قضايا وآراء

ملاحقة الكاظمي قانونيّا.. وعودة ترامب للبيت الأبيض!

جاسم الشمري
تلاحق الكاظمي العديد من الاتهامات منذ خروجه من منصبه- جيتي
تلاحق الكاظمي العديد من الاتهامات منذ خروجه من منصبه- جيتي
امتازت ساحة العراق السياسيّة بالعديد من الشخصيّات الجدليّة، وقد يكون رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي على رأس هذه الشخصيّات التي ظهرت فجأة وبقوّة في المشهد السياسيّ.

تسنّم الكاظمي في حزيران/ يونيو 2016، ودون أيّ مقدّمات، منصب مدير المخابرات في زمن حكومة حيدر العبادي، وبعد ثورة تشرين الشبابيّة في العام 2019، وما رافقها من قتل وترهيب للمتظاهرين في زمن حكومة عادل عبد المهدي، اضطرّت القوى السياسيّة للبحث عن بديل لعبد المهدي!

ولم تكن رحلة البحث يسيرة، وقد مرّت بالعديد من الشخصيّات التي لم تحظ بالمقبوليّة، وبعد خمسة أشهر من استقالة الحكومة وقع الاختيار على الكاظمي ليُدير كفّة مجلس الوزراء خلال مرحلة حرجة وحسّاسة من تاريخ العراق الحديث!

منذ أن غادر الكاظمي القصر الحكوميّ وهو يعاني من حرب نفسيّة جعلته في حيرة من أمره نتيجة الاتّهامات الكبيرة التي تلاحقه وبالذات من القوى المالكة للسلاح غير الرسميّ، حيث اتُّهم الكاظمي، حينما كان مديرا للمخابرات، بالتنسيق مع واشنطن في اغتيال قائد فيلق القدس الإيرانيّ قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبيّ أبو مهدي المهندس

ترأس الكاظمي الحكومة منذ 7 أيار/ مايو 2020 ولغاية 13 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022، وكانت حكومته قريبة نوعا ما من الإدارة الأمريكيّة، والتقى بالرئيسيْن دونالد ترامب وجو بايدن، وكانت مرحلته مليئة كذلك بالمناحرات مع زعماء الحشد الشعبيّ، المنظومة الأقوى من الدولة عسكريّا وسياسيّا، وتخلّلتها محاولة فاشلة لاغتيال الكاظمي في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 بواسطة طيّارة مسيّرة هاجمت منزله ببغداد!

ومنذ أن غادر الكاظمي القصر الحكوميّ وهو يعاني من حرب نفسيّة جعلته في حيرة من أمره نتيجة الاتّهامات الكبيرة التي تلاحقه وبالذات من القوى المالكة للسلاح غير الرسميّ، حيث اتُّهم الكاظمي، حينما كان مديرا للمخابرات، بالتنسيق مع واشنطن في اغتيال قائد فيلق القدس الإيرانيّ قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبيّ أبو مهدي المهندس، في الثالث من كانون الثاني/ يناير 2020، عند خروج موكبهما من مطار بغداد الدوليّ!

وخلال الأيّام الماضية عاد اسم الكاظمي للواجهة الإعلاميّة مُجدّدا، حيث صدرت في الرابع من آذار/ مارس 2023 أوامر قبض بحقّ مجموعة مقرّبة جدا من الكاظمي، ومن بينهم وزير الماليّة علي علاوي، ومدير مكتب الكاظمي القاضي رائد جوحي، وسكرتيره الخاصّ أحمد نجاتي، ومستشاره الإعلاميّ مشرق عباس، وهم متّهمون بالتورّط بما يُعرف في العراق بسرقة صفقة القرن، وتتمثّل باختفاء مبلغ 3.7 تريليونات دينار عراقيّ (نحو مليارين ونصف المليار دولار) من أموال الأمانات الضريبيّة.

وبعد ساعات من الأوامر القضائيّة أصدر مكتب الكاظمي بيانا أكّد فيه بأنّ الإجراءات التنفيذيّة التي تتّخذها جهات تحقيقيّة مرتبطة بقوى وأحزاب وميول سياسيّة تفتقر للحدود المقبولة من الاستقلاليّة، وهذا "الكيد والاتّهام يكشف محاولات التستر المستمرّة على المجرمين الفعليّين، وهروب للأمام واستهداف لخصوم سياسيّين، لخلط الأوراق والتستّر على السرّاق الحقيقيّين"!

وبيان الكاظمي ينطوي على تهديدات مُبطّنة لشخصيّات سياسيّة قد يملك الكاظمي ضدّها ملفّات حسّاسة وخطيرة!

وللتاريخ نذكر أنّ بدايات اكتشاف "سرقة القرن" كانت في عهد الكاظمي، وليس في زمن حكومة محمد شياع السوداني، ووزير ماليّة الكاظمي (علي علاوي) ذكر عند استقالته من الحكومة حجم الفساد والخراب في إدارة الدولة، وهذا يعني أنّ أوامر القبض قد تكون سياسيّة!

وقد حاول الكاظمي خلال وزارته لعب دور الوسيط بين إيران والسعودية، وقد "نجح" في عقد عدّة اجتماعات بين الطرفين، ولكن هل ستشفع هذه "الإنجازات" لدفع طهران وغيرها لتخفيف الضغط القضائيّ على الكاظمي؟

وقبل عشرة أيّام كانت هنالك تحرّكات داخليّة وخارجيّة للكاظمي وربّما أبرزها زيارته لطهران ولقاؤه الرئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسي، ورئيس مجلس الشورى محمد قاليباف، والأمين العامّ للأمن القوميّ علي شمخان، ولكن يبدو أنّها لم تُثمر أيّ ثمرة على الأرض!

