حول العالم

الحصار يدفع أهالي ريف حمص الشمالي لبيع الآثار

ما لم يتعرض للدمار.. نالته أيدي التجار - أرشيفية
ما لم يتعرض للدمار.. نالته أيدي التجار - أرشيفية
انتعشت تجارة بيع الآثار في ريف حمص الشمالي خلال الشهور الأخيرة، مع اشتداد الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري على المدنيين في المنطقة، ومنع كافة مقومات الحياة عن السكان، لتصبح عمليات التنقيب عن القطع الأثرية وبيعها لعصابات متخصصة مهنة للكثيرين في تلك المنطقة.

ويؤكد ناشطون في الحولة والرستن وتلبيسة أن ورشات التنقيب الأهلية تجاوز عددها 50 ورشة، وجميعها يعتمد على معدات وطرق بدائية، كما أن القطع المستخرجة يتم بيعها بأسعار زهيدة للتجار، لا تتجاوز 200 دولار أمريكي للقطعة الواحدة.

ويقول الناشط عبدو الحمصي، المقيم في الرستن، في حديث لـ"عربي21"، إن معظم اللقى الأثرية التي تم استخراجها عبارة عن فخاريات وقطع نقدية معدنية وسرج تعود لستة آلاف عام، بالإضافة لبعض المدافن الرومانية و التماثيل.

ويلفت الحمصي إلى وجود عصابات تستغل حاجة الناس للمال، لتشتري تلك الآثار بأسعار زهيدة، فيما تقوم هي بتهريبها إلى لبنان وبيعها بمبالغ كبيرة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن اللقى الكبيرة تهرّب بالتعاون مع حواجز النظام، بعد أخذ الإتاوات المالية العالية، على حد وصفه.

مخاطر كبيرة لعمليات التنقيب

كما تنتشر ورشات تنقيب كانت متواجدة قبيل الثورة السورية، وتعمل بطرق حديثة، وتستخدم معدات متطورة إلكترونيا للكشف عن الآثار في منطقتي الرستن والزعفرانة، حيث تمكنت هذه الورش من العثور على مدافن أرضية لا تقدر بثمن، تحتوي بداخلها على مجموعة قطع ذهبية إسلامية وقطع أخرى، وأحجار كريمة ولوحات فسيفساء.

ويشار إلى أن الأمم المتحدة أوضحت في تقارير سابقة أن 300 موقع أثري سوري تعرضت للنهب خلال السنوات الأربع الماضية، من قبل قوات النظام ومليشياته وتنظيم الدولة، وفي المقدمة تأتي الآثار ذات الطابع الإسلامي.

ومن جانبه، يبيّن سعد مراد، وهو أحد الأشخاص العاملين بالتنقيب عن الآثار في ريف حمص، أن العمل بالمهنة شاق جدا ووعر، وفيه خطورة كبيرة على الحياة، وذلك لعدة أسباب، أهمها القصف المتواصل على أماكن الورش من قبل الطيران الحربي، وانهيار الترب والحجارة على الشبان العاملين، والتي أدت لوفاة العديد منهم دون القدرة على انتشالهم؛ بسبب العمق، بحسب قوله.

ويتابع مراد: "نحن الآن ننقب عن الآثار الرومانية، ونستطيع تمييزها بحسب اتجاه المدافن التي تختلف من عصر لعصر، حيث وجدنا خلال عمليات البحث بعض المدافن المشوهة والمنهوبة سابقا ومدافن أخرى تفتح لأول مرة ومليئة بأشكال متعددة من الآثار".

والجدير بالذكر أن ريف حمص الشمالي منطقة أثرية كبيرة، سكنتها حضارات عديدة قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام، منها الإمبراطورية السلوقية واليونانية والرومانية، ويوجد فيه مجموعة من القلاع الأثرية التي لا تزال متواجدة حتى الآن.
التعليقات (0)