سياسة دولية

معارض تشادي لـ"عربي21": النظام لجأ للتطبيع مع الاحتلال لتفادي سقوطه

دشّن الرئيس التشادي سفارة في تل أبيب خلال حفل شارك فيه نتنياهو- الأناضول
دشّن الرئيس التشادي سفارة في تل أبيب خلال حفل شارك فيه نتنياهو- الأناضول
أدان المعارض التشادي البارز ورئيس "منصة قطر التفاوضية" سابقا والرئيس المؤسس للحركة الديمقراطية التصحيحية "MDR"، بشير الخليل حمدي، افتتاح بلاده سفارة لها في تل أبيب، مُشدّدا على أن "النظام لجأ إلى هذه الخطوة الرعناء لمحاولة تفادي سقوطه وانهياره؛ فلم يبق له سوى إسرائيل، بعدما تخلى عنه الكثيرون في الداخل والخارج".

والخميس، دشّن الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، سفارة في تل أبيب، خلال حفل شارك فيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وهذه أول زيارة يقوم بها ديبي لدولة الاحتلال، وكان تولى مقاليد الحكم بعد مقتل والده في 2021 حيث عمل الأخير على عودة التطبيع مع دولة الاحتلال وقام بزيارة إليها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.

"وصمة عار"

ووصف حمدي تلك الخطوة بأنها "خطوة مُخجلة ومُخزية وهزلية ووصمة عار في تاريخ تشاد"، داعيا الجميع لمواجهتها بكل السبل الممكنة داخل وخارج البلاد.

وأشار المعارض التشادي البارز، إلى أن "تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال بدأ مع الرئيس الراحل إدريس ديبي، لكن هذا الرجل رغم ما له من سيئات كان له بعض الحسنات أيضا؛ فقد كان يتمتع بالذكاء، ويعرف كيف تُستغل الفرص".

وأكمل: "لكن ابنه (الرئيس الحالي) مُسيّر وليس مُخيّرا، وحتى سلطته في البلاد مفروضة عليه فرضا من قِبل فرنسا وإسرائيل، وكأنها مقايضة مفادها (نحن نمكنك من السلطة ونحميك، مقابل تنفيذ ما يُطلب منك)".

وتابع: "في الآونة الأخيرة ظهرت بعض الخلافات للعلن؛ نظرا لأن هذا الابن الأرعن عندما وصل إلى السلطة تعهّد ببعض الأمور -وبالطبع كانت بتعليمات من فرنسا– ثم تريد باريس الآن إزاحته من السلطة، وتستطيع أن تفعل ذلك من خلال استخلافه ببعض الأشخاص الآخرين، لكنه مُحاط ببعض الجنرالات ويمنعونه من التخلي عن السلطة، ولذلك فقد صار هناك خلاف بين فرنسا وبين الولايات المتحدة لأسباب استراتيجية، ولتستمر مسرحية الديمقراطية المفروضة على العالم الثالث".

"خلافات أمريكا وفرنسا"

ولفت حمدي، وهو منسق عام المنسقية الوطنية من أجل التغيير والإصلاح "CNCR"، إلى أن "الخلاف بين فرنسا والولايات المتحدة في الملف التشادي ظهر عندما انطلقت المظاهرات ووقفت واشنطن مع المعارضة، وبناءً على ذلك نجد أن أي نظام وراثي تزكيه إسرائيل لدى القوى العظمى، وهذا إجبار على الركوع الكامل، والولاء لإسرائيل من أجل أن يبقى في كرسي الحكم".

وأردف بأنه "على الجانب الآخر، نجد أن الدولة الوحيدة في العالم التي لا تحترم قوانين الأمم المتحدة، ولا العلاقات الدولية العامة هي إسرائيل، وهذا النظام التشادي المغتصب للسلطة يحمل نفس صفاتها، وخاصة صفة عدم احترام القوانين؛ فلا يحترم التزاماته أو المواعيد التي قطعها على نفسه".

وأوضح حمدي أن "ديبي الابن عندما وصل للسلطة وعد بالتنحي بعد انتهاء الفترة الانتقالية الأولى، وتنظيم انتخابات حرة، هذا ما وعد به الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والعالم كله، ثم لم يلتزم بأي شيء".

