اقتصاد دولي

أول زيارة لرئيسة وزراء إيطاليا إلى الجزائر.. ما مكاسب البلدين؟

ذهبت ميلوني إلى الجزائر في أول زيارة لها خارج أوروبا- الأناضول
ذهبت ميلوني إلى الجزائر في أول زيارة لها خارج أوروبا- الأناضول
تؤدي رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أول زيارة لها إلى الجزائر منذ سقوط اليسار الإيطالي وصعود اليمين المتطرف إلى الحكم، في إطار المراهنة على الغاز الجزائري لتعويض الغاز الروسي بعد أزمة الطاقة التي فجرتها الحرب في أوكرانيا.

ووضعت ميلوني، خلال زيارتها الأولى خارج أوروبا، ملف الطاقة في أعلى جدول الأعمال من أجل ضمان زيادة تدفق الغاز بالكميات المتفق عليها والمقدرة بـ 9 مليارات متر مكعب، في ظل تنافس عدة دول أوروبية على التزود بالغاز الجزائري.

وبحسب الأرقام الرسمية، فقد ارتفعت إمدادات غاز الجزائر إلى إيطاليا من 21 مليار متر مكعب في 2021، إلى 27 مليار متر مكعب في 2022، على أن تبلغ إلى 30 مليار متر مكعب بين 2023 و2024.

وتطمح الجزائر إلى رفع صادراتها الغازية من 56 مليار متر مكعب في 2022 إلى 100 مليار متر مكعب في 2023.

ويبدو هذا السقف عاليا في زمن قريب، لذلك تحتاج الجزائر إلى دعم عملاق الطاقة الإيطالي شركة "إيني"، في تكثيف استثماراتها بمجال التنقيب وإنتاج الغاز وتصديره.

ويبحث الطرفان إعادة إحياء مشروع أنبوب غالسي الرابط بين الجزائر وجزيرة صقلية الإيطالية، باعتبار أن أنبوب "إنريكو ماتي" المار عبر تونس يكاد يصل إلى ذروته البالغة 32 مليار متر مكعب، علما بأن أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا عبر تونس يصل إلى سلوفينيا، التي تسعى إلى تمديده إلى المجر حتى تتمكن من التزود بالغاز الجزائري.

ومع رغبة إيطاليا بوقف استيرادها للغاز الروسي الذي كان يمثل نحو 45 بالمئة من وارداتها وعدم كفاية صادرات الجزائر لتغطية الطلب الأوروبي، فمن الممكن أن يتم بحث دعم إنشاء خط الأنابيب العابر للصحراء لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.

ويعزز نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا فرص إنشاء خط غالسي الذي تتراوح قدرته ما بين 8 و10 مليارات متر مكعب سنويا، والذي من الممكن أن يستغل أيضا في تصدير الهيدروجين الأخضر.

وعلى صعيد آخر، ناقشت الزيارة مسألة تزويد الجزائر لإيطاليا بالكهرباء، حيث أعرب الرئيس الجزائري في وقت سابق عن إمكانية تصدير الكهرباء عبر إنشاء كابل بحري بين البلدين، خصوصا أن للبلد الأفريقي فائضا لا يقل عن 8 آلاف ميغاواط.

اظهار أخبار متعلقة


وتراهن الجزائر على التعاون مع شركة "فيات" الإيطالية لصناعة السيارات لإنجاز أول مصنع متكامل، ضمن اتفاق وقع الإعلان عنه العام الماضي، بعد محدودية نجاح الشراكة مع شركة رينو الفرنسية.

في المقابل، تسعى ميلوني إلى أن تخوض المنتجات الإيطالية المنافسة في السوق الأفريقية من بوابة الجزائر عبر تشجيع شركاتها للاستثمار بها، كمرحلة أولى قبل الانطلاق نحو بقية القارة، في الوقت الذي تبحث فيه الجزائر عن استثمارات جديدة في مجالات عدة لدعم الاقتصاد المحلي القائم بالأساس على قطاع المحروقات.

إشادة بالجزائر


والاثنين، أشادت رئيسة مجلس وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، بالتسهيلات المهمة التي تقدمها الجزائر في مجال الاستثمار، مشيرة إلى أن الشركات الإيطالية جاهزة للاستثمار، خاصة في مجال الطاقة حيث يمكن أن تصبح الجزائر رائدة على الصعيد الأفريقي والعالمي. 

وأكدت ميلوني، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن روما تعول على الجزائر بشأن الاستثمارات الإيطالية في أفريقيا، وشمال القارة بصفة الخاصة، معتبرا أن الأولوية تبقى للجزائر باعتبارها أكثر بلدان المنطقة استقرارا وتشجيعا على الاستثمار. 

