مدونات

عيد العمل.. والعمال

هادي الأحمد
عربي21
عربي21
 يحل موعد عيد عام شامل لأغلب أطياف البشرية كلها هو عيد العمال، الذي تحل ذكراه ويتذكر كل إنسان عامل على وجه هذه الأرض الواسعة تعبه وجهده وحبات عرقه التي مضت، مع إنجازه وتحديه الصعاب والمشاق حتى حقق هدفه الذي آمن به أثناء عمله، أيا كان هذا العمل ومهما كانت طبيعته وماهيته أو مردوده المادي، فالحديث والتذكر ليس لهذا المردود المادي لا أنه لشجاعة الإنسان عندما يؤمن بقضية ويسعى لجعلها حقيقة، عالم اليوم فيه الكثير من مظاهر الإنجاز والانتصار على المشاق مهما كانت جسيمة، حولت فيه الصحراء والأماكن الوعرة ذات الصخور شديدة الصلابة إلى أماكن للسكن وممارسة الحياة (طرق، جسور، أنفاق، مبان، بيوت، مصانع، شركات، محلات تجارية، أماكن سكن، حدائق" لخدمة الإنسان نفسه ومساعدته في إكمال طريق الحياة.

ساعات وليال ونهارات بذلت خلال سنين طويلة تخللها التعب المضنى حتى وصل عالم اليوم إلى صورته وشكله الحالي، كل ذلك تم أولا بتيسير من الله سبحانه وتوفيقه ثم بجهد الإنسان نفسه. لذلك يتذكر هذا الإنسان تلك المناسبة وذلك اليوم ليكون عيده عيد كل العمال والعاملين في العالم كله بشكل عام، هو للحقيقة للواقع عيد الإنجاز صار الإنسان يمارس حياته بسهولة أكثر يسرا مما قبل. أين الماضي وأين هي ملامح الحياة اليوم؟ فرق كبير شاسع أعطى للعامل للموظف يوم وعيد للفرح وللذكرى السعيدة.

عيد العمال ومناسبته هو يوم مستحق لكل من بنى وعمر الأرض وكان الإخلاص علامته. شكرا لك أيها العامل مهما كان ترتيب سلمك الوظيفي، فالكل موجود للإعمار ولتحقيق النمو والتطور للأرض وللكون الواسع، كله على اختلاف مكانه وتواجده. هذه هي رسالة وأمر الله إلى الإنسان، يقول الله تعالى: "بسم الله الرحمن الرحيم: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إني جَاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً".

إذن صدر أمر الله وكثير من بني الإنسان امتثل إلى أمره تعالى امتثالا تلقائيا فطريا، فكانت الحياة بصورتها الحالية تطورت خلال الحقب الزمنية ما بين الماضي وحاضر اليوم، وأعطت للكل الذي امتثل إيجابيا وعطاء طيبا يوما احتفاليا يكرم فيه هو عيد العمال العالمي الذي اكتسب الصفة الشمولية، فكان عاما يحمل صفة العمومية والإجمال.

كل هذا جميل حلو، مبروك لك أيها العامل المجتهد حبات عرقك لم تذهب سدى، أنت اليوم في عيدك السيد بهي الطلة ذي الرونق الحلو البديع، لكن الأحلى والأجمل بحلول هذه المناسبة وهذا العيد العالمي هي العدالة في العمل ما بين صاحب العمل ومن يعمل لديه، مبدأ العمل لأجل تحقيق الربح والإنجاز والرضى لأصحاب العمل أو للعامل والموظف باختلاف المسمى الوظيفي، فالكل عامل حتى صاحب العمل في بعض المرات تجده عاملا موظفا لدى مشروعه أو مؤسسته أو شركته، يتابع أدق التفاصيل صغيرها قبل كبيرها لبث الروح الإيجابية لدى فريق العمل.

