زعم رئيس نظام الانقلاب عبدالفتاح
السيسي أن "خطاب 3 يوليو 2013 لم يكن يهدف للقضاء على جماعة
الإخوان بالضرورة، كما يصور الإخوان، وإنما على "بعث" جديد لهم، بعد أن يكونوا تعلموا من أخطائهم، ووعوا الدرس، وفهموا أن
مصر ليست جماعة الإخوان فقط"، وفق تعبيره.
واستدرك السيسي بالقول: "لكن من قضى على جماعة الإخوان هو رد فعل قيادات الجماعة. ولو كانوا قبلوا بانتخابات رئاسية مبكرة لكانوا فازوا باحترام جزء من الناس، وعادوا إلى العمل العام على خلفية جديدة. لكنهم رأوا أنفسهم أكبر من الشعب المصري"، على حد زعمه.
وجاء ذلك فيما نقله أستاذ العلوم السياسية الموالي للسيسي الدكتور معتز بالله
عبد الفتاح عنه، ضمن حوار مطول، قال إنه جرى بين السيسي وبينه، وكشف عنه في مقاله بجريدة الوطن، الاثنين، تحت عنوان: "الرئيس السيسي.. إصدار 2".
وأضاف عبدالفتاح: "جزء من صراحة الحوار مع الرئيس اقتضته حقيقة أننا نناقش في جانب من الحوار كلاما مكتوبا بالفعل قبل اللقاء، يقبل الرئيس بعضه، ويرفض بعضه"، حسبما قال.
وتأتي مثل هذه المقالات من عرابي الانقلاب نوعا من التلميع للسيسي، الذي يعاني من تراجع شعبيته بمعدلات سريعة، وفتح الرأي العام في مصر ملف تقويم أدائه في الحكم.
وفي مقاله الجديد، قال معتز عبدالفتاح: أبلغت الرئيس بتخوف البعض من الاعتماد الشديد على القوات المسلحة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية، لكنه اعتبرها ضرورة مؤقتة تمليها الظروف الاقتصادية للبلد.
وأضاف معتز: تحدثنا عن أداء وزارة الداخلية، وخروج بعض أفرادها عن مقتضيات الوظيفة، وقد أبدى اعتراضه على التجاوزات، ووعد بالمزيد من العمل في هذا الملف.
واستطرد: تحدثنا عن أحكام الإعدام الجماعي في حق قيادات جماعة الإخوان، ونتائج ذلك المعنوية والسياسية والاقتصادية على البلد وظروفه. وهنا لم يورد عبدالفتاح رد فعل السيسي.
وأردف: تحدثنا عن التوجه الاستراتيجي للدولة، وقال (يقصد: السيسي) إن السنة الأولى في السلطة لها متطلباتها وحساباتها، وإن الأمور ستتغير مع المقبل.
وتابع الكاتب: تحدث (السيسي) عن صدمته من بعض السياسيين الذين لا يدركون حرج المرحلة، ويبحثون عن مصالح شخصية ضيقة جدا في ظروف صعبة جدا، وتقديره للأداء السياسي لإخوان تونس أثناء الثورة التونسية؛ لأنهم استوعبوا حرج المرحلة التي تمر بها بلادهم، وكيف أنهم بنوا استراتيجيتهم على التكامل مع الغير، وليس الاستحواذ على السلطة. أو كما قال راشد الغنوشي: إذا كان الاختيار بين السلطة والديمقراطية، فقد اخترنا الديمقراطية، أما في مصر فقد اختاروا السلطة حتى لو على حساب الديمقراطية.
وتابع: الرئيس يتحدث عن غياب واضح في الكفاءات الوطنية، "غير المحسوبة على حد، والتي لا تتلقى أوامر من حد". ويلقي باللوم صراحة على فترة ما قبل 25 يناير، وعلى حكم الرئيس مبارك الذي كان يكفيه جدا أن يظل في السلطة لمدة 12 سنة، ويعطي الفرصة لغيره كي يكمل المسيرة"، وفق تعبيره.
ومضى إلى القول: خرجت بانطباع أن الرئيس السيسي يفرق بين السنة الأولى، وما يليها.