واستطرد قائلا: "التشابه الكبير للغاية بين النظام التشادي وبين دولة الاحتلال في صفة عدم الالتزام بالقواعد الدولية ساهم في التقارب بينهما، وكلاهما بحاجة للآخر؛ فالنظام في تشاد يحتاج لتثبيته في السلطة الفاشية، وما قام به النظام من تطبيع هو جريمة جماعية خطيرة بحق الشعب؛ فقد اتخذ الشعب التشادي رهينة لحماية نفسه، ولهذا لا تجد أحدا يسانده بطريقة مُعلنة إلا إسرائيل، وهذا السبب الرئيسي في تلك الخطوة الحمقاء".

وواصل حديثه قائلا: "أما إسرائيل فترغب في الدخول بقوة لقلب أفريقيا من تشاد؛ فمن خلال تشاد تستطيع أن تلعب العديد من الأدوار في المنطقة، وعلى رأسها نهب ثروات القارة السمراء، لا سيما أن الشركات الإسرائيلية تنشط في مجال التنقيب، والمنطقة بأكملها معرضة في المستقبل لنشوب اضطرابات خطيرة جدا بسبب الوجود الإسرائيلي".

وشدّد على أن "إسرائيل تدير الملف الأمني في تشاد، وفرنسا تدير الملفين الاقتصادي والسياسي، وبين الدولتين قلة انسجام، والنظام ليس لديه خيار آخر غير اللجوء لتل أبيب، لأن فرنسا تريد فتح مجال العمل السياسي للجميع بطريقة ديمقراطية ليس لصالح تشاد أو الشعب التشادي، وإنما لأن بعض ممارسات السلطة الحالية تفضح استراتيجيات باريس، وإسرائيل ليس لديها ما تخشاه؛ فليس هناك قانون يعاقبها أو قوة تواجهها".

واستدرك حمدي، بقوله: "لكن الأيام القادمة ستوضح للجميع أشياءً كثيرة، عندما يخسر النظام، ومَن ورائه خسارة إسرائيل؛ لأن الشعوب وعيت حقيقة الاحتلال المجرم، وكما يُقال: الشعوب لا تخسر أبدا، وهذا أمر محسوم".

"هدية لروسيا"

أما عن تبعات قرار النظام التشادي بالتطبيع، فنوّه إلى أن "الشعب التشادي، وشعوب منطقة جنوب الصحراء، لن تخضع مطلقا لهذه السلطة المفروضة من الغرب، خاصة مع وجود بديل للغرب، وهو روسيا، ودعني أقولها بكل وضوح: إن الغرب أعطى أفريقيا كهدية لروسيا، بأسلوبه واستمراره في سياسته الرجعية، وعلى روسيا أن تعرف وتستعد لاستقبال هذه الهدية، فالاستهزاء بالشعوب الأفريقية الذي ينتهجه الغرب سيجعل أفريقيا كلها تخرج عن سيطرة الغرب".

وزاد: "أما الشعب التشادي فهو يرفض التطبيع جملة وتفصيلا؛ لأنه يعرف أن إسرائيل دولة محتلة، وتقوم على نظام قمعي وعنصري، وتروج أنها أكبر ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، والحقيقة أن الديمقراطية لا تعني العنصرية، ولا تعني إنصافا لفئة من سكان المنطقة، وقهرا لفئة أخرى، وإن كان هذا هو مفهوم الديمقراطية فعلى صناع الديمقراطية أن يصححوه".

وأضاف المعارض التشادي: "نحن نقول، وبكل ثقة، إن الشعب التشادي بأكمله ضد هذا التطبيع، وسيرفضه بكل الصور الممكنة، لأنه بالإضافة لكون النظام الإسرائيلي نظاما قمعيا مجرما، فهو يدنس القدس، والقدس ملك لكل المسلمين، وأي مسلم إسلامه صحيح لا يقبل هذا الأمر".

واختتم رئيس منصة قطر التفاوضية سابقا، بقوله: "على القوى البديلة أن تستثمر هذه الهدية، المُقدمة لروسيا وللصين وغيرها من القوى التشادية البديلة، والتي ستساهم في تسريع وتيرة الإطاحة بهذا النظام المستبد".

وأعادت تشاد في العام 2019 علاقاتها مع إسرائيل بعد أن أوقفتها في العام 1972 إثر الصراع العربي-الإسرائيلي.

وأغلقت جمهورية تشاد باب العلاقات الرسمية وغير الرسمية مع الاحتلال وانحازت حينها إلى موقف الدول العربية والإسلامية الموحد، الذي طالب بقطع كل الاتصالات معه في أعقاب حرب 1973.

ويلقى التطبيع التشادي رفضا شعبيا واسعا، إذ تنظر إليه الأغلبية وأحزاب المعارضة على أنه وقوف إلى جانب الاحتلال والتغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.
التعليقات (0)