مقابلات

مدير "أويس القرني" يكشف سبب اندثار الوقف باليمن.. ومحاولة لإحيائه مجددا

القياضي قال إن الهدف أن يصبح الوقف الحالي الأول في اليمن بعدد المشاريع- عربي21
القياضي قال إن الهدف أن يصبح الوقف الحالي الأول في اليمن بعدد المشاريع- عربي21
تعد الأوقاف من الممارسات المتجذرة لدى المسلمين، في مختلف بلدانهم، في العمل الخيري، منذ ظهور الإسلام، عبر توجيه الأموال والأصول والممتلكات في جوانب مساعدة الآخرين، بأشكال مختلفة، سواء علمية في تدريس طلاب العلم، أو اجتماعية في إطعام الفقراء، أو إعانتهم في حياتهم، بما يحقق الحصول على الثواب، وتحقيق التكافل الاجتماعي من جانب آخر.

ووفقا لتقديرات دولية، يزيد حجم القطاع الوقفي في الدول العربية، عن  105 مليارات دولار، في حين تقدر الأموال النقدية التابعة للأوقاف الإسلامية، التي تتوزع بين مؤسسات إدارة الأصول الوقفية وغيرها من المؤسسات الأخرى، بنحو 35 مليار دولار .

ويمتاز اليمن بكونه واحدا من الدول الإسلامية، التي تولي العملية الوقفية، اهتماما كبيرا، منذ مئات السنين، ويوجد في اليمن عشرات الأصناف من الأوقاف، لتقديم المساعدة والإعانة للمحتاجين، مثل الأراضي الوقفية والمزارع وسبل الماء والكثير غيرها من الوجوه.

اظهار أخبار متعلقة


ويعد وقف أويس القرني واحدا من المشاريع الوقفية الحديثة، التي تسعى لخلق توازن بين المبدأ التاريخي للوقف، والطرق الحديثة والمبتكرة في إدارته وتنميته، من أجل تحقيق أكبر قدر من المنفعة، سواء في مساندة المحتاجين، أو تقديم العون لطلاب العلم والمتميزين من أجل تحقيق التقدم، الذي يؤمل أن يعود على بلادهم.

"عربي21" أجرت حوارا، مع صلاح الدين القياضي، رئيس مجلس إدارة وقف أويس القرني في اليمن، ليستعرض فكرة الوقف الذي قاموا بتأسيسه، وأهدافه، وآلية عمله.

 وقال القياضي، إن اليمن واحد من البلدان التي يتواجد بها عدد كبير جدا من الأوقاف، لكن مع الأسف الشديد، فكثير منها اندثر أو ضاع، أو جرى تضييعه بصورة متعمدة، بسبب إما تعامل الناس، أو التعامل الرسمي معها، وبات هناك انحصار في الأوقاف بمجالات محددة، غالبا تتعلق ببناء المساجد أو المقابر، أو سقايات الماء فقط، رغم أنها أفعال خيرية وفيها ثواب كبير، لكن فكرة الوقف أهم وأكثر من ذلك بكثير.

وأشار إلى أن هناك عددا من الأوقاف البسيطة المتعلقة بالتعليم، لكنها تكاد لا تذكر، واليمن اليوم بحاجة إلى مراجعة قانونية لمسألة الأوقاف، وتثبيت وتأهيل وتوظيف الأوقاف بشكل صحيح.

وحول وقف أويس القرني، أوضح القياضي أنه فكرة جديدة، يهدف للنهوض الحضاري باليمن، البلد الذي يتمتع بثروات كبيرة، وقدرات بشرية هائلة، ينبغي استثمارها.

مصارف الوقف
وأوضح أن فكرة الوقف تقوم على 4 مسارات لشكل المصارف، الأول هو تأهيل الموهوبين من أبناء اليمن، وإعدادهم ليكونوا قادة للمستقبل، والثاني بناء قدرات للقيادة الحكومية والأهلية، والثالث تطوير المؤسسات وطريقة عملها وأنظمتها وحوكمتها، أما المسار الرابع، فهو عبر تعزيز الهوية الواحدة والوعي المجتمعي بإشاعة ثقافة التفاؤل والأمل واحترام اليمنيين لآراء بعضهم البعض وقبول الآخر.

وشدد على أن الوقف أتيحت المساهمة فيه، ليس فقط لليمنيين أو رجال الأعمال، والمقتدرين، بل لمن يحب أفكار هذه المشاريع ويرغب في تقديم عمل خيري، يعود بالنفع على الآخرين، والهدف اليوم، أن يتحول وقف أويس القرني، إلى أكثر وقف في تاريخ اليمن، من حيث عدد المساهمين فيه من اليمنيين ومن محبي البلد، وكذلك الوقف الأكبر من ناحية الأهداف المرسومة.

وشدد على وجود قاعدة إدارية متينة حاليا للوقف، ويجري العمل من خلال 3 دوائر، الأولى إيجاد نوع الوقف، والثانية تثمير الوقف وتنميته، والثالثة، مصارف الوقف. ونحن نتحدث عن مؤسسة مالية، هناك أموال تدخل وتخرج ضمن عملية محكمة.

