هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في مثل هذا الشهر من كل عام، يحتفل الليبيون بذكرى انتصار ثورتهم، ومقتل العقيد الليبي معمر القذافي، وإنهاء حكمه الشمولي الذي استمر قرابة 42 عاما.
وبعد مقتل القذافي، شهدت البلاد تكوين عدة أجسام تشريعية وتنفيذية، بدأت بالمجلس الوطني الانتقالي، الذي قاد البلاد حتى إجراء أول انتخابات في ليبيا عام 2012، والتي أفرزت المؤتمر الوطني العام الذي أنهى مدته القانونية في عام 2014، ليحل مكانه مجلس النواب الليبي.
وتشكلت في ليبيا عدة حكومات منذ الثورة، كان أولها المكتب التنفيذي، ثم حكومة انتخبها المؤتمر الوطني برئاسة عبدالرحيم الكيب، ثم حكومة برئاسة علي زيدان، وبعد إقالة زيدان ترأس حكومته عبدالله الثني، الذي لاقى تزكية فيما بعد من قبل البرلمان، لكن المؤتمر العام انتخب حكومة أسماها "الإنقاذ الوطني"، وأخيرا حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي.
ما النتيجة؟
ولعل السؤال الأبرز اليوم الذي يدور في خلد الكثيرين: ماذا جنى الليبيون بعد مقتل القذافي؟ ولماذا خفتت الاحتفالات عاما بعد عام؟
"عربي21"، استطلعت آراء ثوار ليبيين سابقين وساسة حول: ماذا تحقق بعد مرور ست سنوات على مقتل القذافي؟ وكيف يرى الليبيون ثورتهم؟
الثورة نجحت ولكن..
رأى عضو المجلس الأعلى للدولة، موسى فرج، أن "الثورة كانت عفوية، لكنها تمكنت من القضاء على القذافي، وجعلت منظومته الفاسدة والمنتفعة من نظامه في حالة تراجع، لكنهم (فلول القذافي) تحالفوا مع دول لها أجنداتها في ليبيا، ونظموا صفوفهم، وانقضوا على الثورة من عدة أبواب".
وتابع: "الثوار وقعوا في الفخ، واعتمدوا على السلاح فقط، وانتشرت الفوضى، واستغلتها تنظيمات إرهابية، فتمددت في الوطن، وأربكت المشهد، لكن في المجمل الثورة نجحت، وما زال أمامها مرحلة نضالية سلمية لكي تنتصر وتبني نموذج الدولة المدنية"، وفق قوله.
خيبة أمل
وقال عضو المؤتمر الوطني السابق، فوزي العقاب: "اندلعت ثورة، وسقط النظام، وما زال الليبيون يتلمسون طريقهم نحو الديمقراطية. وبخصوص الإخفاقات، فإن الثورات بطبيعتها مكلفة، فضلا عن حداثة التجربة، والبعد الإقليمي الذي تخيفه فكرة التحول الديمقراطي".
وأضاف لـ"عربي21": "مما لاشك فيه أن خيبة أمل كبرى أصابت الليبيين من انحراف مسار الثورة، ولعل الكثير منهم باتوا اليوم نادمين، لكن الزمن لا يرجع للوراء، وعلى عكس ما يظن البعض في اعتقادي تم احتواء ثورة تونس من الثورة المضادة، لكن الثورة الليبية ما زالت تقاوم هذه الردة، وهذا سبب إطالة أزمتها". وفق رأيه.
الثائر الليبي الشاب، أحمد الشركسي، أشار إلى أن "الدولة تحررت من ربقة القذافي، ودخلت في ربقة المجرمين وأصحاب المال الفاسد، تحررت نعم، ولكن أسرت من جديد، وأخفقت ليبيا خلال سبع سنوات من أن تكون دولة".
لكنه استدرك: "ورغم ذلك، فنحن متفائلون جدا، ولا يوجد عاقل ذو بصيرة يحن للقذافي وعهده البائد، والثورة نجحت، ولكن فشلنا في البناء إلى الآن".
