أكد أخصائيو
الصحة في
بريطانيا أنه حان الوقت لاعتبار البدانة مرضاً له علاقة بالوراثة وعلم الأحياء وطريقة الحياة التي نعيشها في يومنا هذا.
وتظهر نتائج تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عربي اليوم الجمعة، أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن بشكل ملحوظ يواجهون خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة بنسبة 66 في المئة أكثر من أولئك الذين يتمتعون بوزن طبيعي.
ويقول العديد من المصابين بمرض البدانة إنهم ليسوا فقط مضطرين للعيش مع وصمة العار والتحيز بل يعانون أيضاً كثيراً للحصول على
العلاج المناسب.
ووفق التقرير فقد وجد العلماء أن جينات الناس لها علاقة بتغير أوزانهم حتى لو كانوا يتناولون نفس عدد السعرات الحرارية.
يقول شو سومرز، استشاري الجراحة المتخصص في عمليات التخسيس، وهو يعالج الأشخاص الذين يعانون من
السمنة المفرطة منذ سنوات عديدة: "إن الأشخاص الذين لديهم جينات وراثية معينة، هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة مقارنة بأولئك الذين لا يمتلكونها".
وأكد أن السمنة لا تتعلق فقط بالوراثة، بل بعلم النفس وعدم المساواة والبيئة الغذائية التي نعيش فيها أيضاً.
وقال: "تاريخياً، كان الأشخاص ممن لديهم مثل هذه الجينات الوراثية، كانت فرصهم أفضل في أوقات المجاعة عبر التاريخ، ولكن مع وفرة الطعام عالي السعرات الحرارية في يومنا هذا، هم يكتسبون المزيد من الوزن "إذا افتقروا للعزيمة والمساعدة القويتين"".
وينقل التقرير أيضا عن الدكتورة دينيس راتكليف، أخصائية علم النفس السريري التي تدعم المرضى خلال جراحة علاج السمنة، تأكيدها أن تجارب الناس السابقة يمكن أن تلعب دوراً مهماً.
وتقول إنه على سبيل المثال، ينتهي المطاف بالعديد ممن تعرضوا لصدمات أو سوء معاملة أو إهمال، إلى مواجهة علاقة مضطربة مع الطعام.
وتضيف: "أعتقد أن هناك شيئاً ما له علاقة بالتجارب النفسية التي يمر بها الناس، والعلاقات التي يبدأون في تكوينها مع الطعام تصبح أقرب ما يمكن إلى عاصفة بكل معنى الكلمة".
من جهته يقول الدكتور عابد طهراني، كبير المحاضرين في طب السمنة بجامعة برمنغهام، إن هناك الكثير من الأشخاص "مصممون بيولوجياً لتخزين الطاقة" على شكل دهون.
ويوضح أن الإشارات من منطقة ما تحت المهاد في الدماغ التي تتحكم في الشهية تقصف الشخص بأحاسيس الجوع والرغبة في تناول الطعام، ويكاد يكون من المستحيل مقاومتها.
لذلك، حتى لو فقد الشخص بضعة كيلو غرامات من وزنه بنجاح عن طريق اتباع نظام غذائي، فإن جسمه يتذكر وزنه الأساسي ويسعى جاهداً للعودة إليه.
وأظهرت سجلات العيادات الطبية في المملكة المتحدة أن فرص النجاج سنوياً لتحقيق الوزن الطبيعي لدى الأشخاص المصابين بالسمنة المرضية هي واحد من بين 700 إلى 1000 شخص.
وذكر التقرير أن بحثا جديدا قام به فريق مكون من متخصصين في جامعة برمنغهام ومستشفيات جامعة برمنغهام وكلية طب وارويك، وجد أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة معرضون لخطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة بنسبة 66 في المئة أكثر من أولئك الذين لديهم وزن طبيعي. وهذه النسبة تنطبق حتى على الأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل صحية أساسية، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
وقد تم نشر الدراسة في المجلة الأمريكية لأمراض الكلى، اعتماداً على سجلات 4.5 ملايين مريض في المملكة المتحدة على مدى 20 عاماً.
ووجدت دراسات سابقة قام بها نفس الفريق أن أولئك الذين يعانون من السمنة دون أن تكون لديهم مشاكل صحية أخرى، معرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية بنسب أكبر.
وتوصي خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة، بعلاج أربعة مستويات من البدانة:
التشجيع على تناول الأطعمة الصحية واتباع نمط حياة نشط، ممارسة الرياضة في الصالات الرياضية المخصصة للتخسيس، ويتم سداد نفقات هاتين الحالتين من قبل السلطات المعنية المحلية.
وتقدم خدمة الصحة الوطنية العلاج للمستوى الثالث، إذ تصرف الأدوية للمرضى ويساعدون في التخطيط لسلوك ونمط الحياة المطلوب.
أما المستوى الرابع فيشمل دعم المرضى من خلال التدخل الجراحي لإجراء عملية إنقاص الوزن.
ووفق التقرير فإن حوالي ستة آلاف شخص في المملكة المتحدة يخضعون كل عام لعملية جراحية للمساعدة في تقليل أوزانهم وتحسين صحتهم بشكل كبير.
وتعاني إنجلترا من أعلى معدلات البدانة بالنسبة للبالغين، وأحد أدنى معدلات الإنفاق على الفرد فيما يتعلق بهذا النوع من الجراحة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.
وتقول الحكومة في المملكة المتحدة إنها دشنت استراتيجية لمعالجة السمنة، وتخطط لزيادة خدمات علاج الوزن الزائد لكي يحصل المزيد من الأشخاص المصابين بها على دعم خدمة الصحة الوطنية.
كما ستشرع في إنهاء الترويج للأطعمة الغنية بالدهون والسكر والملح.
وتقول خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة إنها ستركز على دعم أولئك الذين يعانون من السمنة ومن مشاكل صحية أخرى مثل مرض السكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم.