مقابلات

معارضة تونسية لـ"عربي21": نجحنا بفضح سعيّد وسنسقطه

استنكرت عيسى الاتهامات الموجّهة لهم بأنهم مجرد أداة وواجهة لحركة النهضة- عربي21
استنكرت عيسى الاتهامات الموجّهة لهم بأنهم مجرد أداة وواجهة لحركة النهضة- عربي21

قالت عضو الهيئة التنفيذية لمبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، شيماء عيسى، إنهم انطلقوا، مع جبهة الخلاص الوطني، في جولة بكل ربوع الجمهورية التونسية من أجل "فضح ممارسات الانقلاب الغاشم، والعمل على إسقاطه، والتعريف بجبهة الخلاص الوطني وبرنامجها"، منوهة إلى أن "هذا الحراك بدأ قبل أيام من الجنوب الشرقي للبلاد، وسيجوب الـ 24 ولاية خلال الفترة المقبلة".

وشدّدت في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، على أنهم مصرين على "العودة بتونس إلى مصاف الدول الحرة والديمقراطية، ورفض سلطة الفرد الأوحد، والعمل على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية"، لافتة إلى أن حراكهم نجح في "العديد من المحطات، أهمهما فضح المنقلب (قيس سعيد)، وفضح سردية عمقه الشعبي، ولا ننسى المحطات النضالية كالإضراب والاعتصامات العامة وغيرها".

 



واستنكرت عيسى الاتهامات الموجّهة لهم بأنهم مجرد أداة وواجهة لحركة النهضة، قائلة: "هذه اتهامات ساذجة وتصريحات استفزازية جاهزة، وهذا الطرح هو أحد أسباب الأزمة الحالية؛ فيجب أن نحترم آراء الناس ومكانتهم، ولا أرى عيبا في التعامل مع حركة النهضة أو أي جهة سياسية طالما أن وجودها قانوني، ولم تتورط في أعمال عنف، ولا بد أن نخرج من دائرة الصراعات الأيدولوجية والتصنيفات السياساوية".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":


كيف تنظرون لرفض الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر وأهم منظمة نقابية) المشاركة في الحوار الوطني، الذي دعا إليه قيس سعيد؟

مواقفنا من الاتحاد العام للشغل واضحة وممتدة في الزمان والمكان؛ فهو قوى مركزية في البلاد على المستوى الاجتماعية والاقتصادي، وقد أدى العديد من الأدوار السياسية في مراحل مفصلية من تاريخ تونس، واليوم هو في مرحلة مفصلية جديدة في التاريخ، ويقول: لا للحوار بصيغته الحالية، وهذا موقف محمود ووطني.

 

وما نختلف فيه مع الاتحاد العام للشغل هو سقف مقاومتنا للانقلاب؛ فنحن نعتبر ما جاءت به منظومة 25 تموز/ يوليو غير قانوني جملة وتفصيلا، بما في ذلك غلق البرلمان، بل نعتبر ما حدث سقطة كبيرة في تاريخ تونس، وتجني على الديمقراطية والمؤسسات، في حين أن الاتحاد العام التونسي للشغل يرى أن 25 تموز/ يوليو "فرصة" بسبب الاختناق السياسي الذي سبقه، وكان يرى أنه إذا ما سارت الأمور بشكل جيد، وذهب قيس سعيد في مسار تشاركي فستكون 25 تموز/ يوليو فرصة لتجاوز الأزمات السياسية.

 

إذن نحن مختلفون في توصيف 25 تموز/ يوليو، وفي توصيف العديد من المواقف، لكننا لا ننكر دور الاتحاد في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.


لماذا تأخر الاتحاد في حسم موقفه من هذا الحوار؟

لأن الأوضاع غير مطمئنة؛ فقلعة الاتحاد العام للشغل تشهد اليوم صراعات داخلية، وتشهد العديد من الحساسيات السياسية، وشاهد الجميع الصراعات قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد، وإقامة دعاوى قضائية ضد نور الدين الطبوبي -الأمين العام للاتحاد- لذا الأمور مُعقّدة، لكن دائما ننظر "لنصف الكوب الممتلئ" بأن اتحاد الشغل يؤدي الآن دورا أساسيا في كبح جماح الرغبة التسلطية لدى المنقلب قيس سعيد.

هل يمكننا القول إن اتحاد الشغل قطع "شعرة معاوية" مع قيس سعيد؟

لا أعتقد أنها قطيعة تامة، لأننا كثيرا ما نشاهد ونسمع عن توتر في العلاقات بين رئاسة الجمهورية والاتحاد، ثم تعود إلى ما كانت عليه، ولا أعتقد أن اتحاد الشغل سينزل إلى الشارع ضد الانقلاب؛ فنحن نقرأ الخطوات المقبلة لنعرف ونفهم موقع اتحاد الشغل بالتحديد.

بعد موقف الاتحاد الأخير.. هل تم بذلك إجهاض الحوار الوطني الذي دعا إليه قيس سعيد؟

لا نستطيع التنبؤ بذلك، لأن هذا الرئيس شارك في استشارته الإلكترونية 4% من إجمالي عدد الناخبين، ويسوّق لها باعتبارها استشارة "ناجحة"، وكثيرا ما صرّح بأن الحوار قد انطلق بالفعل في كثير من الأحيان، والجميع منخرطون فيه، وغيرها من "الأوهام" والمغالطات؛ فكثيرا ما يصف فشله بالنجاح، فلا أعتقد أنه سيقف أمام رفض الاتحاد العام للشغل؛ لأن اتحاد الشغل يرفض فقط الحوار ولا يرفض التعامل مع الرئيس المنقلب.

