سياسة عربية

جنينة: الإخوان قتلوا الديمقراطية وأتمنى للسيسي النجاح

الرئيس السابق للجهاز المركزي هشام جنينة اتهم الإخوان بمحاولة السيطرة على مقاليد الأمور - أرشيفية
الرئيس السابق للجهاز المركزي هشام جنينة اتهم الإخوان بمحاولة السيطرة على مقاليد الأمور - أرشيفية
واصل الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المقال من منصبه بقرار من رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي هشام جنينة، مسلسل تصريحاته المثيرة للجدل، وزعم في أحدثها أن "جماعة الإخوان المسلمين" قتلت أول تجربة ديمقراطية في مصر، داعيا إلى "التكاثف حول الإدارة السياسية التي أتمنى لها النجاح"، في إشارة واضحة للسيسي.

وادعى جنينة، في حوار مع صحيفة "المصري اليوم"، نشرته على جزأين، الثلاثاء والأربعاء، أن فترة حكم الإخوان كانت تمتاز بسوء الأداء برغم أن الشعب توسم فيهم خيرا بعد يناير، إلا أنهم لم يكونوا على مستوى هذا التوسم، وخاب ظن الكثيرين فيهم بعد أن قامت الجماعة للأسف بقتل أول تجربة ديمقراطية بمصر في العصر الحديث، بحسب تعبيره.

حاولوا السيطرة.. ولم يتدخلوا بعمل الجهاز

واتهم جنينة الإخوان بمحاولاتهم السيطرة على مقاليد الأمور في جميع المجالات دون إطلاق فرص للرأي الآخر، وتغول الرئاسة حينها على مؤسسات الدولة، وامتهانهم لها سواء بإعلان دستوري، أو قرارات كانت دائما تأتي في اتجاه معاكس للديمقراطية، وكانت تصب في مصلحة الجماعة، وفق زعمه.

وأضاف: "تهميش المعارضة ومحاربتها أمر أزعجني كثيرا، فلا وجود لدولة مدنية حديثة دون معارضة حقيقية، وحكم الجماعة خلق حالة من الرفض للأداء والممارسات السياسية، لذلك جاءت ثورة يونيو في محاولة لتصحيح الأخطاء القاتلة التي قامت بها الجماعة"، بحسب قوله.

قال جنينة ذلك، في وقت أقرَّ فيه، في الحوار نفسه، بأن الجهاز المركزي للمحاسبات، لم يشهد أي محاولة من قبل الإخوان للتدخل في عمله، مشيدا بتعاون الرئاسة أيام مرسي مع الجهاز.

وقال إنه لم يحدث اتصال مطلقا بينه وبين الرئيس الأسبق (يقصد مرسي)، مضيفا: "كنت قد التقيته فقط فور تولي مسؤولية رئاسة الجهاز، وكان اللقاء قصيرا جدا في مكتبه، وكان عبارة عن تعارف وتهنئة بالموقع الجديد، ليس أكثر من ذلك، وكان عمل الجهاز يسير بشكل طبيعي في هذه الفترة"، بحسب قوله.

وعلى العكس من حرص مرسي على استقباله وتحفيزه، كشف جنينة أنه: "بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور حاولت لقاءه لكن لم أكن محظوظا، حيث طلبت من مكتب الرئاسة مرتين تنظيم مقابلة مع سيادته، ولم يحدث لأنني كنت مهتما جدا بشرح أجواء العمل داخل الجهاز له، وما أستشعر به من حيل وألاعيب".

وأضاف: "ما زالت لدي الرغبة في الجلوس مع الرئيس لشرح التفاصيل كاملة لأنني على ثقة بأن هناك أمورا مغلوطة ربما تكون قد وصلته لأن أصحاب المصالح لهم القدرة على عمل أي شيء"، على حد تعبيره.

يشيد بالسيسي.. ويشكو تدخل وزير داخليته

وهكذا، استمر جنينة في الإشادة بالسيسي، وإبداء الولاء له، وحسن الظن به، فقال: "الرئيس عبد الفتاح السيسي دائما كان يقول لنا في اجتماعاته برؤساء الهيئات الرقابية بضرورة تفعيل دورها، وتعاون الأجهزة معها، ويؤكد على معاونته المستمرة لعمل الرقابة؛ لإيمانه بأهمية دورها في بناء دولة حديثة، وهو دعم مطلوب من أعلى موقع في الدولة"، وفق زعمه.

