مقابلات

مسؤول بمركز كارتر لـ "عربي21": انتخابات تونس تفتقر إلى الشرعية

مدير بعثة "كارتر" للانتخابات التونسية: ندعو إلى حوار وطني في تونس "لا يقصي أحدا" شبيه بحوار 2013  (عربي21)
مدير بعثة "كارتر" للانتخابات التونسية: ندعو إلى حوار وطني في تونس "لا يقصي أحدا" شبيه بحوار 2013 (عربي21)
دعا رئيس البعثة الأمريكية لمراقبة الانتخابات التونسية ومدير مركز كارتر بتونس دون بيسون ، في حديث لـ "عربي21"، السلطات التونسية وقيادات الأطراف السياسية والمجتمع المدني إلى تنظيم حوار وطني حقيقي للاستفادة من الرسائل التي وجهها الشعب التونسي من خلال نسبة المقاطعة الكبيرة جدا لانتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) والتي تجاوزت لأول مرة الـ 90 بالمائة، بعد أن قاطع غالبية الشعب أغلب أطوار العملية الانتخابية التي تجند عشرات من مراقبي "مركز كارتر" لمواكبتها في العاصمة والجهات منذ تشرين أول (أكتوبر) الماضي. وكانوا قد تابعوا منذ حزيران (يونيو) الماضي أجواء تنظيم الاستفتاء على الدستور يوم 25 تموز (يوليو)، والذي قاطعه 70 بالمائة من الناخبين حسب الإحصائيات الرسمية.

ونوه المسؤول الأمريكي  بـ "جودة إدارة الانتخابات التونسية الجديدة من الناحية الفنية" وباستقبال عدد من المسؤولين في الدولة وفي الهيئة العليا للانتخابات والهيئة العليا للإعلام لوفد مراقبي مركز الرئيس كارتر، لكنه كشف لـ "عربي21" أن التقرير الأولي الذي أعده 60 مراقبا دوليا تابعين للمركز ينتمون إلى عدة دول وجنسيات توصل إلى أن "العملية الانتخابية التي قام عليها إطار انتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022 تفتقر إلى الشرعية ولا تفي بالمعايير والالتزامات الإقليمية والدولية".

دعوة إلى حوار وطني حقيقي

كما كشف المسؤول في مؤسسة مركز كارتر الدولي أن تقريرا تفصيليا سيصدر لاحقا حول ملاحظات فريق مراقبيه حول كامل المسار السياسي والانتخابي في تونس منذ استفتاء 25 تموز (يوليو) وانطلاق العملية الانتخابية البرلمانية التي قاطعتها أغلب الأحزاب والمنظمات التونسية.

لكنه أورد في حديثه لـ "عربي21" أن أبرز توصية قدمها فريق المراقبين ومؤسسة الرئيس كارتر هي "تنظيم حوار وطني حقيقي لا يقصي أي طرف سياسي، ويمكن الاستفادة من تجارب الحوار الوطني السابقة التي ساهمت في إنقاذ "المسار السياسي الديمقراطي التونسي من الانتكاسات التي عرفها في بقية دول المنطقة" وبينها حوار عام 2013.

وأورد مدير مركز كارتر في حديثه لـ "عربي21" أن مؤسسته تنوه بتعاون السلطات التونسية المتعاقبة منذ 2011 وبتسهيلها عمليات مراقبتها لانتخابات 2011 و2014 و2019 ثم لاستفتاء 25 تموز (يوليو) الماضي وانتخابات 17 كانون أول (ديسمبر).

وذكر بكون المركز الأمريكي سبق له أن قدم ملاحظات نقدية للعمليات الانتخابية السابقة ولغلطات السياسيين من كل التيارات التي تسببت مثلا في تراجع نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية في 2014 و2019.

فشل اقتصادي واجتماعي وغلطات السياسيين

لكن مخاطبنا استطرد قائلا: "صحيح لقد أخطأ السياسيون السابقون والبرلمانات والحكومات السابقة لأنها لم تقم بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي ينتظرها غالبية الشعب، وقد تسبب ذلك في تراجع شعبيتها ونسب مشاركة أكبر في الانتخابات الرئاسية في 2014 و2019. لكن كل تقاريرنا تؤكد اليوم أن "الترحيب الشعبي النسبي" ببعض قرارات الرئيس قيس سعيد في تموز/ يوليو 2021 تراجع مثلما تكشفه نسبة المشاركة الضعيفة جدا في "المسار السياسي وخارطة الطريق الرئاسية": حوالي 5 بالمائة في الإستشارة الإلكترونية و30 بالمائة في استفتاء تنقيح دستور 2014 الذي كان توافقيا.. ثم أقل من 9 بالمائة في انتخابات برلمانية كان يفترض أن تسفر عن اختيار برلمان جديد يحدث مجددا "التوازن المطلوب بين السلطات التنفيذية والقضائية والبرلمانية" ويقطع مع "مرحلة تسيير البلاد عبر المراسيم الرئاسية ومركزة كل السلطات بين أيدي رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء"".

