أفكَار

سياسي سوداني: القطيعة بين الدولة والإسلام مفتعلة

محمد أحمد فقيري: إذا لم تستطع الحركة الاسلامية توطين الحرية فستتحول إلى "مومياء"
محمد أحمد فقيري: إذا لم تستطع الحركة الاسلامية توطين الحرية فستتحول إلى "مومياء"

قال الدكتور محمد أحمد فقيري الباحث في فكر الحركة الإسلامية السودانية بزعامة الراحل حسن الترابي، إن تعدد تنظيمات الإسلام الحركي السائدة حاليا في المشهد السوداني تُعزى إلى تجربة السلطة في ما عرف بنظام الإنقاذ (1989- 2018) والذي خرج فيه الترابي العام 1999 وقال إن الإنقاذ انتهت إلى طاغوت سياسي.

وذكر فقيري - في حوار خاص مع "عربي21"-  الذي تقلد أمانة الفكر والثقافة والدعوة بحزب المؤتمر الشعبي (الحزب الذي أسسه الترابي)، أن تجديد الفكر الإسلامي يأتي بالإنخراط المباشر في الشأن العام، واعتبر أن حركة التاريخ تطرح تحديات ينبغي الاستجابة لها وفق شرطها التاريخي موافقا بذلك مقولة المؤرخ المشهور أرنولد توينبي.

ورأى أن غياب النموذج الديمقراطي اللاديني في المنطقة يعزز من فرص التيار الإسلامي في تحقيق نهضة وطنية تتجاوز ميراث الطغيان السياسي.

وتاليا نص المقابلة:


س ـ هل لتعدد تنظيمات الإسلاميين في السودان صلة بخلاف فكري أم هي تكتيك سياسي مرحلي.. أقصد (الحركة الإسلامية).. وما هي نقاط الخلاف الفكري؟


 ـ الحركة الإسلامية ليست طائفة دينية تتبع مذهبا بعينه وهي تتبع عقيدة أهل السنة والجماعة كما عبر عن ذلك شيخ الأزهر في حديثه عن جماعة الإخوان المسلمين، ففي بواكير نشأتها في السودان تحالفت الحركة الإسلامية مع مجموعات أنصار السنة (السلفيون) والطرق الصوفية فيما عرف في ستينيات القرن العشرين بجبهة الميثاق الإسلامي، لذلك يمكن القول بلا غضاضة إن الحركة الإسلامية هي حركة سياسية تتنوع داخلها التيارات الفكرية الدينية وإن إصطبغت بصبغة رمزها الشيخ حسن الترابي الذي نادى بالتجديد منذ تصدره لقيادة التيار الإسلامي الحركي وجعل أكبر همه تجديد الفقه السياسي ما أحدث انشقاقا داخل التيار الإسلامي في الستينيات أيضا بين مجموعة ترى التربية والتزكية أولى ومجموعة الترابي التي ترى في خوض غمار السياسة والمدافعة في المجال العام أدعى للتزكي وأقوم في تربية الفرد.

أما تعدد تنظيمات الإسلام الحركي حاليا فيعود لتجربة السلطة فيما عرف بنظام الإنقاذ الوطني، فقد حدثت سلسلة من الإنقسامات داخل مجموعة الإسلاميين نتيجة لطبيعة الممارسة السياسية داخل السلطة، إذ خرج الترابي مبكرا منذ العام 1999 وقال بأن الإنقاذ انتهت إلى طاغوت سياسي لتخرج بعد ذلك قيادات وقواعد مختلفة وقد ضاقت مواعين السلطة عن نصح الناصح وقتها.

س ـ عرف اجتهاد الإسلاميين أكثر في تجديد الفكر كعلم وواجب في مقابل فشل في تجديد فكر الممارسة السياسية.. لماذ؟


 ـ لقد كانت دعوة الترابي إلى تجديد الفكر الإسلامي تأتي بين يدي الإنخراط المباشر في الشأن العام واعتبر أن حركة التاريخ تطرح تحديات ينبغي الاستجابة لها وفق شرطها التاريخي موافقا بذلك مقولة أرنولد توينبي المؤرخ المشهور.. لذلك اتسمت الحركة في السودان بالعملية وقل عندها التنظير السياسي إلا من تلقاء الترابي نفسه. ورغم كتابات الترابي في الفقة السياسي إلا أن غالب قيادات الحركة لم تكن تملك رؤية لطبيعة الدولة.. لذلك انتهت ممارستها للسلطة إلى مجرد إستبداد سياسي يوظف الدولة لقمع الخصوم.