ذلك على الرغم من أن "جنينة" كشف في الحوار نفسه أن أول وزير داخلية للسيسي، وهو اللواء محمد إبراهيم، في حكومة إبراهيم محلب، قد تدخل في عمله، وأجبره إجبارا على تغيير ممثلي الجهاز في وزارة الداخلية، في حضور رئيس الوزراء إبراهيم محلب، بل ولم يتعاون موظفو وزارته مع الممثلين الجدد للجهاز.

30 يونيو ثورة شعبية.. لكن هذه فضائحها بلسانه

وعلى الرغم من ذلك، وصف "جنينة" الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو بأنهما "ثورتان كبيرتان، الأولى خرج فيها المصريون على نظام مبارك الذي جلس رئيسا لأكثر من ثلاثة عقود بعد سوء الأوضاع في البلاد، والثانية ثورة شعبية قام بها المصريون رفضا لممارسات الإخوان".

وأردف: "أنا مقتنع تماما بأن ما حدث في يونيو ثورة شعبية انحازت لها المؤسسة العسكرية، وساندت رغبة المصريين في تغيير نظام الجماعة الذي حكم البلاد، وهذا أمر وطني عهدناه دائما من هذه المؤسسة المخلصة"، بحسب وصفه.

وصرح "جنينة" بذلك على الرغم من أن 25 يناير جاءت به رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات، بينما 30 يونيو أطاحت به خارج منصبه، وتهدده بالسجن، وتلاحقه بالدعاوى القضائية، فضلا عن حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة.

وردا على قول كثيرين إن الإخوان هم الذين اختاروه لموقع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وفق الصحيفة، قال جنينة: "لا أعرف على وجه التحديد من الذي رشحني، وعلى حد قناعاتي: سيرتي الذاتية - بفضل الله - تؤهلني لهذا المكان، فمن الممكن أن يكون الترشح قد جاء من إحدى المؤسسات المعنية بالأمر أو الإخوان".

كما أدان جنينة 30 يونيو، بشكل غير مباشر، عندما ألمح إلى حجم الفساد المريع في ظل نظام حكمها لمصر.

فقال: "لك أن تتخيل المبالغ المالية المهدرة سواء في الاستيلاء على الأراضي أو في الهدايا والمنح التي تقدم للمسؤولين وإدخالها في خزينة الدولة بدلا من إدخالها لحسابات أفراد بعينهم، من المؤكد أن دخولها في حيازة الدولة سوف يساعدنا في حل أزمات كثيرة".

وروى أنه اكتشف من خلال عمله أن هناك هدايا عبارة عن ماس وساعات ذهبية وجنيهات ذهب وثلاجات وتكييفات وفرش كامل للمنازل، تقدم من بعض المؤسسات لشخصيات كبيرة في الدولة، وأن هناك وزارات ثرية كانت تقدم هدايا ثمينة جدا للمسؤولين.

وقال (في إشارة واضحة إلى المسؤولين الذي يستعين بهم السيسي): "كان كثير من القيادات يتبارون في إرسال أشياء تقدر بالملايين لأشخاص أصحاب نفوذ في الدولة، ورموز في مواقع المسؤولية، أملا في بقائهم بمناصبهم لأن الجالس على الكرسي يكون دائم البحث عن الاستمرار والترقي في الوظائف العليا، وحدث معي شخصيا حيث اكتشفت وجود بعض المطبلاتية داخل الجهاز، وقمت بركنهم تماما".

وتابع: "لك أن تعلم أن هناك ما يسمى بالصناديق الخاصة في كثير من الوزارات والمؤسسات يتم اقتطاع مبالغ مالية كبيرة من ميزانية الوزارة نفسها لإيداعها بهذه الصناديق، ويصرف منها بشكل عشوائي، ودون رقابة من الجهاز أو وزارة المالية، واكتشفناها خلال عملنا بالوزارات، وهناك تقارير مسلمة لدى الحكومة (حكومة السيسي) بضرورة إخضاعها للرقابة حتى يمكن معرفة كيفية صرف الأموال منها".

وأدان "جنينة" أول رئيس حكومة بعد 30 يونيو، معين من قبل العسكر، فقال: "لاحظت بعض الهدايا الورقية ومطبوعات وأدوات مكاتب كانت في بداية عملي، وكنت أقوم بردها مع خطاب شكر".

