ملفات وتقارير

متى ضحى العرب بكأس العالم رفضا للتطبيع وما هي قصة "طرد الاحتلال من آسيا"؟

صدر القرار الرسمي بطرد "إسرائيل" من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم خلال مؤتمر عقد في كولالمبور- منصة "إكس"
لا تعد المساندة الحالية من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لنظيره الفلسطيني في السعي لتعليق عضوية "إسرائيل" في الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، الأولى من نوعها، بل إن لها جذورا تاريخية متعلقة بجهود كويتية لطرد الاحتلال من عضوية اتحاد آسيا.

ويأتي المسعى الفلسطيني لتعليق عضوية الاحتلال في "الفيفا" على خلفية جرائم الاحتلال المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، وضم أندية موجودة في المستوطنات غير الشرعية بموجب القانون الدولي.

ما هي قصة طرد "إسرائيل" من الاتحاد الآسيوي؟ ومتى ضحى العرب بفرصة اللعب في نهائيات كأس العالم رفضا للتطبيع الرياضي؟

بعد صدور وعد بلفور عام 1917، بمنح وطن قومي لليهود في فلسطين، وحلول النكبة عام 1948، قام الاحتلال بتغيير اسم اتحاد كرة القدم من الفلسطيني إلى الإسرائيلي، ثم انضم إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 1954، بمساعدة إيرانية من نظام شاه الذي سبق الثورة الإسلامية في البلاد.

وتعدّ "إسرائيل" من مؤسسي الاتحاد الآسيوي حينها، وشاركت في كأس آسيا 3 مرات متتالية وصلت فيها إلى النهائي عامي 1956 و1960، وفازت بالبطولة التي نظمتها سنة 1964، دون مشاركات من الدول العربية التي كانت تسعى حينها إلى نيل استقلالها من دول الاحتلال والاستعمار.

مبادرة الكويت
مع بداية دخول العرب إلى كرة القدم عن طريق الاتحادات الدولية الرسمية، كانت مواجهة بين نادي هومنتن اللبناني ونادي هابويل تل أبيب "الإسرائيلي" خلال بطولة الأندية الآسيوية، ما دفع النادي اللبناني إلى الانسحاب رفضا للتطبيع.

وتتكرر الموقف عندما كان من المفترض أن يلعب نادي مكابي تل أبيب مع فريق الشرطة العراقي، الذي رفض أيضا التطبيع الرياضي وضحى باللقب.

وبسبب ذلك جاءت فكرة طرد "إسرائيل" من الاتحاد الآسيوي، بمبادرة رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم حينها، أحمد السعدون، الذي بدأ نهاية الستينات حملة لدعوة كافة الدول العربية الآسيوية للانضمام إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم من أجل تشكيل موقف موحد ضد "إسرائيل"، بحسب ما جاء في صحيفة "سيدني مورنينج هيرالد".

ومع انضمام البحرين والعراق والأردن وسوريا وقطر والإمارات إلى الاتحاد، جاء الطلب الرسمي من الاتحاد الكويتي إلى الاتحاد الآسيوي من أجل طرد الاتحاد الإسرائيلي خلال الألعاب الآسيوية عام 1974، ليتم تجميد عضوية "إسرائيل" حتى إشعار آخر.

وفي عام 1976، خلال مؤتمر عقد في كولالمبور، صدر القرار الرسمي بطرد "إسرائيل" من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في قرار صوت عليه بالإيجاب 17 دولة، مقابل 13 دولة صوتت من أجل بقاء "إسرائيل"، في حين امتنعت 6 دول عن الإدلاء بصوتها، وهو ما كشفه السعدون في لقاء مصور أجري عام 2012.

وقال السعدون في اللقاء: "قمنا باتصالات وبعثنا برسائل لكل الاتحادات العربية في آسيا واتحادات كرة القدم في آسيا، وطلبنا منهم الانضمام وشرحنا لهم الأسباب".



ونتيجة ذلك بقي الاتحاد الإسرائيلي دون أنشطة رياضية رسمية منذ خروجه من الاتحاد الآسيوي حتى تم قبول عضويته في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 1992، رغم أنه ليس عضوا في الاتحاد ولا ينتمي إلى القارة الأوروبية.