مشاريع وقفية
واستعرض القياضي، جوانب من المشاريع التي يقوم عليها وقف أويس القرني، وأشار إلى مشاريع في الجانب العقاري، عبر شراء الشقق التي يملكها الوقف، من المساهمات التي قدمها المساهمون في الوقف.

اظهار أخبار متعلقة


كذلك مشروع شجرة الزيتون، في المجال الزراعي للوقف، وقال: "تركيا تعد من الدول التي تحتل مرتبة كبيرة، في زراعة شجر الزيتون، واليوم وصلنا إلى أكثر من 100 ألف متر متربع، من الأراضي التي زرعناها بالزيتون الوقفي، ونملك 2500 شجرة زيتون، أعمارها ما بين 5 – 20 عاما، وتم جني المحصول الأول والثاني، وسجلنا علامة تجارية للمنتج.

وأضاف: "الأمر لا يقتصر على الزراعة والإنتاج، هناك عملية جارية للتصدير، بعد طلبات من عديد من الدول، والوقف يضمن مسألة جودة الزيت كجزء من تسويق فكرة المساهمة في زراعة أشجار الزيتون لتعود على الوقف بالنفع".

وحول المشاريع المستقبلية، قال القياضي، نحن في صدد البدء بمشروع استثماري لصالح الوقف في مجال الذهب، عبر جمع مساهمات من المتبرعين للوقف بقطع ذهبية، والأمل أن نبدأ في المرحلة الأولى من 10-15 كيلو من الذهب، لفتح محل تجاري، والتطلعات أن يتحول العمل شيئا فشيئا إلى وجود مصنع للذهب لاحقا، فضلا عن مشاريع أخرى في قطاع العقارات أو الفنادق السياحية وتأجير السيارات، بما يعود على الوقف بالإيرادات لتنميته بصورة أكبر.

ولفت إلى أن الاستثمارات لا تقتصر على الخارج، من أجل اليمنيين، لكن هناك مشاريع في الداخل خاصة في القطاع الزراعي، مثل التمور ودوار الشمس، والقطاع العقاري في اليمن.

اظهار أخبار متعلقة


وشدد على أن بيئة الاستثمار من أجل الوقف، تحتاج إلى أجواء من الأمن والقضاء المستقل، والقانون، لأنه في حال انعدام هذه لا يمكن لأي مشروع أن يسير إلى الأمام ويتقدم.

وقف التعليم
واستعرض القياضي، عمل الوقف في مجال المنح الدراسية والابتعاث للطلاب اليمنيين إلى الخارج وقال، إن هذا المشروع يقوم على 4 مرتكزات.

وتابع: "الأول، التخصصات التي يحتاجها اليمن، فنحن لا نركز على ما يهتم به الطالب لرغبته الشخصية، لكن الهدف، ما يحتاجه سوق العمل مستقبلا، وهذا يجري وفقا لدراسات أكاديمية تجري بين وقت وآخر، ويدعم الطلاب على أساس هذه الاحتياجات سواء على صعيد البلد أو المحافظة أو الإقليم وهكذا".

أما المرتكز الثاني للدعم الأكاديمي، فيقوم على اختيار الطلاب وفقا لمعايير أكاديمية، أبرزها أن يكون من المتميزين، وبمعدل دراسي مرتفع، وأن يكون من المساهمين مجتمعيا، بمعنى أن الطالب له بصمات في مجتمعه ومتفاعل وليس شخصا بمعدل مرتفع ومنكفئ على نفسه، ويتم التأكد من مطابقة الطالب للشروط عبر مقابلتين شخصيتين، ومراحل يمر بها من أجل الموافقة عليه.

الامر الثاني ما يتعلق بالمعايير التي يتم بناء عليها اختيار الطلاب. وهذه المعايير ابرز معيارات الجانب الاكاديمي ان يكون متميز.

وبشأن المسار الثالث، الوقف يهتم بتدريس الطلبة الذين يدعمهم في أفضل الجامعات، وبدأنا نسختنا الأولى من البرنامج في تركيا،

أما المسار الرابع وهو القيمة المضافة لبرنامج التعليم، أن هذا الطالب يخضع لتأهيل مهاري وقيادي مصاحب للجانب الاكاديمي. في عدة مجالات في المجال القيمي والشخصي وفي الجانب التخصصي، فيما يتعلق في مجال التأثير المجتمعي والمسؤولية المجتمعية، وفيما يتعلق بجانب الهوية الوطنية، ونحن لا نريد للطالب أن يخرج من اليمن ويحدث له انفصام عن بلده، وبالتالي نسعى للحفاظ على ارتباطه ليعود ويخدم بلاده.

وأشار إلى وجود اتحاد للطلاب اليمنيين الجامعيين اليوم، في 38 ولاية تركية تركية، وهؤلاء يمارسون نشاطاتهم، وإدارتهم لأنفسهم، عبر اختيار قيادتهم الطلابية.
التعليقات (0)