حقوق وحريات

منظمة حقوقية: النظام المصري يحرم المعارضين بالخارج من الوثائق الثبوتية

السلطات المصرية تنتهك الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان - يوتيوب
السلطات المصرية تنتهك الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان - يوتيوب
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن سلطات النظام المصري ترفض منح عشرات المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان المقيمين في الخارج أي وثائق ثبوتية أو تجديدها، بهدف الضغط عليهم للعودة إلى مصر ليواجهوا الاضطهاد شبه المؤكد.

وأدى تعذّر استصدار شهادات الميلاد أو تجديد الوثائق الأساسية، كجوازات السفر والبطاقات الشخصية، إلى عرقلة إحقاق الحقوق الأساسية للمعارضين في الخارج وأفراد أسرهم الذين يعيلونهم، بحسب المنظمة.

وأشارت "رايتس ووتش" إلى أن ممارسات النظام المصري قوضت فعليا قدرة المعارضين في الخارج على السفر والعيش والعمل بشكل قانوني، وأحيانا هدد قدرتهم على الحصول على الرعاية الطبية الأساسية والخدمات التعليمية أو لمّ شملهم مع أفراد أسرهم الآخرين.

اظهار أخبار متعلقة


وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن "حكومة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي تشدد الخناق على المعارضين في الخارج بحرمانهم من الوثائق الثبوتية الأساسية. بعد إطلاق العنان لسحق المعارضة الداخلية والاعتراض العلني من خلال الاعتقالات الجماعية والمحاكمات الجائرة والتعذيب المتفشي في أثناء الاحتجاز، تكثف الحكومة جهودها لمعاقبة الموجودين في الخارج وإسكاتهم".

وواجه المعارضون المصريون في تركيا تحديات إضافية؛ لأن القنصلية المصرية في إسطنبول أغلقت أبوابها فعليا أمام المصريين منذ العام 2018 تقريبا، ولا تقبل القنصلية طلبات التوثيق الرسمي إلا من خلال صفحتها على "فيسبوك"، بينما تلزم المتقدمين بجميع الطلبات تقريبا بملء نماذج غير رسمية خارج نطاق القانون، والتي تتطلب تفاصيل خاصة مثل سبب مغادرتهم مصر وروابط حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأبلغ مسؤولو القنصلية المتقدمين بشكل معتاد أن جميع الطلبات يجب أن تحظى بموافقة الأجهزة الأمنية في مصر قبل أن تقدم القنصلية طلباتهم إلى السلطات المختصة.

ومنعت هذه الممارسة آلاف المصريين في تركيا من تقديم طلبات روتينية للحصول على وثائق رسمية، بما فيها جوازات السفر والبطاقات الشخصية.

تسببت سياسة عدم التسامح مع أي شكل من المعارضة التي تنتهجها حكومة السيسي في إحدى أكبر موجات الهجرة إلى الخارج المنبثقة عن دوافع سياسية في تاريخ مصر الحديث.

اظهار أخبار متعلقة


ووفقا للأرقام والتقديرات الحكومية الرسمية المنشورة في السنوات الأخيرة، يعيش ما بين 9 و14 مليون مصري في الخارج. ومن بين هؤلاء، يعيش عشرات الآلاف في المنفى؛ لتجنب القمع في الداخل، وفقا لتقديرات تقارير إعلامية وحقوقية.

وأكد "رايتس ووتش" أن السلطات المصرية تنتهك كُلا من الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بحرمان مواطنيها في الخارج تعسفا من جوازات سفر سارية وغيرها من الوثائق الثبوتية.

وطالبت رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بإصدار أوامر للأجهزة الأمنية والبعثات الدبلوماسية بإنهاء جميع المعوقات الخارجة عن القانون التي تقف بوجه إصدار الوثائق الثبوتية والتسهيل.

ودعت الدول المستضيفة لمعارضي نظام السيسي ألا ترحّل أي شخص إلى مصر إن كان عُرضة لخطر الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من الأذى الجسيم عند عودته، وأن تسمح للأشخاص الذين يعبرون عن هذه المخاوف بتقديم طلب اللجوء.

وأضافت: عند تقييم طلبات اللجوء هذه، ينبغي للحكومات والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرهم من محكّمي اللجوء أن يأخذوا بعين الاعتبار التقارير التي توثق القمع المستمر في مصر، وكذلك عجز العديد من المعارضين في الخارج عن الحصول على وثائق ثبوتية.

وتستضيف تركيا وقطر العديد من المصريين، منهم نشطاء إسلاميون فروا من قمع الحكومة المصرية ومحاكماتها الجائرة منذ أواخر العام 2013. رغم أن المصريين غير مؤهلين للحصول على وضع اللجوء الكامل في تركيا بسبب القيود الجغرافية التي اعتمدتها تركيا للانضمام إلى "اتفاقية اللاجئين لسنة 1951"، يمكن النظر في منحهم وضع اللاجئ "المشروط" أو أشكال الحماية التكميلية الأخرى بموجب القانون التركي بشأن الأجانب والحماية الدولية لسنة 2013.

ورحّلت دول عدة أشخاصا إلى مصر رغم مخاطر الاضطهاد والتعذيب الجسيمة التي واجهوها هناك. مؤخرا، خلال العام 2022، رحّلت السعودية أو سلّمت معارضا مصريا واحدا على الأقل، كما رحّلت السودان أو سلّمت تسعة على الأقل، كما رحّلت أو سلّمت الكويت وماليزيا في العام 2019 مجموعات من أربعة وثمانية معارضين مصريين على الأقل، حُكم عليهم لاحقا بالسَّجن لسنوات في محاكمات جائرة. بحسب تقارير إعلامية، أساءت الحكومة المصرية أكثر من مرة استخدام نظام النشرة الحمراء لـ"الإنتربول" لتسليم أو مضايقة النشطاء في الخارج، غالبا بناء على اتهامات كاذبة أو مسيسة.

دفعت الصعوبات في الحصول على وثائق مدنية سارية أو الاحتفاظ بها العديد من المعارضين المصريين في الخارج إلى المخاطرة باتباع حلول خطيرة أو غير نظامية.

وفي السنوات الأخيرة، وثّقت هيومن رايتس ووتش استهداف السلطات المصرية العشرات من أقارب المعارضين في مصر، الذين غادروا البلاد بالاعتقالات، ومداهمات المنازل، والاستجواب، ومنع السفر.
التعليقات (0)