هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على حالات العنف الجنسي خلال الحرب الأهلية السورية، من خلال عرض شهادة حية لمواطنة سورية تدعى حسناء الحريري، التي كانت ضحية لهمجية نظام بشار الأسد.
ويؤكد ذلك أن النظام السوري قد وظف منذ قيام الثورة سنة 2011 الاغتصاب كسلاح من أسلحة الحرب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الاغتصاب يعد في ظل ما تشهده سوريا من أحداث دامية، جريمة صامتة. لقد شرع النظام السوري في ارتكاب هذا النوع من الجرائم منذ الأشهر الأولى على اندلاع الثورة سنة 2011، حيث تعرضت الضحايا للاغتصاب في عدة معتقلات أو في المراكز التابعة للمخابرات التي يديرها نظام بشار الأسد.
ونوهت الصحيفة بأن الاغتصاب يعد "جريمة شرف" مما أجبر العديد من الضحايا اللواتي كن معتقلات سابقات على الانتحار.
بالإضافة إلى ذلك، فضلت بعضهن عدم الخوض في كل ما تعرضن له من اعتداءات جنسية والتزمن في المقابل الصمت.
وتعد حسناء الحريري، البالغة من العمر 54 سنة، من بين النساء القلائل اللواتي عبرن عن استعدادهن للإدلاء بشهادتهن بخصوص الجريمة التي ارتكبت في حقها، حيث ذكرت "مم سأخاف بعد أن خسرت كل شيء؟".
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة "لوموند" قد التقت بحسناء سنة 2016 في الأردن، تحديدا بالقرب من الحدود السورية. وقبل الثورة، كانت حسناء تعيش في مدينة درعا مع أطفالها العشرة ووالدي زوجها العجوزين. وخلال الحرب، قتل ثلاثة من أبنائها وزوجها وأربعة من أشقائه وأربعة آخرين من أصهارها، كما تعرضت حسناء إلى عنف شديد في المعتقل. وبعد ما عانته من ويلات، قررت حسناء أن تتكلم بما أنها تعد "والدة للشهداء" وتقاضي بشار الأسد في المحاكم الدولية.
اقرأ أيضا : "الائتلاف السوري" يطالب مجلس الأمن بملاحقة مجرمي الحرب
ونقلت الصحيفة شهادة حسناء، التي ذكرت "بعد أن انشق أحد أبنائي المجندين عن الجيش السوري، انقلبت حياتي وأصبح جل أفراد عائلتي "أعداء للنظام". وقد خدم ابني في الجيش لمدة 11 سنة قبل أن ينشق، بعد أن رفض الانصياع للأوامر القاضية بفتح النار على الثوار. وبعد مضي ثلاثة أيام فقط منذ انشقاقه، تمت مداهمة منزلي الواقع في قرية بلدة بمدينة درعا، حيث قاموا بنهبه وتفتيشه قبل أن يفجروه بقذيفة "آر بي جي"".
وأضافت السيدة حسناء: "بعد ذلك فقدت أحد أبنائي، الذي انضم إلى الثوار. فعندما كان يتلقى العلاج في مستشفى درعا، قتله جنود النظام الذين اقتحموا المشفى وقتلوا 65 رجلا الذين كان من بينهم جرحى، فيما دفنوا خمسة آخرين وهم أحياء".
وأشارت الصحيفة إلى أن حسناء قد أكدت أنها بعد هذه الحادثة جندت نفسها لتوفير الأطعمة والأدوية لعائلتها وإلى الثوار. وقد تم إيقافها لأول مرة يوم 14 حزيران/ يونيو سنة 2011، قبل أن تنقاد إلى مركز للمخابرات السرية في درعا؛ ثم تم نقلها إلى دمشق وتحديدا إلى المركز رقم 215 التابع للأمن العسكري. وحيال هذا المركز، قالت حسناء: "نحن نصفه بمركز الموت، نظرا لأن العديد من المساجين يموتون بين أسواره تحت التعذيب".
اقرأ أيضا : غوطة دمشق الشرقية.. حين يغزوها الموت من كل مكان
وواصلت حسناء قائلة: "خلال مروري بأروقة هذا المركز نحو زنزانتي كان المنظر جهنميا، حيث كانت الأرضية مغطاة بالدماء، والجثث ملقاة في زوايا الجدران. كما أنني كنت شاهدة على عملية تعذيب لا يمكن تخيل بشاعتها".
وأضافت الصحيفة أن حسناء وصفت هذا المشهد مؤكدة: "لقد رأيت شبابا أجسادهم عارية، يتم ضربهم بالعصي إلى درجة أن جلدهم قد انسلخ عن لحمهم، وهم معلقون بسلاسل مشدودة إلى السقف. كما رأيت معتقلين آخرين يتم تقطيعهم باستخدام منشار جنزيري وهم معلقون فوق معتقلين آخرين لكي يجبروهم على الاعتراف بما لم يقترفوه. لقد كان الصراخ يهز كل أروقة السجن".
وفي سياق متصل، أوردت حسناء: "لقد كان بين المعتقلين بعض النساء. ورغم كبر سني، أجبروني على الوقوف عارية لأيام مع إخضاعي للتحقيق. لقد تعرضت للإهانة كثيرا، فقد تم ضربي بكل الوسائل المتاحة وصعقي بعصا كهربائية في كل مكان في جسمي...كما قضيت أياما في مسبح من المياه القذرة والملوثة، وكانوا يغرقون رأسي فيها لإجباري على الإجابة عن أسئلتهم المتمثلة في "من هم الإرهابيون الذين تساعدينهم؟ ما علاقتك بالشبكات القطرية والسعودية؟".
ونوهت الصحيفة بأن حسناء ذكرت أن أحد الجنود قد أقحم إصبعه في عضوها التناسلي، فصرخت: "ما الذي تفعله اعتبرني مثل والدتك"، وهو ما يؤكد على مدى الوحشية التي كان المعتقلون يتعرضون لها في تلك المراكز. كما تؤكد مختلف الحالات أن الاغتصاب كان الأكثر تداولا في السجون السورية.
اقرا أيضا : "بيلد" الألمانية: لماذا حذف موقع يوتيوب جرائم الأسد؟
وفي الختام، صرحت هذه السيدة أنه بعد ذلك أدخلها الحراس إلى زنزانة تعذيب مكتظة بالرجال الذين تعرضوا بدورهم للاغتصاب، وتوجه الجنود بالكلام لها قائلين: "أنظري جيدا إلى ما حل بأبنائك وبناتك إذا ما فكرت في مواصلة التآمر على النظام، سنتداول على اغتصابك كلنا"... فهم يعلمون جيدا أن الاغتصاب في مجتمعاتنا يعد أسوأ من الموت نفسه.