع لأنها لا تزال أرخص من اللحوم، إلى جانب أنها وجبات مفضلة لدى قطاع واسع وعريض وفي متناول الأيدي، وخلال الأيام الثلاثة للمقاطعة تراجع الإقبال ولكنه لم ينقطع وقمنا بتخزينه في ثلاجات السمك وتراجعت الأسعار بنسب طفيفة".


من يدعمها؟
تتنوع الجهات الداعمة لحملات مقاطعة الأسماك والدواجن، ويُشارك العديد من المواطنين في هذه الحملات تعبيرا عن غضبهم من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تُواجهها مصر منذ أكثر من سنتين.

وتستخدم بعض الجهات السياسية والإعلامية هذه الحملات كأداة للدفاع عن الحكومة وجهودها في خفض الأسعار وإعادة الانضباط إلى الأسواق، ومواجهة جشع التجار، وتلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في نشر هذه الحملات وتوسيع نطاقها.

من المستفيد منها؟
يُعد المستهلك هو المستفيد الأول من حملات مقاطعة الأسماك والدواجن على المدى القصير، حيث تؤدي إلى انخفاض الأسعار وذلك قد يُساعد في تخفيف الأعباء المالية على المواطنين، خاصة من محدودي الدخل.

لكن تحرص بعض الجهات السياسية والإعلامية المؤيدة للدولة على استغلال حملات المقاطعة وتأييدها من أجل خفض الأسعار وتقليل حدة الانتقاد الموجه إلى الدولة.



مقاطعة بعيدة عن أرض الواقع
وإذا كانت مقاطعة الأسماك وزيادة الإقبال على الدواجن أدت إلى ارتفاع أسعارها، فقد قال رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، محمود العناني، إن "أسعار الدواجن البيضاء وبيض المائدة انخفضت بنحو 25% خلال الفترة الماضية، وهي أكثر من النسبة التي طلبتها الحكومة بسبب توافر الأعلاف بعد الإفراج الجمركي عن كميات كبيرة من الأعلاف من الموانئ".

وأكد لـ"عربي21" أن "هناك اتجاها نزوليا في الأسعار لأن الخامات أصبحت متوفرة وأسعارها انخفضت، واستطاعت الحكومة تدبير الدولار للمستوردين"، مشيرا إلى أن "سياسة المقاطعة لا تحل أزمات؛ لأن الأمر برمته هو عرض وطلب، فإذا قل العرض فلن تنخفض الأسعار حتى لو أن هناك حملة مقاطعة والعكس صحيح".

وأعرب العناني عن شكوكه في قدرة المقاطعة على خفض الأسعار، وقال: "لا يمكن قياس تأثير المقاطعة على مستوى مدينة صغيرة مثل مدينة بورسعيد، ما يهمنا هو خفضها في جميع المدن، ولكن الأخذ بكلام وسائل التواصل الاجتماعي لا يعتد به، السوق على أرض الواقع هو من يقول كلمته".

بالمجمل، تثير حملات مقاطعة الأسماك والدواجن في مصر العديد من الأسئلة والتحديات، وتتطلب إدارة مناسبة وموازنة بين مصالح المستهلكين والقطاع الزراعي والاقتصادي لضمان تحقيق الفوائد المرجوة دون الإضرار بالاقتصاد والمزارعين المحليين.