بورتريه

العريض من "سجن زين العابدين" إلى "سجن سعيّد" (بورتريه)

علي العريض هو أحد القادة البارزين في حركة النهضة بتونس- عربي21
علي العريض هو أحد القادة البارزين في حركة النهضة بتونس- عربي21
يخوض القضاء تحقيقا معه في ملف فارغ من أي مضمون ولا يحتوي على قرائن مطلقا يمكن التعلق بها، مثل غريق يتعلق بقشة، بحسب حقوقيين. 

أحد القادة البارزين في حركة النهضة الإسلامية في تونس، وكان عضوا بارزا في مؤسسات "النهضة"، خاصة المؤتمر العام ومجلس الشورى منذ الثمانينيات من القرن الماضي. 

سجن وعذب ولفقت بحقه وبحق أسرته تهم لدفعه إلى الزاوية المظلمة في عالم السياسة ودهاليزها، لكنه نجا منها جميعا بأعجوبة رغم سنوات السجن الطويلة. 

يخضع الآن لامتحان آخر مع القضاء في ظل نظام سياسي على رأسه خبير قانوني يستأثر بكل شيء. 
على العريض المولود في مدنين بجنوب تونس عام 1955 حاصل على شهادة البكالوريا (الثانوية) عام 1976، وفي عام 1980 حصل على شهادة في الهندسة في النقل البحري بمدرسة البحرية التجارية بسوسة.  

اظهار أخبار متعلقة


التحق في ما بعد بمصالح وزارة النقل في قسم البحرية التجارية، قبل أن ينضم إلى حزب حركة النهضة حيث قام بدور قيادي بعد محاكمة قيادة الحركة في منتصف عام 1981، وفيما بعد لحقه الدور في التضييق الرسمي على الحركة بعد أن حكم عليه بالإعدام غيابيا عام 1987، وألقي عليه القبض بعد استحواذ زين العابدين بن علي على السلطة في نفس العام. 

لم ينفذ حكم الإعدام بعد صدور عفو عنه فيما بعد، لكنه ما إن تولى الأمانة العامة لحركة النهضة حتى ألقي عليه القبض في عام 1990، وحوكم ضمن قيادات "الحركة"،  وأقرت المحكمة سجنه 15 عاما قضى منها عشرة أعوام في عزلة تامة في سجن انفرادي. وبعد خروجه من السجن، عاد إلى الظهور والمشاركة باسم حركته في "هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" التي جمعت إسلاميين ويساريين وليبراليين وقوميين. 

بعد الثورة التونسية التي أسقطت زين العابدين بن علي ودفعته إلى الهرب من البلاد عام 2011، أجريت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي  وفاز العريض بمقعد، وبعدها بقليل عين في حكومة حمادي الجبالي (حركة النهضة) وزيرا للداخلية. 

ولاحقا وبدعم من "النهضة" عين العريض رئيسا للوزراء في عام 2013، بعد استقالة الجبالي من رئاسة الحكومة بعد أزمة سياسية في البلاد إثر اغتيال المعارض شكري بلعيد. 

ولم يكد يمضي عام على الحكومة حتى استقالت في عام 2014، حين سلم العريض السلطة رسميا لحكومة المهدي جمعة. 

اظهار أخبار متعلقة


وفي عام 2021، اندلع حريق بالطابق الأرضي للمقر المركزي لحركة النهضة في مونبليزير (شرق تونس العاصمة)، وكان العريض في الطابق الثاني ولم يستطع المغادرة، وبسبب قوة النيران، قام العريض بالقفز من إحدى النوافذ في الطابق الثاني، ما تسبب في إصابته بجروح بليغة وكسر قدميه.
 
