ملفات وتقارير

"تجار الأزمات" يشوهون صورة التضامن مع منكوبي زلزال المغرب.. هل أفسدوها؟ (شاهد)

حالة واسعة من التضامن الشعبي في المغرب مع ضحايا الزلزال- جيتي
حالة واسعة من التضامن الشعبي في المغرب مع ضحايا الزلزال- جيتي
بعد ساعات قليلة من "فاجعة زلزال الحوز" في المغرب، وتساقط القرى "المنكوبة" تباعا؛ رصدت صحيفة "عربي21" كيف تجنّدت كافة فئات المجتمع المغربي، من أجل مد يد العون للضحايا، في جل المناطق المحيطة ببؤرة الزلزال الذي ضرب البلاد الجمعة الماضي.

وكانت وزارة الداخلية المغربية أعلنت في آخر حصيلة لها، أن 2901 شخص قتلوا في الزلزال، فيما وصل عدد الجرحى إلى 5530 شخصا.

"تطوعت بكافة ملابس الأطفال والنساء الدافئة التي لدي في المخزن من أجل ضحايا فاجعة الزلزال، الذي هزّ قلوبنا" يقول أمين، صاحب محل لبيع الملابس في مدينة سلا، معبرا لـ"عربي21" عن حزنه من المشاهد التي رآها من خلال التغطيات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، مضيفا: "أنا حزين جدا من أجلهم، عاشوا وسط الجبال منعزلين، والآن هم في محنة حقيقية، لا بد لنا من تلبية النداء".


وعلى غرار أمين، مواطنون كثر، ساهموا بكل ما يملكون من أجل مواساة المنكوبين؛ بالقليل قبل الكثير، بينهم ما وثقته كاميرا جمعيات في المغرب، ونشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل مقطع تظهر فيه سيدة مُسنة ساهمت بعبوة زيت 5 لترات، ورجل آخر بنصف كيس من الدقيق.

"تلاحم وطن"
وعلى بعد أكثر من 500 كلم من بؤرة زلزال الحوز، تجولت "عربي21" في عدد من أسواق مدينة الرباط، في اليوم الخامس من الهزة الأرضية، لترصد نفاد مخزون الأغطية، والملابس، والأفرشة؛ ناهيك عن الكميات الكبيرة التي حصل عليها أشخاص وجمعيات مجتمع مدني من الأسواق الوطنية الكبرى، تشمل المواد الغذائية ومواد التنظيف وحفاظات الأطفال، والفوط الصحية الخاصة بالنساء، ناهيك عن أكل الحيوانات، وغيرها من المواد. 

اظهار أخبار متعلقة



وتابعت "عربي21" على مواقع التواصل الاجتماعي، كافة المبادرات التي أشرف عليها جمعيات وأشخاص في كافة المدن المغربية، لإيصالها إلى عدد من القرى المحاذية لبؤرة الفاجعة، كنوع من تقديم المساعدة، والمسح على قلوبهم، وتوجيه رسالة لهم مغزاها "عشتم معزولين داخل الجبال، لم نكن نسمع عنكم شيئا، لن نترككهم تموتون خوفا وجوعا وعطشا"، بحسب المشاركين في حملات الإغاثة.

وعلى الرغم من أن الطرق غير سالكة بين جبال الأطلس، مع ارتفاع درجة الحرارة، لبى أفراد وجمعيات كثر، من كافة المدن المغربية، صرخة الحاجة لجل المنكوبين؛ فيما تستمر عمليات التنسيق بين السلطات وعدد من جمعيات المجتمع المدني في التنقيب عن القرى التي لم يصل إليها أي أحد بعد، بسبب انقطاع الطرق نحوها بسبب الانهيارات الجبلية. 

Image1_920231345425897876343.jpg

ورصدت "عربي21" أنه فيما تم وصول المساعدات الإنسانية، لعدد من القرى المنكوبة؛ عملت السلطات المغربية على توزيع المؤونة الغذائية على باقي القرى المعزولة، التي تنقطع الطريق إليها، عبر الطائرات المروحية، وكذا من أجل إسعاف الضحايا. 

وكان ملك البلاد محمد السادس، قد أعلن الحداد الوطني لمدة 3 أيام على أرواح الذين قضوا من جراء الزلزال المدمر، كما أمر بتسريع عمليات الإنقاذ.

