استعرض
مقال في موقع "موندويس" الأمريكي للكاتب "ميكو بيليد" إخفاقات الاحتلال في حربي تشرين الأول/ أكتوبر 1973 و2023.
وقال بيليد، "إن إسرائيل عانت خلال الحربين من انهيار القيادة السياسية والعسكرية، موضحا أنه لم يكن من الممكن أن يتصور أن العرب لديهم القدرة أو الشجاعة الكافية لشن مثل هذا الهجوم الجريء".
وأضاف الكاتب في التقرير الذي ترجمته "عربي21”, أن عناصر
المقاومة الفلسطينية من غزة يسيطرون "وقت كتابة هذا المقال"، على عدة مستوطنات، معظمها يحيط بغزة في منطقة النقب منذ ما يقرب من ست عشرة ساعة، وما زال الجيش "الإسرائيلي وقوات الأمن الأخرى" تسعى جاهدة للعثور على "مفتاح الضوء"، بعد عملية عسكرية مشتركة شملت هجمات صاروخية وغزوا بريا واسع النطاق؛ حيث شن الفلسطينيون من غزة هجوما غير مسبوق على الأراضي المحتلة منذ عام 1948.
اظهار أخبار متعلقة
ونقل الكاتب تصريحات للصحفي الإسرائيلي عوديد بن عامي، الذي نشر خبر الهجوم المفاجئ في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وصف فيه هجوم أمس بأنه صدمة ضبابية، بينما وصف عام 1973 باعتباره فشلا، حيث قال: "إننا نشهد الآن فشل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وفي كلتا الحالتين، انهارت كل الأنظمة التي كان من المفترض أن تمنع أو على الأقل تحذر من هجوم مفاجئ بهذا الحجم".
وذكر الكاتب "أن أكثر من عشر ساعات مرت والإسرائيليون في المستوطنات في جميع أنحاء النقب وخاصة حول غزة تحت الحصار، مع سيطرة المسلحين الفلسطينيين ووجود عسكري إسرائيلي صغير فقط".
وربما يكون الأمر الأكثر صعوبة في الفهم، هو أن عناصر المقاومة الفلسطينية دخلوا وسيطروا على مقر لواء غزة التابع للجيش "الإسرائيلي"، وهو المكان الذي يتمركز فيه قائد اللواء، حيث يتجول الفلسطينيون من غزة بحرية حول قاعدة عسكرية، وسط حالة من الذهول للدبابات "الإسرائيلية" المهجورة.
وأضاف بيليد، "أن الهجوم المفاجئ الذي شنه الجيشان
المصري والسوري عام 1973 كان مدمرا، ليس فقط للجيش الإسرائيلي، بل أيضا للشعب الإسرائيلي، والآن بعد مرور خمسة عقود على كارثة السادس من تشرين الأول/ أكتوبر، وجه الفلسطينيون للإسرائيليين نداء آخر للاستيقاظ".
واستذكر كاتب المقال أحداث اليوم الذي بدأت فيه حرب 1973، حيث اعتاد "الإسرائيليون" على حروب قصيرة وحاسمة وعمليات قبل هذا اليوم، حيث "كان الجيش، أحد أفضل الجيوش في العالم أو هكذا اعتقادهم، منتصرا دائما على العرب".
وأفاد الكاتب بأن والده كان عضوا بارزا في القيادة العليا الإسرائيلية قبل سنوات قليلة من حرب 1973، وتقاعد بعد حرب عام 1967.
وبحسب بيليد، قال مراسل إسرائيلي يبث على الهواء مباشرة من تل أبيب إن "الإسرائيليين يعتقدون أن عصر الحروب الكبرى قد انتهى"؛ حيث يتم عرض مشاهد القتال مع عناصر المقاومة الفلسطينية في سديروت والمستوطنات الأخرى.
وأوضح، "أن ما نسيه الإسرائيليون، أو ربما لم يدركوه قط هو أن الجنود الإسرائيليين ليسوا شجعانا، ومن المؤكد أنهم ليسوا محصنين، فلقد ثبت منذ عقود من الزمن أن الإسرائيليين في حربهم، أقل شأنا من نظرائهم العرب".