س ـ هل هناك حاجة فعلية لبناء مشروع إسلامي سياسي جديد، وعلى أي أسس يقوم؟


 ـ لا يمكن القول بأن فكرة الإسلام السياسي قد انتهت إلى بوار.. فالحاجة إليها تأتي من باب الحاجة إلى تقعيد الديمقراطية وبناء الدولة في منطقتنا العربية والإسلامية، وعندي زعم بأن نموذج دولة ما بعد الإستعمار في منطقتنا انتهى إلى هشاشة في كامل بنية الدولة.. وقد تشظت في بعض الأقطار من حولنا وتعاني الأخريات من الإستبداد والقمع ما يجعل التنظير لطبيعة السلطة عندنا أمرا ملحا جدا.. وهنا يمكن أن يساهم الإسلام السياسي لأنه يتكئ على إرث حضاري كبير وينطلق من أفق أكثر إنسانية يستطيع أن يتجاوز بها ميراث الحضارة الغربية القائم على القوة المحض، والتي تجلت تاريخيا في الحركة الإستعمارية التي أذلت الشعوب ونهبت ثرواتها.. 

ولعل خيبة المشاريع المضادة ونضوب رصيدها الفكري وغياب نموذج ديمقراطي لا ديني في منطقتنا يعزز من فرص التيار الإسلامي في تحقيق نهضة وطنية تتجاوز ميراث الطغيان السياسي.

س ـ لماذا لا تظهر الحرية كفكرة مركزية في تمظهرات الفكر الإسلامي في السودان؟


 ـ سؤال الحرية سؤال مركزي.. إذا لم تستطع الحركات الإسلامية توطين هذا المفهوم لديها ومن ثم التعبير عنه في ممارستها السياسية فستتخلف عن ركب التاريخ وستتحول إلى مجرد مومياء تلحق بسابقاتها من الأفكار والتيارات، في السودان يمكن النظر إلى غياب فكرة الحرية عند الإسلاميين رغم تنظير الترابي المبكر للمفهوم وتقعيده في إطار رؤيته التجديدية إلى طبيعة الفعل السياسي في السودان، إذ قاربت الحركة الإسلامية السياسة من مدخل السرية والعمل الأمني تأثرا برصيفتها الحركة الشيوعية.. كذلك لغرابة فكرة الدين والسياسة بين يدي النشأة، قوى هذا الإتجاه في العمل السياسي التخوفات من التدخل الغربي الرافض للحركات الإسلامية والذي يكبت دائما محاولاتها للوصول إلى السلطة فتغول العقل الأمني والإداري التنظيمي على غالب الحركة الإسلامية وقلص من مساحة العمل المفتوح على الجماهير رغم اجتهاد الترابي الشديد كسر طوق الصفوية والنخبوية للحركة الإسلامية، كذلك بؤس الفقة السياسي التاريخي للمسلمين كان مثبطا عن هم التجديد لبنية السلطان بين يدي تعدد المنابع الفكرية للحركة الإسلامية وقد ساهم الصراع مع الآخر اليساري في تسيد نزعة سلفية غلبت على تدين أفراد الحركة رغم نزوع قائدها إلى كسر قوالب التفكير الجامدة.