السنة الأولى هي سنة لها خمس خصائص: الأولى هي سنة استلام الرئيس وفريقه لملفات الدولة. الثانية هي سنة تثبيت قواعد الدولة التي اهتزت، وتم اختراقها بعنف خلال السنوات الأربع الماضية. الثالثة هي سنة اكتساب الشرعية الدولية لما حدث في 30 يونيو، ليس لأننا "بناخذ إذن من حد، ولكن لأننا عارفين إننا صح، ولازم هم كمان يحترموا إرادة شعبنا".
الخاصية الرابعة هي سنة تشكيل فريق العمل الرئاسي واستكماله، وهناك المزيد قادم.
الخاصية الخامسة، هي سنة بداية المشروعات القومية الكبرى حتى نستعيد -المصريين- ثقتنا في أنفسنا، وفي قدرتنا على صناعة مستقبلنا.
وعلق عبدالفتاح بالقول: "ما فهمته، وما أتمناه، أن تكون السنون الثلاث المقبلة للرئيس مختلفة. يكون فيها عمل أكبر على بناء الشخصية الوطنية المصرية، يكون فيها عمل أكبر على ملف العدالة الاجتماعية، يكون فيها اهتمام أكبر بملف الحقوق والحريات، والتحول الديمقراطي".
وبأسلوب دعائي، أضاف: "إصدار السنة الثانية" من حكم الرئيس السيسي سيكون مختلفا عن "إصدار السنة الأولى"، في جوانب كثيرة، كما فهمت منه، وكما أتمنى.
ونقل عن السيسي قوله أيضا: "همّ البلد تقيل ولكن أنا مش هسكت، ولن أتراجع عن بذل كل مجهود، وهعمل كل اللي أقدر عليه، وربنا المطلع، بس إنتم كمان اعملوا اللي عليكم".
وعلق عبدالفتاح: "كانت هذه آخر كلمات الرئيس السيسي في لقائي المطول معه.. الرجل عنده أمل، ويؤمن بالله ويثق بأن المصريين المحبين لوطنهم سيقفون بجوار بلدهم وقت الشدة. قال تعالى: "سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا".. هذا وعد الله، وعلينا أن نعمل كي نستأهل (أي كي نكون أهلا) لوعده"، وفق قوله.
"الخوان المسلمون": الجريمة التي كان ينبغي أن نرتكبها
ويُعد معتز عبدالفتاح أحد أشد أفراد النخبة المصرية تعصبا للسيسي، وموالاة له، وكان كتب مقالا عنصريا بعنوان: "الخوان المسلمون": الجريمة التي كان ينبغي أن نرتكبها"، بجريدة "الوطن"، 20 آذار/ مارس 2015.
وقال فيه: "الخوان المسلمون: هو المصطلح الذي استخدمه الأستاذ عباس محمود العقاد في وصف جماعة الإخوان. والجريمة: أي الغلطة التي وقعنا فيها بحسن نية أو بسوء نية، لكنها في كل الأحوال خطأ، لو عاد بنا الزمن لما عدنا إليه. "التي كان ينبغي أن نرتكبها": أي الفعل أو القرار الذي، رغما عن كل عيوبه وتكلفته، فإننا تعلمنا منه درسا قاسيا حتى نتعلم من الخطأ، وإلا كنا سنظل نظن فيهم خيرا، ونلتمس لهم الأعذار، وهم لا يستحقون حسن الظن فيهم".
واستطرد: "لقد ارتكب الإخوان "الكارثة الوطنية"، والآن علينا أن نطلق العنان للعقل المصري لإبداع "ديمقراطية استبعادية"، ترفع شعار "لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية"، ولا مجال في الفضاء العام إلا لمن يحترم إرادة الشعب ودستوره وقوانينه، شريطة أن تكون ديمقراطية حقيقية في كافة ممارساتها لمن يلتزم بالوطنية المصرية، ويقبل بشروط الديمقراطية: ديمقراطية الوصول إلى السلطة، ديمقراطية ممارسة السلطة، ديمقراطية الخروج من السلطة".
وأضاف: "لقد ارتكبنا جريمة بأن مكنا للإخوان في الأرض، ولكنها جريمة كانت ضرورية؛ لأنه بدونها كنا سنظل مخدوعين في هؤلاء. السؤال الآن: كيف نصنع مصر جديدة ناهضة، تنموية، عادلة، ديمقراطية، استيعابية لكل الفصائل الوطنية، استبعادية لكل الفصائل غير الوطنية؟ هذا هو الجهد الفكري المطلوب الآن"، على حد قوله.