ولفت الكاتب إلى "أن السائد كانت هي أنه بعد الهزيمة في حرب عام 1967، لن يجرؤ العرب على مهاجمتنا، إلا أنهم قاموا بالهجوم وفي عام 1973 وقبضوا على الجيش الإسرائيلي وهم عرايا".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف بيليد، "أن الجيش المصري سار بارتياح ومن دون مقاومة إلى شبه جزيرة سيناء، وزحف الجيش السوري إلى مرتفعات الجولان، وهي المنطقتان اللتان احتلتهما إسرائيل في عام 1967. ويقال إن السوريين كان بوسعهم أن يستولوا على مرتفعات الجولان ويصلوا إلى الجليل من دون مقاومة لو لم يتوقفوا خوفًا من أنهم يسيرون نحو الفخ".
وقال الكاتب، "إن قائمة الاتهامات التي يمكن توجيهها ضد الثنائي غولدا مائير وموشي ديان طويلة جدا، لكن يمكن توجيه الاتهام الرئيسي لهما بأنه كان من الممكن تجنب الحرب تماما لولا غطرستهما، فمنذ عام 1970، عندما أصبح أنور السادات رئيساً لمصر، كان يدعو إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، وتجاهلته الحكومة التي قادتها غولدا وديان. وبعد ثلاث سنوات من محاولته استعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من مصر سلميا اختار الحرب".
وأشار بيليد، إلى أن الفلسطينيين ظلوا يطالبون بحريتهم لعقود من الزمن؛ لذا كان ينبغي توقع هذا الهجوم، الذي تم التخطيط له وتنفيذه بشكل جيد، ومع ذلك، فقد أظهرت إسرائيل مرة أخرى أن جيشها هو جيش غير كفوء، ومفرط في الكبرياء، ومفرط في الثقة.
وذكر الكاتب، "أن والده طوال تلك السنوات كان يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى الدخول في محادثات سلام مع جيرانها العرب، بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، التي وصفها بأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وانتقد بشكل خاص الثنائي جولدا وديان. وكان لاذعا في تصريحاته بشأن جبنهما وافتقارهما إلى البصيرة، وتصرفهما غير المسؤول بتجاهلهما دعوة السادات للسلام."
وبين بيليد أن القيادة الإسرائيلية كانت آنذاك كما هي اليوم في حالة فوضى عارمة؛ فلقد فقدت أسرة الكاتب الاتصال بأخيه الذي عاد من الولايات المتحدة للالتحاق بالجيش، ولم يعرف أحد، وتكبد الجيش الإسرائيلي فادحة، ولم تكن هناك طريقة لمعرفة ما إذا كان جندي ميتا أو حيا أو ربما تم أسره.
وأضاف، "أن هذا تكرر في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع استثناء واحد: وهو أن المدنيين الإسرائيليين هم الذين قُتلوا وجرحوا وفقدوا، لأن أحداً لم يتخيل أن العرب قادرون بالدرجة الكافية لشن مثل هذا الهجوم الجريء".
وأوضح الكاتب، "أن الاتصالات قد انقطعت كما حدث في 1973، لكن الأمر الأسوأ حينها هو أنه بسبب عودة بعض الجنرالات المتقاعدين، لم يكن هناك تسلسل قيادي واضح، مما يعني أن انهيار القيادة كان على أعلى مستوى في الجيش".
وأفاد الكاتب أنه كانت هناك معلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى أن المصريين كانوا يعتزمون الهجوم في عام 1973. وجاءت هذه المعلومات من مصادر مختلفة، بما في ذلك الموساد، والمخابرات العسكرية، وحتى العاهل الأردني الراحل الملك حسين، الذي حذر الحكومة من أن الحرب كانت وشيكة.
ووفق الكاتب، "بينما لا يزال الذل الذي خلفته حرب عام 1973 مشتعلاً في قلوب وعقول الإسرائيليين، فقد أصبح الآن هناك إذلال جديد، وربما أعظم، ففي الحروب التي سبقت عام 1973، كانت إسرائيل تهاجم دائما عندما يكون أعداؤها ضعفاء وغير مستعدين، في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، ومرة أخرى في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تذوق الإسرائيليون طعم الدواء الخاص بهم، والأكثر من ذلك أنها انهارت عسكريا وسياسيا".
اظهار أخبار متعلقة
وختم الكاتب مقاله بالقول: "إن هناك شيئا واحدا مؤكدا، بغض النظر عن مدى نجاح هذه العملية، فمن المرجح أن يدفع الفلسطينيون ثمنا باهظا، متمنيا أن يؤدي هذا النجاح العسكري الفلسطيني إلى مكاسب سياسية حقيقية لجميع الفلسطينيين".