ونتيجة لموقفه وموقف "النهضة" الرافض للخطوات التي أقدم عليها الرئيس التونسي قيس سعيّد والتي اعتبرت انتكاسة في التحول الديمقراطي في تونس، فقد جرى التحقيق معه في أيلول/ سبتمبر الماضي، برفقة رئيس "الحركة" راشد الغنوشي أمام "الوحدة الوطنية لجرائم الإرهاب" في ثكنة بوشوشة في العاصمة تونس بخصوص شبهات تورطهما في "تسفير" تونسيين إلى بؤر التوتر (سوريا والعراق وليبيا). وبعد ساعات من الاستنطاق قررت النيابة الاحتفاظ بالعريض على ذمة التحقيق. حيث بقي الغنوشي ينتظر أكثر من 14 ساعة دوره للاستجواب، ولاحقا تقرر تأجيل استنطاق الغنوشي.
 
وقد أفرج لاحقا عن العريض بقرار من قاضي التحقيق الذي أعاد التحقيق معه فيما بعد في "قضية التسفير"، وبعد ساعات من الاستجواب، أصدر قاضي التحقيق في القطب الإرهابي بطاقة إيداع بحق العريض الأمر الذي قابلته "النهضة" و"جبهة الخلاص" المعارضتين بالرفض والإدانة.  

ونفت "النهضة" في بيان، اتهامها بالإرهاب، ووصف القرار بأنه "هجوم سياسي على أحد خصوم الرئيس سعيّد".

واعتبرت "النهضة" في بيانها أن ما يجري "محاولة يائسة ومفضوحة من سلطة الانقلاب ورئيسها للتغطية على الفشل الذريع في الانتخابات التشريعية المهزلة التي قاطعها أكثر من 90% من الناخبين (11.2% رقم رسمي)". 

ويأتي التوقيف وزيادة منسوب التأزيم إثر انتخابات برلمانية شهدت إقبالا هزيلا فيما البلاد التي تمر بأزمة سياسية عميقة منذ احتكر الرئيس سعيّد السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ تموز/ يوليو عام 2021، حين أقال رئيس الحكومة وعلق أعمال البرلمان الذي كان يرأسه الغنوشي قبل أن يقوم بحله. 

اظهار أخبار متعلقة


وفي الوقت نفسه، توالت الدعوات من الولايات المتحدة وفرنسا لتنفيذ إصلاحات سياسية في تونس في ضوء الواقع الذي كشفت عنه الانتخابات. 

وشهدت تونس إثر ثورة 2011 توجه عدد كبير من "الجهاديين" إلى القتال في سوريا والعراق وليبيا. ووجهت انتقادات شديدة لحركة النهضة كونها سهلت سفرهم إلى هذه الدول خلال تواجدها في الحكم وهو ما تنفيه "الحركة". 

وبدأ التحقيق في "قضية التسفير" إثر احتكار الرئيس سعيّد السلطات في البلاد. وتتهمه المعارضة، "بتصفية حسابات سياسية عبر توظيف القضاء". في حين يؤكد سعيّد أن القضاء مستقل. 

الوقائع تناقض التهم الموجهة  للعريض فهو بالأساس كان ضد "التسفير" واتخذ إجراءات للحد منها، كما أنه هو من صنف تنظيم "أنصار الشريعة" منظمة إرهابية، وأعلن حربا ضد الجماعات الإرهابية المسلحة، وصدرت ضده فتوى تقضي بقتله هو والغنوشي. 

لكنه يحاكم الآن بتهمة يكذبها الواقع، إضافة إلى نائبين عن "النهضة"، هما الحبيب اللوز ورجل الأعمال محمد فريخة مدير شركة "سيفاكس" الخاصة للطيران، ومن المنتظر أن يفرج عنهما في أقرب وقت لغياب الأدلة الكافية لإدانتهما، لكن كان لا بد من اعتقالهما وإن تطلب الأمر إفلاس إحدى أبرز شركات الطيران في البلاد. 

ويمضي الشهر الأول على اعتقال علي العريض، وبحسب رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، فإن "العريض قضى 12 عاما في السجن الانفرادي سابقا ولا يمكنه أن يطأطئ الرأس، رغم ما ناله من اضطهاد". 

التعليقات (0)