واصلت الصحافة البريطانية هجومها على
حزب العمال وزعيمه، واتهامه بعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع معاداة السامية داخل الحزب، وهو النقاش الذي اندلع بعد تصريحات عمدة لندن السابق كين ليفنغستون، حول العلاقة بين الصهيونية والنازية في معرض دفاعه عن برلمانية عمالية كتبت على صفحتها في "فيسبوك"، قبل انتخابها العام الماضي، منشورا دعت فيه إلى نقل إسرائيل إلى أمريكا.
وتم تبادل الاتهامات، فيما استغل حزب المحافظين الأزمة لتعزيز فرص مرشحه لعمدة لندن زاك غولدسميث، الذي استخدم تكتيكا آخر ضد منافسه في حزب العمال
صادق خان، حيث اتهم الأخير بعلاقاته مع المتطرفين.
وكتب غولدسميث في صحيفة الأحد "ميل أون صاندي"، محذرا من تسليم لندن إلى صديق المتطرفين، أي خان، ولحركة حماس، في إشارة لمواقف زعيم الحزب جيرمي
كوربين من قضايا الشرق الأوسط، وردت المسؤولة السابقة في حزب المحافظين سيدة وارسي، على ما كتبه غولدسميث، وانتقدت استخدم مرشح حزب المحافظين صورة لحافلة دمرت أثناء هجمات لندن الإرهابية 7/7/2005، حيث إنه يشير في مقالته إلى أن انتخاب المسلم خان يعني تسليم العاصمة لحزب العمال، الذي يعتقد أن الإرهابيين أصدقاء .
وكتبت وارسي، التي كانت وزيرة في الخارجية قبل استقالتها؛ احتجاجا على حرب غزة الاخيرة، تغريدة قالت فيها: "هذا ليس زاك الذي أعرفه"، وكتبت أيضا: "هل نقاتل لتدمير زاك أم من أجل ربح الانتخابات؟". وأضافت وارسي: "في العالم الحقيقي يشعر أهل لندن بالقلق حول السكن والوظائف والخدمة الصحية، وفي عالم السياسة وتلفزيون الواقع هناك عرض اسمه (أكثر وأكبر بريطاني متعصب)"، وقالت وارسي يوم الجمعة إن "على حزب العمال أن يقلع جذور معاداة السامية من الحزب، وعلى حزب المحافظين تنظيف صفوفه من المعادين للإسلام، حيث إن كلاب السياسة المسعورة تقوم بتدمير
بريطانيا".
ودافع كوربين، وفق ما ترجمته "
عربي21"، في خطابه أمام حشد كبير يوم الأحد، بمناسبة عيد العمال، عن سجل حزبه، ورفض الاتهامات الموجهة إليه، لكن صحيفة "التايمز" صورت الأزمة حول معاداة السامية وكأنها ثورة داخل حزب العمال، حيث كتبت على الصفحة الأولى: "نواب المقاعد الأمامية من العمال يتركون كوربين بسبب معاداة السامية"، حيث قالت إن النواب الكبار في الحزب هددوا بالاستقالة إن لم يتعامل كوربين مع أزمة معاداة السامية بقوة، في وقت هدد فيه متبرعون يهود للحزب بأن الأزمة تضع مشاركتهم بدعم الحزب محل تساؤل، مشيرة إلى سير رونالد كوهين الذي تبرع للحزب بمبلغ 2.5 مليون جنيه في عهد توني بلير، في وقت دافع فيه حلفاء كوربين عن سياسة زعيمهم.
وقالت مسؤولة التنمية الدولية في الحزب دايانا أبوت، إن الشكاوى التي تلقاها الحزب حول معاداة السامية لا تتعدى 12 شكوى، وتم التعامل معها بسرعة، ومنها قضية ليفنغستون، التي تم التعامل معها خلال ساعات، حيث تم توقيف العمدة السابق.
وقالت أبوت في لقاء مع "برنامج أندرو مار" الصباحي على "بي بي سي"، إن هناك حملة لتشويه سمعة الحزب، فيما اتهم مسؤول أكبر اتحاد عمالي "يونايت" لين ماكلوكس، من أسماهم "العمال الخونة" بالوقوف وراء الأزمة.
واتهمت وزيرة الظل ليز كيندال، والمساعد السابق لغوردون براون مايكل دوغير وغيرهما بالوقوف أمام أسوأ أزمة يواجهها كوربين، بحسب ما أشار تحليل لحظوظ حزب العمال في الانتخابات المحلية، حيث نقلت صحيفة "الغارديان" عن أكاديمي حلل نتائج استطلاعات وأداء المعارضة في الانتخابات المحلية، وتوقعت الصحيفة أن يواجه الحزب أسوأ نتائج انتخابية له منذ 35 عاما.
وقالت الصحيفة إن استطلاعا لها يظهر إمكانية خسارة الحزب 175 مقعدا في انتخابات يوم الخميس، وإن تحقق التوقع فستكون تلك الانتخابات هي الأسوأ للحزب منذ عام 1982، حيث ستؤثر النتائج على موقف كوربين؛ لأنها الأولى التي تجري منذ توليه زعامة الحزب، وقال ماكلوكسي وآبوت إن "معاداة السامية" تم استخدامها لأهداف سياسية.
وقال ماكلوكس في تصريحات لـ"الغارديان" إن الاتهامات لا تخلو من "خيانة" و"مصيدة سخيفة" لكوربين، وتوقع ماكلوكسي خسارة الحزب لمقاعد في إسكتلندا، مستدركا بأنه يجب ألا تؤدي الخسارة إلى تحركات ضد كوربين من داخل الحزب، داعيا لمنح الوقت لكوربين وفريقه كي يوصلوا رسالتهم، بعيدا عن الضجة الإعلامية.
وفي الوقت ذاته قالت صحيفة "ديلي تلغراف" في سياق الحملة ضد كوربين، وهي التي قادت حملة دعت حزب العمال لانتخابه كي يدمر الحزب، إن كوربين "تعهد بالاستمرار كي يتحدث مع منظمات، مثل حركة حماس وحزب الله، ورفض زعيم الحزب دعوات السفير الإسرائيلي لشجب حركتي حماس وحزب الله".
وزعمت الصحيفة أن نائب الحزب جون ماكدونيل ينتظر كي يقوم بحملة منظمة للسيطرة على الحزب، وزعمت مصادر أن صفقة تمت بين الرجلين من أجل الحفاظ على مواقف كوربين اليسارية.
وترى صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها أن كوربين لم يغير مواقفه اليسارية، وحتى لو هزم الحزب، وهو يستحق الهزيمة، بحسب رأيها، فلا يتحمل كوربين المسؤولية وحده، لكن من يتحملها هو التيار المعتدل داخله والعاجز عن فعل شيء.
وتجد الصحيفة في خسارة الحزب ضرورة لحماية الديمقراطية، ووسيلة للإطاحة بكوربين قبل أن يتسبب بأضرار جديدة لحزبه.