واستدرك: "بعد تكرارها تقدمت بطلب لرئيس مجلس الوزراء، وكان وقتها الدكتور حازم الببلاوي، قام بإصدار مرسوم بالتوقف عن طبع الهدايا إزاء حالة التقشف التي نمر بها، وقد حدث فعلا"، بحسب قوله.

لست محسوبا على الإخوان

وحول احتساب البعض له على الإخوان، اعتبر أن تلك التهم مقصود منها إيجاد مبرر للنيل منه، وقال: "هذا أمر مقصود منه النيل مني، لأنه، ببساطة شديدة، هناك حقائق تدحض هذا الإدعاء".

وأوضح: "أولها أنني لست المسؤول الوحيد الذي تم تعيينه في فترة حكم الإخوان، فالرئيس نفسه (يقصد السيسي) تم تعيينه وزيرا في ذلك الوقت، وأيضا اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، وهناك العديد من الأسماء التي شغلت مواقع قيادية في عهد الجماعة، واستمرت إلى الآن"، على حد قوله.

تكلفة الفساد بمصر أكبر من 600 مليار جنيه

وفيما يخص صحة الرقم الذي تم إعلانه منسوبا لتصريحاته الذي قدر حجم الفساد في مصر بـ600 مليار جنيه، قال: "رقم غير صحيح بالمرة، وما تم الإعلان عنه كان يهدف إلى إثارة مشكلة دون التأكد من صحة الرقم الحقيقي الذي يتعدى هذا المبلغ".

وأضاف أن التقدير الصحيح لحجم الفساد في البلاد يزيد عما تم الإعلان عنه في بعض وسائل الإعلام التي لم تكلف نفسها الوقوف على الحقيقة، أما مبلغ الـ600 مليار جنيه فهو مجرد تقدير الفساد في بند واحد من بين 14 بندا تم عمل دراسة مستفيضة لها جميعا في مدة أربع سنوات من عام 2012 إلى 2015، وانتهت إلى أرقام نحن على يقين تام بأنها صائبة نظرا لما تحت أيدينا من مستندات وأدلة تؤكدها، على حد قوله.

هددوني ولم يحموني.. ونكلوا بأسرتي

وكشف "جنينة" في حواره أيضا أنه تلقى تهديدات عدة في عهد الرئيس المؤقت، المعين من قبل العسكر عدلي منصور، لا سيما عندما أعلن التقرير الأول في مؤتمر صحفي.

وأضاف: "كنت أتمنى أن يساندني المسؤولون بدلا من التحريض ضدي".

وتابع: "لم تتوقف التهديدات بالنسبة لي منذ تلك الفترة إلى الآن، وللعلم أنا كنت أنتوي أثناء فترة عملي إعلان تقارير الجهاز سنويا في مؤتمر صحفي، تطبيقا للدستور، وتفعيلا للقانون، لأن هذا حق الشعب، والرقابة الشعبية على المال العام أهم وأقوى أنواع الرقابة، لكنهم أبعدوني بعد أن علموا أنني أتجه لهذا الإجراء سنويا، فكان الطريق الوحيد أمامهم إبعادي عن الجهاز تماما".(لم يذكر من الذين أبعدوه).

لكنه استدرك أن هؤلاء الراغبين في إزاحته عن رئاسة الجهاز: "هم الذين طالتهم تقارير الجهاز، والمفروض أن يقدموا للعدالة على ما جنت أيديهم من استيلاء على المال العام، وإهدار ثروات الوطن، فهم أسماء لامعة، وأيضا شخصيات في مواقع حساسة جدا".

وأشار إلى أن هناك "مجموعات في مواقع المسؤولية الكبرى يقومون بتخصيص الأراضي بالأمر المباشر، والاستيلاء عليها، وهذا مخالف تماما للقانون وغيرهم ممن لهم سطوة في المجتمع وقيادات بجهات نافذة"، وفق وصفه.

وأردف: "كنت أعرف أنهم لن يصمتوا على ذلك، لكن كان لدي أمل في أن يخيب رجاؤهم، وتصبح الثورتان قادرتين على إنجاح تجربة محاربة الفساد، وكشف أصحابه للرأي العام، لكن للأسف لم يحدث، وأصبحت أنا في مرمى النيران، واكتشفت من خلال هذا العمل أن الفساد في مصر أكبر من الأجهزة الرقابية التي تحاربه، وأقدر على السيطرة؛ لأنه أخطبوط كبير ومتشعب"، بحسب تعبيره.