اظهار أخبار متعلقة



Image1_92023134555413568138.jpg

"تجار الأزمات" 
مشاهد كثيرة عبّرت عن تلاحم المغاربة وتآزرهم في محنة وصفت بكونها الأشد منذ قرون؛ لم يشوش عليها بحسب المتابعين للشأن المحلي سوى "عدد من الممارسات اللاإنسانية، التي همّ بها عدد من الأفراد، نحو الاسترزاق".

ورصدت "عربي21" عددا من النداءات الوهمية لجمع التبرعات، وعددا من حالات السرقة للمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الثمن المرتفع الذي أضحت عليه بعض المواد الأساسية، في عدد من المحلات التجارية. 


من جانبه، يقول سمير، الناشط المدني في مدينة الرباط: "والله إن المغاربة أبانوا عن طيب أصلهم في هذه المحنة التي أحزنت قلوبنا أجمعين؛ لم يشوش عليها شيء إلا ما قام به بعض سماسرة الأزمات؛ ممن رفعوا الأسعار، في أبشع صورة للأزمة".

ويضيف المتحدث لـ"عربي21": "أنا عضو في جمعية محلية، ذهبت رفقة أعضاء آخرين من أجل شراء الخيام، قال لنا البائع إنها بقيمة 40 دولارا، في حين أن ثمنها الأصلي لا يتجاوز 18 دولارا"، مشيرا إلى أنه اتفق مع عدد من الجمعيات على أنه ستتم مقاطعة كل شخص أو محل تجاري رفع سعر منتوج ما، في الظرفية الراهنة.

وفي هذا السياق، قال الداعية المغربي٬ حمزة الخالدي، "في ظل هذه الأزمة التي نعاني منها، وفي الوقت الذي تتكاتف فيه الجهود التضامنية، ظهر لنا فئة من الناس، استغلوا الأزمة من أجل الربح المضاعف، من خلال الزيادة في الأسعار" مشيرا إلى أنه "ضقنا ذرعا من هذه التصرفات البشعة".

Image1_920231345125478434165.jpg

وأضاف الخالدي في مقطع فيديو على قناته في منصة "يوتيوب": "تجار الأزمات لا خلاق لهم في الدنيا ولا في الآخرة؛ كل يوم الضحايا تتزايد، والرعب يعم المناطق المنكوبة، حيث الأهالي هناك لا حول لهم ولا قوة، وهناك من يضاعف في الأثمنة بشكل مخجل صراحة"، مردفا "إنها فرصة من أجل مد يد العون لكل محتاج، وليس فرصة للاسترزاق".

من جهتها، أعربت أسماء مهديوي، الباحثة في العلوم السياسية، عن أسفها لما حالت له تصرفات عدد من مستغلي الأزمات، بالقول إنه "في أزمة كهذه قد تظهر هنا وهناك طفيليات انتهازية تقتات على المعاناة، ففي الوقت الذي نجد من يضحي بماله ووقته وجهده لإغاثة إخوانه، هناك من سعى إلى الرفع من أسعار التنقل، وهناك من تجند للاسترزاق من المواقع الاجتماعية".

Image1_920231345252577716754.jpg

وأكدت أسماء، في حديثها لـ"عربي21" أنه "على كل حال تبقى حالات معزولة ومنبوذة في خضم الحملة الوطنية الواسعة للتضامن التي شهدت ملاحم تجسد تجدر الخير في كل فئآت المغرب، حيث تعج المرحلة بتضحيات أبطالها أناس بسطاء حركتهم الفطرة لا يبتغون ظهورا".

وأوضحت المتحدثة نفسها أن "الفصل 40 من الدستور المغربي  ينص على: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد"؛ مشيرة إلى أن "ما يقوم به المغاربة اليوم هو واجب أخلاقي وواجب دستوري كذلك".

اظهار أخبار متعلقة



Image1_920231344559114022242.jpg

أما بخصوص المدة التي سوف تحتاجها مهمة إعادة إعمار ما فقد جراء الزلزال الذي ضرب عددا من ربوع البلاد، ليلة الجمعة الماضية، قال رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، خلال اجتماع عقدته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الاثنين الماضي، إنها سوف تكون ما بين "خمس أو ست سنوات".

وأضاف ميارة، خلال الاجتماع الذي خصص لإخبار لجنتي المالية بغرفتي البرلمان بإحداث الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، الذي صادق عليه مجلس الحكومة، الأحد الماضي، واتخاذ التدابير العاجلة لفائدة الساكنة والمناطق المتضررة من الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية، والذي تم على إثره إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية".
التعليقات (0)