يقول عسكريون وناشطون سوريون؛ إن معارك
حلب يفترض أن تتجه لقطع طريق إمداد النظام الرئيسي، وهو طريق أثريا - خناصر، الذي يعتبر الشريان الوحيد له، متسائلين عن الأسباب التي تحول دون فتح معركة في تلك الجهة.
ويقول الناشط عمر الشامي لـ"عربي21"؛ إن طريق خناصر- أثريا، أحد أهم طرق إمداد للنظام في كل
سوريا؛ لأنه يصل إلى مناطق النظام من دمشق مرورا بحماة إلى حلب، وهو شريانه الاقتصادي والعسكري، ويمتد على مساحات جغرافية واسعة، تصل لعشرات الكيلومترات، ويمر بمناطق مهمة للنظام مثل مدينة سلمية التي تعتبر خزانا بشريا من الشبيحة، النظام، وبلدة خناصر ذات الموقع العسكري المهم، كما يقع على طريق الإمداد هذا أهم معامل النظام العسكرية، وهو معمل دفاع في السفيرة.
ويضيف الناشط أن هذا الطريق يمر بمنطقة جبلية أغلبها يقع بأيدي الفصائل، ومنها منطقة جبل الحص التي تمتد من تلة الحمام حتى جبل عزان القريب من منطقة الشيخ سعيد، بوابة حلب من الجنوب، وصولا إلى جبل شبيث الذي يمتد لمسافة 20 كيلومترا، ويتقاسم السيطرة عليه كل من التنظيم والنظام، وهذه التلال التي توجد بأيدي الفصائل من جهة الغرب، تساعدهم عسكريا، كون المنطقة جبلية وترصد مواقع النظام ناريا.
وعن الأسباب التي تجعل الفصائل لا تتحمس لمثل هذه المعركة، يبيّن الشامي أن أكبر سبب يمنعهم من ذلك هو وجود تنظيم الدولة إلى الشرق من هذا الطريق؛ الذي يفصل بينهم وبين تنظيم الدولة، بحيث لا تتجاوز المسافة بين الجانبين 15 كيلومترا، وبالتالي يريد مقاتلو المعارضة أن تكون قوات النظام فاصلا بينهم وبين التنظيم، وهذا ما يريده التنظيم أيضا، وفق تقديره.
واعتبر أنه إذا ما سيطرت الفصائل المقاتلة على هذا الطريق، سيقوم تنظيم الدولة بالهجوم عليها، وقد يحاول الوصول لمناطق المعارضة في إدلب التي تبعد حوالي 35 كيلومترا عن طريق خناصر. وسبق للتنظيم أن هاجم طريق النظام وقطعه بالاشتراك مع "لواء التوبة" الذي كان يوجد في مناطق الفصائل.
ويرى الشامي أن هناك أمرا آخر سيشكل ورقة ضغط على الفصائل؛ في حال سيطرت على طريق الإمداد، وهو أنه في حال طلب تنظيم الدولة المهادنة معه؛ فلن تقبل الفصائل، تحت الضغوط الخارجية، وهذه الأمور تدفع المعارضة لعدم شن هجوم، على طريق أثريا - خناصر.
فتح الشام
وعن الأسباب العسكرية التي تعيق فتح معارك على هذا المحور، يقول القيادي الميداني في "جبهة فتح الشام"، يعرف بـ"أبو عمارة الحمصي": "هناك عدة أسباب، منها يتعلق بطبيعة المنطقة التي يمر بها طريق النظام، وهي مناطق ريف حلب الجنوبي الفقيرة، التي لا يهتم بها أحد من الفصائل، فيما اعتبر أن السبب المباشر هو الرغبة في عدم فتح أي جبهة عسكرية مع تنظيم الدولة الذي يمتد على طول الطريق من الجهة الشرقية".