علاقات متميزة


وفي قراءة، قال الخبير الاقتصادي الجزائري والأستاذ الجامعي البروفيسور مراد كواشي إن زيارة ميلوني تطرح كيفية استفادة روما من كمية إضافية من الغاز الجزائري وكذلك الحصول على الكهرباء من الجزائر.

وأضاف كواشي في تصريح لـ"عربي21"، أن العلاقات بين البلدين أصبحت متميزة في الآونة الأخيرة وارتقت إلى علاقات استراتيجية، فضلا عن التوافق السياسي بين قيادات البلدين بشأن حلحلة الملف الليبي.

وكشف الخبير الاقتصادي أنه سيتم تصدير الغاز إلى إيطاليا عبر أنبوب مباشر لا يمر عبر تونس، باعتبار أن الأنبوب الذي يمر عبر الجارة الشرقية شارف على بلوغ ذروته، في الوقت الذي تستعد فيه الجزائر لزيادة الكمية المصدرة إلى روما.

وقال إن الجزائر تسعى إلى تجعل من إيطاليا منصة بهدف إيصال الغاز إلى دول أوروبية أخرى، وكذلك الكهرباء، في ظل "المد والجزر" الذي عرفته العلاقات الجزائرية مع فرنسا أو إسبانيا خلال المرحلة الأخيرة.

وعن نية إيطاليا توجيه استثماراتها نحو أفريقيا عبر الجزائر، قال الأستاذ الجامعي إن روما ترغب فقط في الحصول على الطاقة الجزائرية في هذا الوقت الصعب في ظل شح الموارد الطاقية على مستوى العالم بسبب الحرب في أوكرانيا.

الطاقة والاستثمارات


وبشأن مكاسب الجزائر، قال البروفيسور إن بلاده تسعى إلى استقطاب الاستثمارات الإيطالية من أجل المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، لأن الجزائر مازالت تعتمد على المحروقات، وتسعى إلى تنمية الاقتصاد من خلال تطوير قطاعات أخرى مثل الصناعة والفلاحة والبنوك والخدمات، لذلك هي بحاجة إلى الخبرة الإيطالية في هذه المجالات.

وتابع: "تم الاتفاق على إنجاز أول مصنع لصناعة السيارات بالتعاون مع شركة "فيات" الإيطالية، إلا أن الجزائر تنتظر الكثير خاصة في قطاعات أخرى مثل المؤسسات الناشئة والصغيرة، وكذلك قطاع النسيج الذي تمتلك فيه إيطاليا خبرة كبرى".

في المقابل، استبعد الخبير الاقتصادي أن تكون هذه الزيارة أن تكون تحت شعار "الطاقة مقابل الهجرة"، باعتبار أن العلاقات بين البلدين متميزة وتسير نحو الأحسن.

وختم بالقول إن إيطاليا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي استطاعت أن تفاوض الجزائر بشكل جيد وتمكنت من الحصول على امتيازات طاقية متميزة نتيجة توافق الرؤى بين قيادات البلدين.

شراكة وتعاون


وفي ختام زيارة ميلوني، وقّعت الجزائر وإيطاليا 5 مذكرات "شراكة وتعاون" في عدة قطاعات اقتصادية واجتماعية عقب محادثات أجراها الرئيس الجزائري، مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

وشملت المراسم، توقيع شركة المحروقات الحكومية الجزائرية "سوناطراك" ومجموعة الطاقة الإيطالية "إيني" على مذكرتي تعاون، حيث تتعلق الأولى بتعزيز قدرات نقل الغاز، والثانية بالحد من انبعاث الغازات المحترقة من خلال حلول تكنولوجية.

اظهار أخبار متعلقة


ووقّع مجلس التجديد الجزائري، أكبر منظمات أرباب العمل بالبلاد، مذكرة تعاون وشراكة مع اتحاد الصناعة الإيطالي "كونفيندوستريا".

إضافة إلى ذلك، تم توقيع مذكرة تعاون بين وكالتي الفضاء في البلدين موجهة للأنشطة السلمية، بحسب التلفزيون الجزائري.

أما المذكرة الأخيرة فهي إعلان مشترك بمناسبة الذكرى الـ20 لتوقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين البلدين (27 كانون الثاني/ يناير 2003).
التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الثلاثاء، 24-01-2023 07:25 ص
الكل يريد الاستفادة من الغاز الجزائري بمقابل تنازلات سياسية لصالح النظام العسكري

خبر عاجل