أعتقد أننا، فلسطينيا، سنكون أكثر أهل الأرض سعادة في حالة انتظام العلاقة
السعودية الإيرانية بشكل جيّد وبحدها الأدنى، ما يحقّق إغاظة أعدائنا وما يبعدنا
عن معسكر
التطبيع.
فنحن وقضيتنا نتأثر بشكل إيجابي مباشر وسريع في حالة الوفاق، إذ نحن ندرك
تماما ومن خلال ما شابت هذه العلاقة من مراحل سيئة مدى انعكاس هذا على قضيتنا التي
نعتبرها قضيّة الأمة المركزية، فقضية بحجم القدس وفلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم، وإن
الفلسطينيين قائمون عليها بمعزل عن العالمين العربي والإسلامي، وكفاهما
الفلسطينيون شرّ القتال. بالتأكيد الفلسطينيون هم رأس الحربة، بينما جسم هذه
الحربة هو الأمتان العربية والإسلامية. فحالة التنافر والتدابر وكلّ يغنّي على
ليلاه؛ هي الوصفة الفضلى للاحتلال الإسرائيلي، وهي التي تجعله يتمطّى ويمدّ رجليه
ويُمعن في جرائمه ونهْش بعض الدول بأنياب التطبيع السامّة.
الفلسطيني يأمل دوما رأب الصدع وتحسين أوضاع الجبهة الخارجية التي من
المفترض أن تكون داعمة وأن تشكّل عمقا أمنيا للفلسطينيين، فلا يمكن أن تتحرّر
فلسطين إلا إذا حظيت مقاومتها بما يشدّ عضدها ويقوّي عزيمتها ويدعم صمودها سياسيا
وعسكريا وأمنيّا وإعلاميا، وكل مجالات الدعم والنصرة. فالسعودية وإيران دولتان
كبيرتان ووازنتان وتلعبان دورين كبيرين إقليميا ودوليا.
الفلسطيني يأمل دوما رأب الصدع وتحسين أوضاع الجبهة الخارجية التي من المفترض أن تكون داعمة وأن تشكّل عمقا أمنيا للفلسطينيين، فلا يمكن أن تتحرّر فلسطين إلا إذا حظيت مقاومتها بما يشدّ عضدها ويقوّي عزيمتها ويدعم صمودها سياسيا وعسكريا وأمنيّا وإعلاميا
وقد عانينا نحن الفلسطينيين من حالة التنافر بين الدول المحيطة بنا، مما
عكس ذلك سلبا على قضيتنا. أدرك أن لديهما كثيرا من الملفات وأن الملف الفلسطيني
ليس هو الوحيد أو أنه صاحب الأولوية الأولى في البحث بين الدولتين، وهنا لنا أن
نأمل في أن تحظى القضية الفلسطينية باهتمام يتناسب مع حجمها وحجم ما يتعرض له
إخوانهم الفلسطينيون من أذى، ومحاولات إسرائيلية جادة هذه الأيام لحسم الصراع بكلّ
ساديّة وتوحّش وعنجهيّة.
تاريخيّا عندما تحوّل النظام الإيراني من حكم الشاه إلى حكم الثورة
الإسلامية استبشرنا خيرا، وأعتقد أن الفلسطينيين كانوا أكثر الناس تفاؤلا وأملا
لما صاحب ذلك من توقّعات وما كان من إجراءات؛ أهمّها تحويل السفارة الإسرائيلية في
طهران إلى مكتب لمنظمة التحرير. ثم وقعت دولتان وازنتان في سياسة عُرفت فيما بعد
بسياسة الاحتواء المزدوج، حيث نجح أعداء الأمة في إشعال حرب بين العراق وإيران
دامت ثماني سنوات أكلت الأخضر واليابس في اقتصاد البلدين، أنهكتهما واستنزفت المال
الخليجي الداعم في ذاك الوقت، وفتحت أسواقا عالمية لتسويق خردة السلاح هنا وهناك.
ضاعت آمالنا نحن الفلسطينيين في لهيب تلك المعركة الطويلة وتبدّدت أنفاسنا
ونحن نترقّب انتهاء هذه المعركة. أدرك الطرفان أنه لا يمكن للنظام الدولي أن يسمح
بانتصار طرف على الآخر، وأدركا أنهما قد أصبحا فريسة سهلة لأعداء الطرفين، فافتعلوا
بعد هذه الحرب حربا على العراق؛ أولى ثم أتبعوها بثانية، ودمّروا العراق وأوقعوه
بحالة لا تسرّ صديقا.
غرقنا وغرقت قضيتنا في محيط من التراجع والفشل، وأصبحنا مكشوفي الظهر، ووقع العرب في حالة من التيه السياسي أوصلتهم إلى أن تطمع دولة الاحتلال في التطبيع معهم، وصل هذا الاحتلال البغيض الذي يتجلّى بأبشع صورة استعمارية عنصريّة فظّة وقحة تمارس التوحّش والعدوان الدائم على كلّ المكونات الفلسطينية: الأرض والإنسان وأخطرها المقدّسات، ليضرب بصلفه قلب كل عربي ومسلم بتدنيسه الدائم لأعظم مقدّساته (المسجد الأقصى)، ويمدّ شباكه ليصطاد دولا لتطبّع العلاقات معه
غرقنا وغرقت قضيتنا في محيط من التراجع والفشل، وأصبحنا مكشوفي الظهر، ووقع
العرب في حالة من التيه السياسي أوصلتهم إلى أن تطمع دولة
الاحتلال في التطبيع
معهم، وصل هذا الاحتلال البغيض الذي يتجلّى بأبشع صورة استعمارية عنصريّة فظّة
وقحة تمارس التوحّش والعدوان الدائم على كلّ المكونات الفلسطينية: الأرض والإنسان
وأخطرها المقدّسات، ليضرب بصلفه قلب كل عربي ومسلم بتدنيسه الدائم لأعظم مقدّساته (المسجد
الأقصى)، ويمدّ شباكه ليصطاد دولا لتطبّع العلاقات معه. انظروا إلى ما وصل إليه
هذا العقل الصهيوني العفن، وهو يمارس الإجرام بيد ويمدّ اليد الثانية للتطبيع..
أيّ وقاحة بعد هذه الوقاحة، ثم الأدهى والأمرّ تجد من يمدّ يده من العرب ويوافق
على هذا التطبيع الأسود.
لقد جاء هذا البريق من الأمل في أشدّ الأوقات حاجة إليه، وفي أشد ساعات
الليل ظلمة؛ ونحن الفلسطينيون نكتوي بنار التدابير والحماقة السياسيّة التي بات
الجميع فيها، وليس في سياسة الاحتواء المزدوج التي وقعت فيها إيران والعراق كما أسلفت،
ولكن قد يظهر مصطلح جديد يظهر أننا كنا في سياسة الاحتواء الشامل متعدد الأطراف.
نحن في أشد الحاجة إلى هذه الخطوة التي تفتح أمامنا من جديد فسحة من الأمل،
وتجعلنا نتطلّع إلى صياغة جديدة لمنظومة العلاقات الإقليمية والدولية من حولنا بما
يعزّز وضعنا ويقوّي الجبهة المساندة لقضيتنا.