قضايا وآراء

الجامعة العربية.. عاد الأسد وخرج الشعب

أحمد موفق زيدان
الأناضول
الأناضول
بين تعليق الجامعة العربية لعضوية مقعد بشار الأسد في سوريا واليوم 12 سنة، جرت فيها دماء ودموع ومعاناة لم يسبق أن شهدتها الشام وربما المنطقة. فقد علّقت الجامعة العربية عضويتها لبشار الأسد، وسلّمتها للائتلاف الوطني السوري المعارض، لكنها اتخذت قراراً بالأغلبية ضاربة عرض الحائط بميثاقها الذي ينص على الإجماع، وعاد الأسد محمّلاً بوزر معاناة قلّ نظيرها. ولا يزال البلد يخضع لاحتلالات أجنبية، وأكثر من 70 مليشيا طائفية، فضلا عن خسارة البلد لأكثر من نصف سكانه؛ مهجرين ومشردين ونازحين، ومعهم مليون شهيد وعشرات الآلاف من المعتقلين، وفوق هذا تدمير لأكثر من 70 في المئة من بناه التحتية.

في هذه الأجواء أصرت الجامعة العربية على أن تعيد بشار الأسد، لكن هذه المرة زاد على ذلك كله بممارسته تجارة الكبتاغون التي أغرقت الدول العربية وتحديداً دول الخليج، فكان طلب المملكة هو وقف الاتجار بالكبتاغون، لكنه لم يتوقف حتى مع الزيارات التي كان يقوم بها مسؤولو النظام في الأيام الأخيرة، إذ يسبق وصولهم شحنات تعلن عن ضبطها السلطات السعودية.

أصرت الجامعة العربية على أن تعيد بشار الأسد، لكن هذه المرة زاد على ذلك كله بممارسته تجارة الكبتاغون التي أغرقت الدول العربية وتحديداً دول الخليج، فكان طلب المملكة هو وقف الاتجار بالكبتاغون، لكنه لم يتوقف حتى مع الزيارات التي كان يقوم بها مسؤولو النظام في الأيام الأخيرة، إذ يسبق وصولهم شحنات تعلن عن ضبطها السلطات السعودية
وسرّبت وكالة رويترز تعهد المملكة تقديم أربعة مليارات دولار مقابل وقف شحن الكبتاغون للسعودية، لتُسارع المملكة لنفي ذلك، بعد أن وجدت أن من سرّب الخبر لرويترز مصدر سوري هدفه على ما يبدو إحراج المملكة.

ما رشح عن ردهات وصالونات التي ضمت لقاءات القمة العربية الأخيرة في جدة؛ أن الدول الأعضاء اشترطت أن تطلع على خطاب بشار الأسد قبل لقائه، ليتضمن بعض الاعتذار عما حصل في سوريا، والتذكير بالمعاناة السورية، بالإضافة إلى شكر الدول العربية التي ساعدت على إعادته للجامعة، لتفاجأ الدول العربية أن الخطاب الذي أُلقي غير الذي اطلعت عليه، وتفاجأت الدول بصيغة الخطاب الذي فيه توبيخ للقمة ولبعض الدول، حين تحدث عن انتقاله من حضن إلى حضن، ومهاجمته لتركيا، وعدم الالتزام بما تعهد به قبل الخطاب، وربما التزامه فقط بالخمس دقائق الذي حددها ولي عهد المملكة الذي أنقذ نفسه والآخرين من خطابات بشار المملة والطويلة.

الجامعة العربية فشلت طوال مسيرة تاريخها في نزع فتيل أي نزاع عربي، أو تسوية أي صراع يعني العرب، إن كان الصراع العربي- الإسرائيلي، أو الحرب العراقية- الإيرانية، ومن بعد الصراع العراقي مع الكويت، والقائمة تطول حتى تصل للثورة السورية، واليمنية، وأزمة السودان والصومال وإريتريا وغيرها.

وكان مرصد الصراعات العالمية التابع لمجلس العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي؛ نشر تقريراً في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 يقول فيه إن أبرز ستة صراعات من أصل عشرة صراعات عالمية موجودة في المنطقة العربية، وأكد ذلك تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية بأن أبرز الصراعات في العالم تقع في المنطقة العربية وعلى تخومها.

لقد جاء قرار الجامعة العربية 8914 بعودة المجرم بشار الكيماوي إلى الجامعة ليشكل انتكاسة قانونية وأخلاقية تضاف إلى مسيرة الجامعة العربية، فقد تغاضت الأخيرة بذلك عن كل الجرائم التي ارتكبها النظام، ولم يتطرق القرار من قريب أو بعيد لمسؤوليته ولا مليشياته عن معاناة السوريين طوال 12 عاماً، ولا على وجود احتلالات أجنبية ومليشيات طائفية، فضلاً عن أن يطالب بانسحابها من سوريا، ولم يتحدث القرار عن عمليات التجويع والحصار التي تعرضت لها مدن سورية ألجأت أهلها لأكل لحوم الحيوانات، والحشائش، ولا على سياسات التهجير التي طالت نصف سكان البلاد، ولا عن مسالخ الأسد وما كشفته وثائق قيصر، وأخيراً تجارة الكبتاغون التي أغرق بها الشباب العربي، وهي التي تدرّ عليه 57 مليار دولار لتمويل آلة قتله.

يبقى المستفيد الأول والأخير مما حصل من إعادة بشار الكيماوي إلى حظيرة الجامعة العربية هو بوتين نفسه؛ الذي يرى أن هذه الدول العربية تستطيع اليوم القيام بتمويل الأكلاف الاقتصادية لدولة الكبتاغون بعد أن أرهقته ميزانيتها ودعمها، وهو المشغول في الحرب الأوكرانية التي تستنزف كل شيء في الاقتصاد الروسي
تجاهل القرار كل الوثائق الدولية التي أدانته وتشكلت لجان حقوقية تابعة للأمم المتحدة من أجل محاكمته، وقالت أوساط قضائية وإعلامية يومها إن ما جمع ضده يفوق انتهاكات مجرمي الحرب العالمية الثانية في محاكمات نورمبرغ.

يبقى المستفيد الأول والأخير مما حصل من إعادة بشار الكيماوي إلى حظيرة الجامعة العربية هو بوتين نفسه؛ الذي يرى أن هذه الدول العربية تستطيع اليوم القيام بتمويل الأكلاف الاقتصادية لدولة الكبتاغون بعد أن أرهقته ميزانيتها ودعمها، وهو المشغول في الحرب الأوكرانية التي تستنزف كل شيء في الاقتصاد الروسي،  لا سيما بعد أن أدرك أن سوريا أكبر منه في ظل وجود خمس دول كبرى وإقليمية على أراضيها، مع بقاء الكلمة الأخيرة لأمريكا التي لا يزال موقفها ضبابياً رغم التصريحات التي تصدرها بين الفينة والأخرى رافضة التطبيع مع عصابات الأسد، ولكن في المجمل والمحصلة يبدو أنها تشجع على التطبيع.
التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الإثنين، 22-05-2023 08:53 م
مؤسف جدا و لكنه يثبت بانه حكام الدول العربية كلهم لا يستحقون السلطة و بل هم شركاء في الدم