في الوقت نفسه، كشف جنينة أن أسرته، سواء بناته الثلاث أو زوجته، جميعهن يشعرن بالأسى، ودائما يظهر عليهن الحزن والندم، "نظرا للمشاكل التي طالتنا".

وأشار إلى أنه يفسر واقعة فصل ابنته "شروق" من العمل بالنيابة الإدارية بأنها تكملة لمشكلته الشخصية، وتنكيل بها.

وأضاف: "من المفروض ألا تؤاخذ بذنب أبيها إذا كان عنده ذنب أصلا"، قائلا: "ابنتي ضحية لهذه الأحداث".

لن أترشح للرئاسة.. وأتمنى للسيسي النجاح

وحول نيته الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، نفى ذلك قائلا: "لا يعدو هذا الكلام أن يكون سوى أقاويل يتم ترديدها، لكني أعتقد أنه من غير المناسب طرح هذا الأمر في وقت تكون البلاد فيه أحوج ما يمكن إلى الالتفاف والتكاثف حول الإدارة السياسية التي أتمنى لها النجاح"، حسبما قال.

واستطرد: "نحن في منعطف يحتاج إلى أن نتلاحم، وهو مسؤولية الدولة والرئيس، لأن هناك من يعمل على إيجاد فريق مع وفريق ضد، لأن من مصلحته عدم التلاحم، ليضمن بقاءه، وأطالب الرئيس بألا يدع الفرصة لمثل هؤلاء أصحاب الضمائر المنعدمة للتفرقة بين فئات المصريين جميعا، لأن الخسارة سوف تلحقنا على السواء"، على حد قوله.

وعن إمكان إعطاء صوته للسيسي في حال عدم ترشحه الانتخابات المقبلة، أجاب: "هذا سؤال سابق لأوانه، ولا يمكنني الإجابة عنه لأني مش عارف بكرة فيه إيه".

دعا قبلا للثقة بالسيسي والعسكر فأثار الغضب

وكان عدد من الشخصيات القضائية والسياسية والإعلامية بمصر، قد أعربوا عن خيبة أملهم الشديدة في جنينة، بعد أن طالب المصريين في حوار مع شبكة تليفزيون "العربي"، الاثنين، 15 آب/ أغسطس الحالي، بأن يضعوا ثقتهم في رئيس الجمهورية (رئيس الانقلاب)، والمؤسسة العسكرية، بدعوى أنها انتصرت للإرادة الشعبية.

وتفاوتت ردود أفعال تلك الشخصيات بين الشعور بالصدمة، وأخرى قالت إنها توقعت منه ذلك "الانبطاح"، فيما قال فريق ثالث إن صفحة "جنينة" في سجل الشرفاء قد طويت، وأشار فريق إلى أنه ما زال هناك آلاف الشرفاء خلف القضبان، يدفعون ثمن مبادئهم، دون تنازل، وفي مقدمتهم القاضي الجليل محمود الخضيري.

لكن بعض الخبثاء أشاروا إلى أنه بعد إطلاق جنينة هذه التصريحات بأقل من 48 ساعة، صدر حكم محكمة استئناف القاهرة بجلستها يوم 17 آب/ أغسطس الحالي، ببراءة ذمته، والرئيس الأسبق لنادي القضاة، زكريا عبد العزيز، من دين المطالبة بمبلغ 686 ألف جنيه بشأن دعوى أرض بورسعيد ضد أحمد الزند.

وكان قضاء محكمة أول درجة قد صدر في أثناء ولاية الزند وزيرا للعدل, وأيد الحكم ضدهما، وتم استئناف هذا الحكم، ثم قبوله، وفقا للمعطيات السابقة.
التعليقات (3)
أسمراني
الجمعة، 26-08-2016 03:19 م
ظالمٌ سلطه الله على شاهد زورٍ , حشرهما الله في صعيد واحد
منير
الأربعاء، 24-08-2016 10:53 م
واضح ان جنينة اضطر لتغيير موقفه من الاخوان تحت التهديد وهو يعرف ان لا طاقة له بمجابهة نظام عسكري لا يرحم. نتمنى له ولاسرته الخير والسلامة. جنينة يعرف قبل غيره ان اقواله ضد الاخوان غير صحيحة لكن واقع الحال يفرض عليه هكذا تصريح.
مصري
الأربعاء، 24-08-2016 10:38 م
لا يمكن تفسير تصريحات جنينه إلا أنه واقع تحت ضغوط غير عاديه وبالتالي من الأفضل عدم التعليق علي مثل هذة التصريحات الغير مسئوله .