وتحدث القيادي في فتح الشام؛ عن أهم نقاط النظام العسكرية التي تحمي هذا الطريق، وهي: كتيبة الدفاع الجوي التي تقع غرب خناصر بكيلومتر واحد، مبينا أن فتح معركة لقطع هذا الطريق على النظام يحتاج لأقل من نصف احتياجات معارك حلب "عدة وعددا".
وقال لـ"عربي21"، إن "الطبيعة الجغرافية للمنطقة هي لصالح المعارضة، بسبب خبرتها بحرب العصابات أكثر من حرب المدن، أيضا هذه المناطق شاسعة ومفتوحة ويكون التحرك فيها بسهولة أكثر من المدن، كما يسهل التأثير بالسلاح الثقيل على نقاط النظام المتمركزة"، وفق تقديره.
ويرى الحمصي أنه في حال فقد النظام الطريق سيحاول استرجاعه، "لكننا سنكسب أمرين: الأول نقل المعركة من حلب المدينة والتخفيف عن المحاصرين، ومحاصرة النظام والتخفيف من هجماته الجوية ضد المدنيين العزّل في حلب، والثاني هو استنزاف النظام الذي سيجعله يسحب قواته من حلب مما يسهل إرباكه"، كما قال.
عوائق
وفي هذا الصدد، يقول القيادي العسكري للواء الهجرة التابع لحركة أحرار الشام، عمر خطاب: "هناك عدة أمور تحول دون فتح معارك طريق خناصر، أولها الرؤية العسكرية التي تحدد الأولويات، وثانيها أن طريق خناصر لا يعتبر بوابة فك حصار حلب، والسبب الأهم هو أن هذا الطريق يقع في مناطق مكشوفة ومساحات صحراوية، وهذا فيه عبء مضاعف في ظل وجود الطيران الروسي".
ونفى خطاب، في حديث خاص لـ"عربي21"؛ وجود أي ضغوط خارجية تعرقل المعارك هناك، معتبرا أن "من يتحدث عن ضغوط بعيد كل البعد عن الواقع، فنحن ما قدمناه في معارك حلب الأخيرة، نحتاج نصفه لنجعل طريق خناصر أثرا بعد عين، ولكن الأمر يكمن في تحديد الهدف وسرعة الوصول إليه".
ورقض القيادي في أحرار الشام فكرة أنه بمجرد السيطرة على طريق خناصر ستتم محاصرة النظام في حلب، "فالنظام يوجد ضمن مناطق معمل الدفاع الذي يمده بالذخيرة"، وتابع متسائلا: "ما هي المدة الزمنية التي تجعل النظام يعاني من الحصار؟ كما أننا لا نسعى لحصار المدنيين".
وقال: "طريق خناصر منطقة صراعات والكثير يريدها، وفي ظل صراعات الجماعات نسعى دائما لتحييد الخصوم"، وفق تعبيره.
وفي هذا الإطار، يقول القيادي المقرب من الفصائل الإسلامية، أبو عبد الله الحلبي، في حديث لـ"عربي 21": "في الحقيقة قبل العمل على محاور الراموسة لفك حصار حلب، عرض العسكري العام لجند الأقصى على الفصائل؛ العمل على طرق إمداد النظام لكونه أكثر نجاعة من محور الراموسة، وحذر العسكري من خطورة الاستنزاف هناك في محور الراموسة، وتم رفض اقتراح الجند من الفصائل، على حد تعبيره.
ويضيف الحلبي: "أتصور أن الأجندات الخارجية أدت دورا في منع قطع طريق خناصر، وفيما يتعلق بجبهة فتح الشام فهي ضمن
جيش الفتح، ولا يمكن لها أن تنفرد بمعركة طريق الخناصر، وأما حجة وجود تنظيم الدولة شرق الطريق، وأنه سيهاجم الفصائل فلماذا لا تهاجمه الفصائل بعد فك حصار حلب وهي الآن تقاتله؟ فهذا كلام لا يمت للحقيقة بصلة، فطريق خناصر يمكن قطعه"، وفق تقديره.