هي العدالة والاقتراب منها كثيرا ومن العدل نفسه إعطاء الموظف العامل أجره حق تعبه وحصول صاحب العمل على المردود وهو الربح الذي يسعى إليه ومعه تقليل وتصفير الخسائر. معادلة ليست صعبة التطبيق من ناحية نظرية لكنها من ناحية عملية معقدة حيث التجاوزات الكثيرة، ربما أنه حيث وجد المال وجدت المراوغة واللف والدوران. لكن إن التفت صاحب العمل يمينا قد يتبعه الموظف العامل التفاتة نحو الشمال ويبدأ الخصام، وهو غير مطلوب في العمل فهو حقل الإنتاج، إن تعطل تتعطل عجلة هامة من عجلات الحياة ويصبح النمو بمعناه الشامل قليلا وبطيئا ويحدث التراجع والانتكاسة التي تنعكس بالمجمل على المجتمع محل تواجد العمل ومكوناته، من صاحب عمل وعمال وموظفين وآلات ومعدات وغيرها، وانتكاسة أي مجتمع غالية مكلفة باهظة الثمن.

يحل هذا العيد العالمي وفي الجعبة الكثير من الأسئلة حول العمل والوظيفة التي صارت بالمناسبة شحيحة في الوطن العربي برمته، وإن وجدت فالراتب قليل وأسعار وتكاليف لوازم الحياة الحالية غالية مرتفعة الثمن. بعض الناس يعمل ويعمل ساعات طويلة وعدة أعمال، تعب وإرهاق وبُعد عن العائلة والأسرة، والحياة اليوم صعبة فيها الكثير من الالتواءات والتعرجات والمنعطفات، معقدة هي. ما هو الحل؟ هو ليس سحريا لكنه يتطلب الإرادة النية الصادقة والوفاء والإخلاص للعمل وللوظيفة نفسها وللشغل نفسه من كل أطرافه وليس فقط من طرف واحد، إضافة إلى عقد ورش التدريب دورات الكفاءة للموظف للعامل حتى يواكب تطور الحياة على صاحب العمل مهما كانت طبيعته، إن أراد إنتاجا إيجابيا أن ينفق وأن يدفع ويبتعد عن الشح ورفع شعار الربح أولا وآخرا؟

سيأتي الربح بإذن الله وإرادته أولا ثم بالنية الطيبة بالانتماء بحب العمل والشغل نفسه، كما يحب الأب ابنه يربيه صغيرا ليكبر ويرى ثمره عطاء وإنتاجا طيبا.

في عيد العمل والعمال الكثير من الأسئلة التي تحوم في الذهن مع ارتفاع معدلات البطالة، سبب البلاوي والمصائب، في أي مجتمع إلى مستويات ومعدلات هائلة في أرجاء الوطن العربي. الأسباب كثيرة متشابكة لكن الحياة بعجلتها تدور مستمرة. إذن متى يبدأ البحث عن الحلول لتجفيف نبع البطالة تقليل حجمها الكارثي المدمر للكثير من الشباب عمود أي بلد ومجتمع. تبقى هي الأسئلة دون إجابات واضحة تعالج الخلل في بيئة العمل، عيد يأتي ويتلوه عيد عمال وعمل مثله والوضع في بلاد العروبة نفسه بل يزيد بطالة وهموما وكثير تفكير.

شرد الذهن، هل من يعيده إلى جوهره إبداعا تميزا بدلا عن ذلك الشرود، وألوان التوهان كثيرة هي وصورها أكثر في عالم البطالة والتعطل وقلة الحيلة. أسباب كثيرة لها فمتى يأتي الدواء ويحضر معه أنواع العلاج، وتبقى الأسئلة باحثة عن إجابات. قوة أي بلد وأي وطن من قوة مجتمعه وقوة المجتمع، تتطلب اليوم بشكل عاجل دون تأخير رفع شعار بات شديد الإلحاح والضرورة. للبطالة صورها، عكس التفاؤل وضد الخير سلبية هي من اسمها ومعناها.
التعليقات (0)