حكومة جديدة ثم انتخابات رئاسية

وما هو رأي المراقبين الدوليين لهذه الانتخابات وقيادات "مؤسسة مركز كارتر" في ردود فعل غالبية الأحزاب التونسية على نتائج انتخابات 17 كانون أول (ديسمبر) ومن بينها المطالبة بإلغاء الدورة الثانية وفتح حوار وطني يمهد لتشكيل حكومة إنقاذ جديدة وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة؟

ممثل مؤسسة "مركز كارتر" اعتبر أن دور مؤسسته تقديم تقارير عن عمليات المراقبة التي قام بها 60 من خبرائها في 308 مراكز اقتراع في 26 ولاية بتونس، ثم تقديم "نصائح وتوصيات للسلطات والمجتمع المدني والأطراف السياسية التونسية التي تبقى لها الكلمة الأخيرة في البت في المقترحات ومشاريع تغيير واقع البلاد بطريقة تشاركية وعبر حوار وطني تتفق عليه وعلى منهجيته ومخرجاته".

وما هي أهم التوصيات الأولية التي توصل إليها المراقبون الأمريكيون وشركاؤهم بعد أشهر من مراقبة كامل العلميتين الانتخابيتين لاستفتاء 25 تموز (يوليو) واقتراع 17 كانون الأول (ديسمبر)؟

ردا على هذا السؤال أورد دون بيسون: أبرز توصياتها دعوة كل السلطات وصناع القرار وكل الأطراف السياسية إلى فهم الرسائل السياسية التي وجهتها غالبية الشعب من خلال مقاطعتها الكبيرة لاستفتاء 25 تموز (يوليو) ثم لاقتراع 17 كانون الأول (ديسمبر).

وأهم رسالة هي أنه غير راض عن كل المنظومات السياسية التي حكمته بعد ثورة 2011 بسبب فشلها في تحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية وغلطاتها السياسية. وقد أصبح بعد عام ونصف عن منعرج 25 تموز (يوليو) غير راض أيضا عن المنظومة الجديدة التي يتزعمها الرئيس قيس سعيد وتسببت في تدهور شعبيته بسبب عجزها بدورها عن معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وعن وضع حد لحالة الانقسام والتشرذم بين السياسيين وداخل المجتمع.

التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية

ومضى مخاطبنا قائلا: من بين توصيات تقريرنا الختامي "إعادة توازن القوى بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واعتماد قانون انتخابي جديد يضمن إحداث هيئة انتخابية مستقلة، ودعم الأحزاب وتقويتها وتعزيز الديمقراطية الداخلية للأحزاب، بما يؤدي إلى تمثيلية أكبر لها بما في ذلك تمثيل النساء والشباب والفئات المهمشة"..

مركز كارتر في السودان وأفريقيا

وكيف يقيم مسؤولو مركز كارتر الدولي، الذي تأسس قبل حوالي 40 عاما، حصيلة "وساطاتهم في تسوية النزاعات المسلحة" وعمليات "المراقبة" التي يقومون بها في عدد من دول العالم، بينها خاصة دول أفريقية "فقيرة" مثل تونس والسودان؟

هل لديه "آليات" لمتابعة قراراته أن تبقى تقاريره وتوصياته "حبرا على ورق" مثلما حصل في السودان بعد استفتاء 9 يناير 2011 الذي واكبه الرئيس الأسبق جيمي كارتر شخصيا وعدد ضخم من المراقبين والصحفيين، لكن توصياتهم تجاهلها الانفصاليون وحلفاؤهم في الداخل والخارج بسرعة؟

المسؤول الأمريكي عقب على سؤالنا قائلا: مؤسستنا تحاول أن تتابع تقارير خبرائها ومسؤوليها وتحرص على الحوار مع السلطات وممثلي المجتمع والهيئات وعلى تبادل المراسلات والمقترحات معها بما في ذلك في البلدان التي تشهد منذ عقود نزاعات مسلحة وحروبا مثل السودان وبعض البلدان العربية والأفريقية والآسيوية.

ونعتبر أننا نجحنا في كثير من مهماتها الرقابية وفي حل النزاعات المسلحة ودعم فرص النهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان والفرص الاقتصادية والتنمية البشرية والاجتماعية.

ونعتز أن مؤسستنا تساهم عالميا في دعم الديمقراطية وفرص التنمية والسلام في السودان وتونس والعالم منذ تأسيسها في 1982 بدعم من جامعة ايموري Emory University وجهود كبيرة من الرئيس الأمريكي الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر وحرمه السيدة الأولى السابقة روزالين كارتر.

يذكر أن مركز كارتر توج مهمته الرقابية في تونس بمؤتمر صحفي عقده بحضور عشرات من الصحفيين ومن المراقبين الدوليين عرض فيه النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية بحضور قادة بعثة مراقبة الانتخابات في مركز كارتر: د. ديفيد كارول مدير البرنامج الديمقراطي ودون بيسون مدير مركز كارتر في تونس والسيدة سارة جونسون مساعدة مدير البرنامج الديمقراطي في تونس.
التعليقات (0)

خبر عاجل