إلى أي مدى يجب أن تكون التمارين الرياضية مؤلمة؟ 😓

pexels-william-choquette-1954524
CC0
  • ياسر حميدي
  • الأربعاء، 09-11-2022
  • 03:35 م

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا قالت فيه إن أي تمرين شاق هو مزيج من المعاناة والمتعة، وإن التمسك به هو مفتاح الحصول على التوازن الصحيح.



وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن الفشل هو نتيجة المحاولة الأولى التي قامت بها كاتي كينيدي لتطوير عادة الجري؛ حيث اشتركت في سباق نصف ماراثون وأجبرت نفسها على الصعود والهبوط على التلال في حيها استعدادًا للسباق.

تتذكر الدكتورة كينيدي، وهي محاضرة الآن في جامعة تشيتشستر في بريطانيا، قائلة: "مشيت آخر ميل ثم صرخ أحدهم في وجهي أسرعي! فقلت لا أستطيع. لقد كان الأمر مروعًا في الواقع، ظننت أنني قد أموت، ثم توقفت عن الجري لمدة عشر سنوات".

اظهار أخبار متعلقة



وقررت في المرة التالية أن تفعل الأشياء بشكل مختلف؛ تقول كينيدي: "أردت أن أحظى بتجربة أكثر متعة، وفكرت كيف يمكنني أن أتعلم حب الجري؟".

وأوضحت الصحيفة أن هذا التساؤل كان موضوع رسالة الدكتوراه الخاص بها حول تجارب العدائين المبتدئين؛ حيث تساءلت كيف يشعرون وكيف يؤثر ذلك على قدرتهم على التمسك بعاداتهم الجديدة. ووفقًا لأقرانها في مجال علم نفس التمرين الناشئ، فإن هذه الإجابات أكثر أهمية بكثير لصحتك البدنية والعقلية في المدى الطويل من التفاصيل الرتيبة لممارسة الرياضة.

وأضافت الصحيفة أن العلاقة بين روتين التمرين الذي تشعر به وما إذا كنت لا تزال تمارسه في فترة ستة أشهر ليست واضحة كما قد تبدو، وفي حال كان ذلك يجعلك كئيبًا مثل التجربة الأولى للدكتورة كينيدي مع الجري فمن المحتمل أن تترك الرياضة، وكذلك إذا كان التمرين سهل للغاية فقد تجده مملًا أو لا فائدة منه، وغالبًا ما يسعى المتمرنون للتدريبات الأصعب.

اظهار أخبار متعلقة



إذا كنت تحاول تكوين عادة ممارسة الرياضة، كيف يمكنك تحديد متى تتجنب المعاناة ومتى تتقبلها؟

لماذا المتعة مفيدة؟

وأكدت الصحيفة أنه وفقًا لأحد التقديرات؛ يوافق 97 في المئة منا على أن النشاط البدني مهم للصحة. ومع ذلك؛ فقد وجدت دراسة أجريت على 3500 من البالغين الأمريكيين الذين استخدموا أجهزة يمكن ارتداؤها لتتبع عادات التمرين أن 3.2 بالمائة فقط وصلوا بالفعل إلى الحد الموصى به وهو 150 دقيقة من النشاط المعتدل أسبوعيًا.

وتضيف الصحيفة إن إحدى النظريات حول هذه الفجوة بين النوايا والأفعال هي أننا مشغولون جدًا عن تنفيذ التمرين، مما أدى إلى ظهور التدريبات شديدة القصر وعالية الكثافة خلال العقد الماضي. لكن بانتيليمون إيكيكاكيس، وهو اختصاصي علم النفس الرياضي ورئيس قسم علم الحركة في جامعة ولاية ميشيغان، يعتقد أن هذا التفسير غير دقيق كون نسبة كبيرة من الناس تنظر للتمارين على أنها غير سارة.