كأس العالم 
شهدت تصفيات كأس العالم في نسخة 1958 التي أقيمت في السويد، ضربة أخرى إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يحلم بالمشاركة في نهائيات البطولة العالمية الأبرز، وتمثلت برفض عدد من الدول العربية وغيرها استكمال المنافسة في التصفيات وعدم اللعب ضد المنتخب الإسرائيلي.

في تلك النسخة، لم يكن النظام القاري للمنتخبات معتمدا بعد، ولذلك قُسمت التصفيات لأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، ودمجت آسيا وأفريقيا في تصفيات واحدة مشتركة يتأهل فيها منتخب وحيد من أصل 8 منتخبات موزعة على 4 مجموعات. 

وكانت بداية الانسحابات من طرف تركيا، التي رفضت المشاركة احتجاجا على عدم تصنيفها مع المجموعات الأوروبية لتتأهل "إسرائيل" بدلا عنها، ثم في الجهة المقابلة انسحبت قبرص بسبب الظروف السياسية لتتأهل مصر، ثم تأهلت إندونيسيا التي تفوقت على الصين، والسودان التي أقصت سوريا.

وبعد ذلك رفضت إندونيسيا لعب المباراة مع "إسرائيل" داخل الأراضي المحتلة أو حتى استقبالها على أرضها، واقترحت اللعب على أرض محايدة، وهو ما رفضه الاحتلال، فأعلنت إندونيسيا انسحابها، ليتأهل الاحتلال لمقابلة الفائز من مباراة مصر والسودان. 

وبسبب ذلك، أصبحت مصر والسودان أمام خيار مواجهة الاحتلال في الجولة القادمة من التصفيات، فاستبقت مصر الموقف وأعلنت انسحابها قبل مواجهة السودان، ثم اتخذت السودان ذات الخطوة، لتتأهل "إسرائيل" عن مجموعة آسيا وأفريقيا افتراضيا.

ونتيجة ذلك، رفض "الفيفا" تأهل "إسرائيل" إلى كأس العالم دون خوض أي مباراة، فقرر عقد مباراة ملحق بينه وبين منتخب ويلز ليحدد المتأهل إلى مونديال السويد، وتمت المباراة بالفعل التي كانت على نظام الذهاب والإياب، وخسر الاحتلال بمجموع المبارتين (4-0).



تحيز الفيفا 
اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم إجراءات ضد دول أعضاء بناء على تصرفات حكوماتها، فجمّد مشاركة الأندية الروسية في المسابقات الدولية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، وسبق أن قرر الاتحاد الأوروبي بالاتفاق مع "فيفا" استبعاد المنتخب الروسي من الملحق الأوروبي المؤهل لبطولة كأس العالم 2022، التي أقيمت في قطر.

ورغم ذلك، لم يتم استبعاد "إسرائيل" من أي بطولة قارية أو عالمية بعد الحروب المتواصلة ضد قطاع غزة في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021 والحرب الحالية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي تزامن العديد منها مع بطولات عالمية بارزة.


ولم يتخذ الفيفا أو اليويفا أي إجراءات بعدما شنت "إسرائيل" الحرب على لبنان، وتوغلت قواتها داخل الأراضي اللبنانية في يوليو/ تموز 2006، تزامنا مع بطولة كأس العالم التي أجريت في ألمانيا.

ومع انطلاق بطولة كأس العالم 1982 التي استضافتها إسبانيا، شنت "إسرائيل" غزوا شاملا على لبنان، وارتكبت مجازر بشعة أبرزها "صبرا وشاتيلا"، دون أن تتخذ الاتحادات الرياضية أي إجراء أيضًا بحقها. 


ولم يكتف الفيفا بتجاهل جرائم الاحتلال، لكنه بادر لترويج مشاريع سياسية ودعمها على الأرض، حيث دعا رئيس الفيفا إنفانتينو خلال زيارته للأراضي المحتلة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، إلى تنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم تقام بين "إسرائيل" والإمارات.