وهنالك مَن يرى أنّ الزيارة قد تكون زيارة "تحقيق إيرانيّ" مع الكاظمي ودوره في اغتيال سليماني، وإمكانيّة إدراج اسمه ضمن المتّهمين أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة لاحقا!

هل تُرِك الكاظمي ليواجه مصيره المُرعب والمُرتقب أم أنّ عودة ترامب للواجهة، وفوزه بأصوات مؤتمر "المحافظين" للترشّح لانتخابات الرئاسة الأمريكيّة للعام 2024 قد تكون بريق أمل للكاظمي، نظرا للتقارب بين الرجلين، للإفلات من القضاء، وربّما العودة ثانية لرئاسة الوزراء؟

وتأكيدا لدراية رئيس الحكومة السابق، الكاظمي، بأوامر القبض التي قد تطاله بأيّ لحظة ذكرت بعض الصالونات السياسيّة أنّه حاول لقاء مقتدى الصدر، لكنّ الأخير امتنع، واضطرّ الكاظمي للاتصال ببعض المقرّبين من الصدر طالباً تدخلهم في الضغط على القضاء لتجميد مذكّرات القبض بحقّ "فريقه الخاصّ"! وهنالك مخاوف، حزبيّة وشخصيّة، غير مُعلنة من قيادة الكاظمي لمعارضة داخليّة وخارجيّة ضدّ عموم المشهد السياسيّ، ولكنّني أستبعد إقدام الكاظمي على مثل هكذا خطوة تصعيديّة، ولكنّه قد يستخدم بعض الملفّات التي يمتلكها خلال تسنّمه إدارة المخابرات والحكومة ضدّ بعض الشخصيّات الفاعلة والتي بدورها قد تدفع باتّجاه التهدئة ونهاية حملة استهداف الكاظمي وفريقه الخاصّ!

فهل تُرِك الكاظمي ليواجه مصيره المُرعب والمُرتقب أم أنّ عودة ترامب للواجهة، وفوزه بأصوات مؤتمر "المحافظين" للترشّح لانتخابات الرئاسة الأمريكيّة للعام 2024 قد تكون بريق أمل للكاظمي، نظرا للتقارب بين الرجلين، للإفلات من القضاء، وربّما العودة ثانية لرئاسة الوزراء؟

غالبيّة المُعطيات في المشهدين السياسيّ والقضائيّ تشير إلى أنّ الكاظمي قد لا يفلت من قبضة القضاء رغم التطمينات الكثيرة التي أُعطيت له ودفعته للبقاء ببغداد، ومع ذلك قد ينجح في استثمار علاقاته المتنوّعة للإفلات من التّهم التي تلاحقه!

أظنّ أنّ جميع الخيارات متوقّعة في هذا الموضوع الحسّاس والشائك!

twitter.com/dr_jasemj67
التعليقات (3)
Zahraa
الخميس، 16-03-2023 09:05 م
د. جاسم الشمري @dr_jasemj67 · 8 س الجيوش الإلكترونية سرطان الحكومات والدول! شايع سدران @911_shaya ردًا على @dr_jasemj67 دكتور الخساسة والمذلة . لا بارك الله فيك ياخسيس كيف يسمح هذا لنفسه الساقطة أن يوجه لك مثل هذا الكلام؟! أنت لم تتكلم مع الغاوي إلا بأحسن كلام مترفع عن خساستهم ولكنهم استمروا بتوجيه اقذر الكلمات التي لا تنطبق إلا عليهم حتى قاموا يردون على كل منشور لا علاقة له بهم،الأفضل ترك هؤلاء السفلة فما هم إلا شراذم من خدم وعبيد السلاطين يقفون في وجه كل إنسان شريف وفي وجه كل عالم رباني وينعقون مع كل ناعق يهاجم الدين والأخلاق والشرف هؤلاء حثالات المحتمع الذين يحاربون العلماء ويحرضون عليهم والدليل ما جرى ويجري في بلدهم من زج مئات العلماء الأفاضل في السجون والمعتقلات منذ 5سنوات وما زال هذا الغلام الذي جند لهدم الإسلام في بلده يشن حملة شعواء ضد كل من يشم به روح الدين الإسلامي ويزج بهم في السجون فلا تعير لهؤلاء أي أهمية فمهما تلطفت معهم في الكلام فلن يزدادوا إلا استكبارا وعنجهية لقد تألمنا جدا نحن من كلامهم الهابط الذي وجه لكم
بيداء حميد
الجمعة، 10-03-2023 09:09 م
كالعة قلمك دكتور الذهبي يسطر احداث وتحليلات واقعية ولكن اختلف معك بنقطة واحدة ان الكاظمي من رابع المستحيلات يعود رئيس وزر اء تحت اي ظرف لان الشعب قد رفضه والقوى السياسية رافضته اصلا لا انه هزيل وضعيف الشخصية وممثل والادهى والامر لا يملك اي شهادة .. تحياتي واحترامي الشخصكم الكريم
احمد
الجمعة، 10-03-2023 06:21 م
كل ما يحصل للكاظمي هو عمليه تلميع و لا يستبعد ان يعود مستقبلا لرئاسه الوزراء .. عمليه تسليم الاطار ( عملاء ايران ) السلطه هو طعم امريكي لتدميره .. اليوم هناك اجماع لدى كل الشعب العراقي بان الاطار بقياده المالكي و الخزعلي و بقيه العصابه سراق و خونه و يشتمون في الشارع الشيعي قبل السني اي لا توجد اي مصداقيه لهم . اليوم على شيعه العراق ان ارادوا ان يكون لهم وجود في الحكم فعليهم الابتعاد عن ايران وان يقوموا بعمليه تطهير بين اوساطهم