وبخصوص التمرينات الشاقة؛ فحتى عشاق الألعاب الرياضية غالبًا ما يصنفون تجربتهم على أنها غير سارة، ويكرهها المتمرنون الجدد عمومًا. ولكن يشعر الجميع بشعور رائع بعد ذلك، بحسب الدكتور إيكيكاكيس.

اظهار أخبار متعلقة



وقالت الصحيفة إن إجهاد ما بعد التمرين لا يرتبط بالالتزام بروتين تمرين طويل المدى. وبدلًا من ذلك، فإن ما تشعر به أثناء التمرين هو المؤشر الأقوى وإذا كانت التدريبات القليلة الأولى في المسبح أو صالة الألعاب الرياضية بائسة، فإنك تعتقد أن البؤس أمر لا مفر منه.

وأضافت الصحيفة أنه في غالب الأحيان تلاحظ الدكتورة كينيدي هذا الأمر بين العدائين المبتدئين؛ حيث تقول: "سيقولون حسنًا أشعر بالتعب، لكن الجري من المفترض أن يجعلك تشعر بهذا الشعور. لذلك سأستمر في السير بهذه الوتيرة بدلًا من مجرد الإبطاء أو المشي".

وتعتبر هذا فكرة خاطئة فإذا كنت تمر بوقت بائس خفف قليلًا، وفكر في الأشياء الأخرى التي قد تجعل تجربتك أكثر إمتاعًا. في عودتها إلى رياضة الجري؛ على سبيل المثال، شددت على الآخرين القيام بذلك، ومنحت نفسها الإذن بالسير فوق التلال وشراء أحذية رياضية مريحة.

اظهار أخبار متعلقة



وأكدت الصحيفة أن تشتيت الذهن بالموسيقى أو الفيديو أو حتى الواقع الافتراضي يمكن أن يؤدي إلى تقليل الشعور بعدم الراحة؛ حيث يقول الدكتور إيكيكاكيس إن التعديلات الطفيفة في بيئتك المحيطة، مثل إزالة المرايا وتجنب المراقبين الناقدين، يمكن أن تجعل تجربة التمرين أكثر متعة.

وأضافت الصحيفة أنه بحسب دراسة أجراها باحثون في جامعة تافتس وفريق العلوم المعرفية بالجيش الأمريكي في سنة 2018 فإن الجري يبدو أسهل عندما يفكر الأشخاص في الأمر بطريقة نزيهة وأقل سلبية، مثل تخيل أنهم علماء أو صحفيون يفحصون الجري بموضوعية في الوقت الحالي.

لماذا الألم مفيد؟

يتمثّل الاعتقاد الأساسي في أن البشر مرتبطون بالسعي وراء المتعة وتجنب المعاناة، ومع ذلك، فإن هذا يتناقض بشكل روتيني مع سلوكياتنا مثل تناول الفلفل الحار، وتسلق الجبال الجليدية، والتعرق في حمامات البخار شديدة الحرارة.

واقترح بول بلوم، عالم النفس في جامعة تورنتو، الذي قام باستكشاف هذه المفارقة، أن التمرين المكثف بشكل غير سار قد يخدم عدة أغراض متداخلة، إذ لا يقتصر الأمر على الشعور بالرضا عند التوقف، ولكن الضغط بقوة يمثّل هروبا مؤقتا من المشتتات والمخاوف.

اظهار أخبار متعلقة



وغالبًا ما تنطوي أحداث الحياة ذات المغزى، مثل إنجاب الأطفال، أو المهن ذات المغزى، مثل التدريس أو الخدمة في الجيش، على تضحيات كبيرة ونضال. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن الناس يفضّلون أثاث أيكيا الذي قاموا بتجميعه بأنفسهم بنسبة 63 بالمئة أكثر من الأثاث الذي يأتي مجمعا.

وقال مايكل إنزليخت، زميل الدكتور بلوم في جامعة تورنتو: "الناس يتجنبون الجهد، ولكنه أيضًا شيء يمكننا أن نتعلم أن نحبه". بالإضافة إلى المتعة، يبحث البشر عن أشياء مثل الكفاءة والإتقان وفهم الذات، لكن "لا يمكنك الحصول على هذه الأشياء دون أن تضغط على نفسك".