س ـ كيف هي المواءمة بين الوطني (الدولة القطرية) وبين الأممية الإسلامية كمشروع سياسي؟


 ـ استطاعت الحركة الإسلامية في السودان أن تجذر مفهوم المواطنة كأساس للتعاقد الاجتماعي والسياسي ولم ير مفكرها الأول غضاضة في بنية السلطان المحدود والمرسوم بجغرافيا معينة كون التعاقد هو أساس الإيمان بين الفرد والله ومنه تتفرع كل العقود لتشمل المجتمع وعلاقات الجوار والعالم من بعد.. وكل ذلك كان حاضرا في حضارة المسلمين.. فالترابي زعم بأن العقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث هو نقل عن مفهوم البيعة عند المسلمين، كما يرى أن المسلمين هم من أسسوا للعلاقات والعهود الدولية لذلك تنتفي تلك القطيعة المفتعلة بين الدولة القطرية المرسومة بقوة المستعمر وبين فكرة الإسلام كافق حضاري احتضن التعدد الثقافي والإجتماعي في مجتمعات المسلمين، تشهد على ذلك مدارس الفقه المتعددة وثراء الإرث القضائي للمسلمين على عكس الحضارة الغربية التي تنزع إلى نمط آحادي من جانبه سقط في التخلف.