كسر الخوف
وقال القائد الميداني خلال الثورة الليبية، أسامة كعبار، إن "الثورة لم تفشل، رغم محاولات إفشالها، وليبيا تحررت من النظام السابق نعم، لكنها لم تتحرر من ثقافة النفعية والانتهازية، وبخصوص ما تحقق من الثورة، فبكل تأكيد كسر حاجز الخوف من الأنظمة ومن أدوات الاستبداد، تحررت عقول شريحة مهمة من المجتمع من العبودية ورفضهم للعودة لها".
وأوضح أنه "رغم أن هذه المكاسب غير حسية، لن بكل تأكيد لقد تغيرت ليبيا وتغير العالم العربي جراء الربيع العربي، ولا يمكن العودة إلى نظام ما قبل الربيع العربي، وما حدث في مصر استثناء لن يطول أو يتكرر"، وفق تقديره.
مصر والإمارات
من جهته، أكد أحد مصابي أحداث الثورة الإعلامي، نبيل السوكني، أن أهم المكاسب لثورة فبراير هي حرية التعبير، التي كانت غائبة بشكل كبير في عهد القذافي، والنادمون على هذه الثورة هم المنتفعون وأصحاب "التطبيل" لنظام العقيد".
وأضاف لـ"عربي21": "إذا كانت هناك إخفاقات للثورة، فإن ذلك بسبب ما قامت به كل من الإمارات ومصر والسعودية من محاولات إفشال الثورة عبر المال الفاسد. وبشأن التحرير، فالدولة الآن تعيش حالة من الاحتلال العسكري في الشرق بقيادة حفتر، وفي الغرب بقيادة المليشيات غير الشرعية، وكذلك مجرمي نظام القذافي والخارجين عن القانون في منطقة ورشفانة"، كما قال.
بدورها نفت الناشطة الليبية، زاهية المنفي، تحقق شيء حتى الآن، بل رأينا "إرهاب داعش، وفسادا ماليا، ومليشيات، وطلاب مناصب، ومطامع خارجية، وساسة يقسمون البلاد، وغيابا للدستور، وتوجهات قبلية وحزبية وجهوية ومناطقية وسياسية، والشعب البسيط فقد مقومات الحياة؛ لذا فالأغلبية نادمون"، حسب تعبيرها.
ثورة مضادة
ويرى أول وزير تخطيط بعد الثورة الليبية، عيسى تويجر، من جهته، أن أهم إنجاز هو خوض الشعب لانتخابات حرة ونزيهة لأول مرة في حياته، لكن الأزمة في الثورة هو تدخل الدول بمختلف توجهاتها لتشكل الدولة الليبية الجديدة وفق مصالحها، ودون أن تراعي مصلحة الشعب الليبي، ومن هنا بدأ التآمر لجعل الثورة في ليبيا تجربة فاشلة.
وتابع: "نجاح هذه القوى في إفساد المسار السياسي يعد إخفاقا لقوى الثورة، التي تنوعت في أهدافها ومشاربها، لكننا حتما سندرك أن مصلحة بلادنا تكمن في توافقنا؛ لذا لا يمكن القول إن الثورة فشلت تماما، لكنها تتعرض لمقاومة شديدة وضغوطا كبيرة تمارس على البسطاء؛ ليقتنعوا بأن من الأفضل لهم العودة إلى الحكم الدكتاتوري"، حسب كلامه.
زيادة ونقصان
وقال العضو السابق في المؤتمر العام الليبي، عبدالفتاح الشلوي، إن ثورة فبراير حدث يماثل العديد من الأحداث من حيث المؤيد والرافض، وطبيعة الحدث أن يكون رصيده عرضة للزيادة والنقصان، فبراير ثورة وطموح شعب، دفع في سبيلها ثمنا باهظا، وواجهت عقبات جساما على المستويين الداخلي والخارجي".
وأكد أن "أهم المتغيرات التي أثرت على المواطن تتمثل في التباين المعيشي قبل وبعد الثورة وتراكم الأزمات المالية والخدمية، فطبيعي أن يهمل البعض مطلب الحرية مقابل العيش الكريم، كل هذا وما زال صوت فبراير مدويا، صحيح أنه خفت عمّا كان عليه أيام الثورة الأولى، لكنه لا يزال باقيا"، وفق رأيه.