وأشارت الصحيفة إلى أن الدكتور إنزليخت وزملاؤه قد ابتكروا مقياسًا لجدوى الجهد لقياس مدى شعور الأشخاص بالرضا نتيجة القيام بأشياء صعبة. يقوم بعض الأشخاص بالمهام الصعبة على مضض، ويجرون أنفسهم إلى صالة الألعاب الرياضية فقط لأنهم يعرفون أنها مفيدة لهم، "لكن الآخرين يعيشون من أجل هذا الشعور وهذا ما يساعدهم على جعل العالم منطقيًا." إذا، فإن الغاية من الشعور بالمعاناة أثناء التمرين هي أنه يوفر حافزا دائمًا للالتزام بروتينك.

اظهار أخبار متعلقة



ويقترح الدكتور إنزليخت أنه مع التشجيع الصحيح، يمكن للناس أن يتبنوا بشكل متزايد فكرة حب الألم من خلال "اتباع خطوات صغيرة" مثل تضمين زوجين من الزيادات في قوّة التمرين لمدة 30 ثانية على سبيل المثال، ثمّ الاستمرار في زيادة صعوبة التدريبات المستقبلية بما يكفي لإثارة اهتمامك دون الشعور بالإحباط.

حلّ وسط

وذكرت الصحيفة أنه حتى النخبة من الرياضيين لا يبحثون دائما عن المعاناة بل في الواقع نادرًا ما يفعلون ذلك. في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ ستيفن سيلر، عالم في الرياضة من تكساس، في تحليل عادات تدريب نخبة الرياضيين في مجموعة متنوعة من رياضات التحمل، بما في ذلك التجديف والتزلج الريفي على الثلج وركوب الدراجات والجري، وما وجده يتناقض مع فلسفة "لا ألم، لا ربح" التي لطالما سمعها خلال مسيرته المهنية كمجدف تنافسي.

ففي مختلف الألعاب الرياضية؛ يبدو أن كبار الرياضيين يتمرّنون خلال 80 بالمئة من وقت تدريبهم بجهد منخفض نسبيا، وخلال 20 بالمئة المتبقية بجهد شاق للغاية. وقد مكّن هذا التوزيع التدريبي "المستقطب" الرياضيين من الحصول على كميات مكثّفة من التدريبات دون إجهاد أنفسهم مع التمتع بفوائد التدريبات عالية الكثافة.

اظهار أخبار متعلقة



وعلاوة على ذلك، يسمح هذا التقسيم "20/80" للمحترفين ومحبي التمارين على حد سواء بالموازنة بين المتعة والهدف. أثناء التدريبات منخفضة الكثافة، يكون بمقدور الرياضيين التحدّث مع الأصدقاء، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية، إذ يقضون عموما وقتا ممتعا، بينما يعد التدريب عالي الكثافة صعبًا للغاية، لكن الباحثين وجدوا أن الرياضيين النخبة يصنفون هذه التدريبات على أنها الأكثر إرضاءً. على سبيل المثال، إذا كنت تمارس الرياضة أربع مرات في الأسبوع فاختر يومًا واحدًا للتمرّينات الشاقة واجعل الأيام الثلاثة الأخرى للتدريبات السهلة.

وهناك اختبار بسيط لمعرفة ما إذا كنت تسير براحة كافية في أيام التدريبات الأخف وهو القدرة على التحدث بصوت عالٍ وفي جمل كاملة، وقد يتطلب منك ذلك أن تبطئ من سرعتك أكثر مما تتوقع.

وبالنسبة للتدريبات الصعبة، فهذا يعتمد على مستوى خبرتك وذوقك، لكن يجب أن يشمل ذلك، على الأقل، فترات قصيرة من التدريب الشديد المستمر لدرجة الانزعاج.
شارك
التعليقات