التعليقات (1)
نسيت إسمي
الإثنين، 30-05-2022 01:23 م
1 ـ (الحرب في الدنيا) شهدت القارة الأوروبية في الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى أحداثًا سياسيّة مُهمّة، كانت جميعها نتيجة التسويات التي تمّ إبرامها في مؤتمر الصلح، ومن خلاله خضعت الدّول المهزومة إلى شروط أقلّ ما يُقال عنها إنّها مُجحِفة. إضافة إلى ذلك اختفت الكثير من الأنظمة الحاكمة في القارة الأوروبية مثل: الأسر العسكرية التي كانت تحكم الإمبراطورية الروسية والألمانية والتركية وفي المجر، كما تحوّلت روسيا إلى النظام الشيوعيّ، وتمّ خلق دولة لم تكن موجودة بالأصل أُطلق عليها اسم (تشيكوسلوفاكيا) واستردت أربع دول حرّيتها وهي: أستراليا ولانغيا وفنلندا ولتوانيا، وتحوُّل دولتين صغيرتين إلى دول كبار هي: رومانيا وصربيا، وانقسام دولة واحدة إلى دولتين هما: النمسا والمجر. قامت الحرب العالمية الثانية في الأول من شهر سبتمبر من عام 1939م، ولكن متى انتهت الحرب العالمية الثانية؟ أن الحرب انتهت في 20 سبتمبر من عام 1945م حيث شاركت فيها غالبية الدول العظمى من دول العالم بين حلفين رئيسين هما: الحلفاء والمحور، وهي الحرب الأضخم والأكثر تدميرًا في التاريخ. حيث لم تقتصر آثارها على قارة أوروبا فقط، بل في حقيقة الأمر شملت آثارها أنحاء كثيرة من العالم، وقد تركت الكثير من الدول على حافة الانهيار، كما أنها حطّمت الاقتصاد العالمي في كثير من جوانبه وظل البشر يُعاني من آثارها فترات زمنية طويلة جداً. أثر الحرب العالمية الثانية على الوطن العربي..من هي الدول العربية التي تمتعت بحرية كاملة في إدارة شؤونها خلال الحرب العالمية الثانية؟..يُمكن توضيح أثر الحرب العالمية الثانية على أقطار الوطن العربي من خلال تقسيم بلدانه إلى أربع مجموعات على النحو التالي:1 تتمتّع دولة العراق ومصر بالاستقلال في إدارة شؤونهم الداخلية في فترة قيام الحرب العالمية الثانية، ولكنّهما تحت سلطة الانتداب البريطاني، إضافة لارتباط كلّ منهما بمعاهدة تحالف وصداقة مع سلطة الانتداب، وبموجب تلك المعاهدة تلتزم دولة العراق ومصر بتقديم التسهيلات والمساعدات كافّة للجيوش البريطانية المُقاتلة إذا ما احتاجت لها في قتالها ضدّ دول المحور. 2 وهذه البلدان هي كلّ مِن: فلسطين وشرق الأردن وسوريا ولبنان، ولما كانت تلك الدول تحت الانتداب البريطانيّ والفرنسيّ، وكان هذا النوع من النظام شديد الوطأة فلم تشهد تلك الدول أيّ تطوّر دستوريّ داخل البلدان خلال تلك الفترة من الزمن. 3 تشكّلت خلال فترة الحربين الأولى والثانية دولتان في شبه الجزيرة العربية هما: السعودية واليمن، وهؤلاء من أكثر الدول التي امتلكت الحرية في تصريف شؤونها الداخلية والخارجية، والسبب أنّها لم تكن مرتبطة بأيّة معاهدة أو حلف مع أيّة دولة، ومع ذلك لم تشهد تلك الدولتان أيّ تطوّر على صعيد الناحية الاجتماعية أو السياسية. 4 دول المغرب العربي تعاقَبَ على حُكم هذه المنطقة الكثير من الأنظمة خلال الحرب العالمية الثانية مثل: حكومة فيشي الفرنسية، ثم احتلّ الألمان تونس وتبعهم الحلفاء حين غزوا شمال أفريقيا، ثم سلّموها لحكومة فرنسا الحرّة، وخلال تلك الفترة لم يُؤخذ بعين الاعتبار رأي السكان المحليّين في أيّ أمر، ولم تكن لهم فرصة للتخلُّص من تلك الحكومات الاستعمارية. 2 ـ (كيف حرر لقب المونديال ألمانيا من عار النازية؟) ساهم في بناء الجمهورية الألمانية الجديدة بشهادة المؤرخين لأول مرة منذ الحرب العالمية يعزف السلام الوطني الالماني في مناسبة دولية ويقول مراسل صحيفة لوموند الفرنسية بيير فابر "أثناء عزف السلام الوطني الالماني قبل المباراة ووسط الأمطار كنت أشعر باهتزاز الأرض ووحدة الجماهير التي جاءت من ألمانيا". تم اختيار سويسرا لاستضافة نسخة عام 1954 من كأس العالم، في 22 يوليو/تموز من عام 1946، إذ كان يجب أن تقام هذه النسخة في أوروبا، بعد أن أقيم كأس العالم 1950 في البرازيل. كانت هذه هي النسخة الأولى التي لا تشهد انسحاب أحد المنتخبات المشاركة، فوصل 11 منتخبا من أوروبا بالإضافة إلى المنتخب السويسري، كما شاركت الأوروغواي بصفتها بطلة للنسخة السابقة، وانضمت لها البرازيل والمكسيك، وكوريا الجنوبية من آسيا. وصلت تركيا وإسكتلندا وكوريا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخها إلى كاس العالم في تلك النسخة وغادرت جميعها من الدور الأول للبطولة. تأهل منتخبات ألمانيا الغربية والنمسا والمجر وأوروغواي لدور نصف النهائي ألمانيا والمجر المباراة النهائية وحققت النمسا المركز الثالث على حساب أوروغواي. لعبت المباراة النهائية على أرضية ملعب "وانكدورف" في العاصمة السويسرية، برن، وتقدم المنتخب المجري بهدفين في أول ثماني دقائقا، قبل أن تعود ألمانيا وتقلب الطاولة بتسجيل ثلاثة أهداف، لتتوج بلقبها التاريخي الأول في كأس العالم في الليلة التي سمية بليلة "معجزة بيرن". 3 ـ (ماذا قال أشهر فنان السويد عن الإسلام؟) لقد قمت بكل شيء في حياتي و عملت كل شيء ، كنت أرغب به و قمت بالبحث في الأديان ، لدي إيمان بالله ليس مسيحياً و أيضاً لا أتبع أي دين آخر و لكنني أؤمن بالله ، يمكن القول بأنني إنسان "لا أدري" مؤمن بالله إذا أمكن تقبل المصطلح و لكني لا أؤمن بالمسيح هذا ما قلته للأسقف "لينارت كوسكينين" الذي أقابله أحياناً و الذي قال لي يجب أن نجلس لإيجاد حل لمشكلة "عدم إيمانك" قلت له المعدرة يا لينارت و لكنني لا أؤمن بالمسيح على الشكل الذي صنعتموه أنتم ! لقد إستغرق الوقت 300 عام قبل أن تقرروا أنه إبن الله و الآن أصبح رباً ! و تاريخ ميلاد المسيح ليس صحيح ! هو تاريخ وثني في الأصل ! "يان مالمشو" متجاهلاً الإيجابة على تهنئة عيد الميلاد سأنادي بسنة جديدة سعيدة ! أنا معجب بشكل أكبر بالإسلام الذي يدعو بأنه "لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله" .