يستند إليه دعاة التسوية السلمية مع الكيان الصهيوني، ويَعدُّونه المدخل الأنسب لدفع الصهاينة للانسحاب من فلسطين المحتلة 1967 (أي الضفة الغربية وقطاع غزة)، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليها
بالرغم من ضرورات التعامل الواقعي مع الدولة الحديثة والكيانات القطرية، ومراعاة المرحلية؛ فإن الدخول في هذه "المعمعة" لا ينبغي أن يتسبب في تقزيمها ولا في انغلاقها محلياً، ولا في تفريغها من محتواها، ولا في ضياع بوصلتها.. وبالتالي تخسر ذاتها وسبب وجودها
مهما حاول الإعلام الغربي، المهيمن عالمياً، أن يُخفف من وقع الهزيمة، فإن مجرد طرح الحقائق الموضوعية المدعمة بالإحصاءات كفيل بكشف الغطاء عن حالات الإيهام التي يحاول السياسيون الغربيون والعديد من الأدوات الإعلامية تقديمها
إن قيادة فشلت في الحفاظ على أبرز ثوابت القضية، وفشلت (فوق ذلك) حتى في ما تسمّيه برنامجاً مرحلياً، أو في إدارة "التفاوض" على ما تبقى من فلسطين، ورضيت أن تقود كياناً خدماتياً للاحتلال.. هي قيادة غير مؤهلة لقيادة مشروع وطني يهدف للتحرير..
ثمة أدبيات ومفاهيم منتشرة في الساحة الفلسطينية السياسية والإعلامية والعلمية والثقافية، تُروّج لرؤى وتصورات يبدو تنفيذها ضربا من الأوهام، غير المستندة على أساس من التجارب ولا القراءة العلمية المنهجية.
هل من المعقول أن هذه القيادة لم تصلها حتى الآن رسالة الشعب الفلسطيني في أنها فقدت الثقة والمصداقية، وأن تكرار الأساليب ذاتها في إعادة إنتاج الفشل مرفوضة بكل اللغات والتعبيرات؟ وإذا لم تصلها، فكيف ومتى ستصلها؟! أم إنها ما تزال تراهن على العكازات العربية والدولية في "إعادة تأهيل السلطة"؟
لعل اختبار المصداقية الأول والمستعجل أمام قيادة فتح الآن، هو في إثبات جديتها في استئناف مسار الإصلاح وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس حقيقية نزيهة وفعالة، وذلك من خلال تحويل قيادة هذا المسار إلى قيادة فلسطينية مؤقتة ذات طبيعة تمثيلية متوافق عليها، لتتولى بنفسها إدارة هذا الملف وإيصاله إلى نهايات
يبدو أنه بات لزاماً على الفلسطينيين أن يخوضوا "معركة نضالية" في مواجهة القيادة الفلسطينية الحالية، في سبيل ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة الحيوية والفعالية إلى المؤسسات التمثيلية والتنفيذية الفلسطينية، كشرط أساسي لاستنهاض عناصر القوة في مشروع التحرير
بتضافر "الإرادات" الفلسطينية كان يفترض أن ننجح في فرض إرادتنا على العدو وعلى العالم، أما وقد تراجعت قيادة فتح، وأصرت على متابعة دورها المهيمن المستفرد؛ فقد أعادت الجميع إلى المربع الأول.. وأصبحت قضيتنا هي في انتزاع إرادتنا الفلسطينية من هكذا قيادة، كخط استراتيجي أساسي في مسار استنهاض عناصر قوتنا
اللافت للنظر أن "الإسلاميين" أنفسهم لم يعودوا يرفعونه، ولجأ بعضهم إلى تعريف اتجاهه أو حزبه أو حركته بصفات مرتبطة بشعارات عامة كالحرية والعدالة والبناء والتنمية والدستور، أو تعريف نفسه بصفات ذات طبيعة علمانية مغلّفة بغطاء إسلامي
ليس ثمة مشكلة فيمن يتعامل مع الضرورة بشروطها ومقتضياتها في إطار إدارته الواعية الصلبة لمشروعه الإسلامي، ولكن تكمن المشكلة هنا في أن العديد من الإسلاميين حَوَّلوا مع الزمن "الاستثناء" إلى "قاعدة"، و"الضرورة" إلى "حياة طبيعية
لا حلَّ لإدارة هذه "المعادلة الصعبة" إلا أن يكون للمقاومة ما يكفي من أوراق القوة لفرض رؤيتها على البيئة "الرسمية" التي تدخلها؛ وإلا فإنها تخاطر بارتهان "رقبتها" لخصومها وأعدائها