كيف تنظرون لموقف القوى السياسية المختلفة من دعوة قيس سعيد؟

المجتمع السياسي التونسي – بالرغم من مشاكله وعلاته – هو مجتمع سياسي ديمقراطي وواعٍ، واليوم كل فئات المشهد السياسي ترفض الانصياع لرأي الفرد، وترفض هذا الحوار العمودي، وتريد أن تؤدي أدوارها السياسية الحقيقية الديمقراطية التشاركية مهما كانت مواقفها مختلفة؛ فالموقف مشرف في غالبه الأعم، ولا أتحدث عن الأحزاب الموالية للسلطة لأنهم الآن في خيبة كبيرة، فبعد أن أهانهم قيس سعيد مُجدّدا، واتهمهم بأنهم يسعون للمناصب، الآن يلغي وجودهم تماما.

ما طبيعة العلاقة بين مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" والاتحاد العام التونسي للشغل؟

سأجيبك بطريقة موضوعية: نحن نلتقي مع العديد من الأطراف، ومنها اتحاد الشغل، في بعض المطالب؛ فعند انطلاقنا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 كانت لدينا مبادرة ديمقراطية، وكانت تشتمل على نقاط واضحة، وكنّا أول مَن تحدث عن ضرورة حوار وطني استراتيجي، بمعنى يناقش المشاكل الاقتصادية والإصلاحات وغيرها، وكنّا أول مَن تحدث عن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، وكنّا أول مَن دعا لعودة البرلمان لجلساته العامة وتحمله المسؤولية، وكنّا أيضا أول مَن تحدث عن انتخاب وتعيين حكومة اقتصادية قادرة على تحدي الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد لأول مرة، الآن جميع الطبقة السياسية – سواء اتحاد الشغل أو غيره – تطالب بالانتخابات وبالحوار، ولا ننسى جلسة 30 آذار/ مارس وقانون 1 لعام 2022 الذي ألغى كل الإجراءات الاستثنائية، مما يعني أن كل مطالب المبادرة الوطنية "مواطنون ضد الانقلاب"، هي مطالب رؤية سياسية واجتماعية جامعة ويطالب بها الجميع.

لماذا لم تنجحوا حتى الآن في إجهاض "انقلاب" قيس سعيد؟     

الأمور ليست بسهولة هذا السؤال؛ فهذه قضية ليست بأيدينا فقط، بل هي حالة سياسية تونسية فيها أدوار للأجهزة الصلبة للدولة (الجيش والأمن)، وفيها تطبيق للفصل 80 من الدستور التونسي الذي استغله رئيس الجمهورية وفكّك به الدولة، وفيها إدارة تحت إمرة هذا المنقلب، وفيها تشتت كنّا نعاني منه منذ 10 أشهر، وإن كان في الأيام الأخيرة تواصل وتفاهم؛ فالأوضاع بدأت في التغير، والطبقة السياسية الآن منفتحة بعضها على بعض، وواعية بضرورة توحيد الصف لمواجهة المنقلب.

فقضية إسقاط الانقلاب اخترنا لها أن تكون قضية سياسية من خلال مقاومة سلمية ومدنية، بكل الطرق القانونية والنضالية، وقد نجحنا في العديد من المحطات، أهمهما فضح المنقلب، وفضح سردية عمقه الشعبي، حيث إن تحرك "مواطنون ضد الانقلاب"، وشركائها، أثبت أن الشارع السياسي هو بالأساس ديمقراطي وليس شارعا شعبويا، بالإضافة إلى نجاحنا في فضح كذب ومغالطات سلطة الانقلاب، ولا ننسى المحطات النضالية كالإضراب والاعتصامات العامة ومظاهرات 14 كانون الثاني/ يناير التي سقط فيه الشهيد رضا بوزيان.

ومؤخرا كنّا في جولة في الجنوب التونسي وكان هناك آلاف المشاركين المنادين بعودة الديمقراطية، واليوم تقوم سلطة الانقلاب بشخصنة المؤسسات، وكأن المؤسسة هي ذاك الحزب أو هذا النائب، في حين أن المؤسسات الوطنية هي الدولة؛ فالدولة الديمقراطية تقوم على الفصل بين السلطات، ومن ثم فنحن نجحنا إلى حد كبير في إضعاف سردية مغالطة الشعب التونسي، بأن المشكلة مشكلة أشخاص ونزاع على السلطة، في حين هي في الحقيقة مشكلة دولة ومؤسسات.

 

اقرأ أيضا: مظاهرات ضد سعيّد جنوبي تونس رفضا "للجمهورية الجديدة"


على أرض الواقع.. هل بات إسقاط الانقلاب قريبا؟

نحن مصرون على العودة بتونس إلى مصاف الدول الحرة والديمقراطية، ورفض سلطة الفرد الأوحد، والعمل على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ولسنا بصدد معادلة السقوط وشيكا أم لا، وغيرها من المصطلحات التي يستعملها قيس سعيد، فهو يقول: قريبا سأطيح بكذا، وقريبا سأعيد الأموال المنهوبة، ويقول: قريبا تونس الشريرة ستنتهي، وتبدأ تونس الخير.. وغيرها من "الاعتباطية الفكرية" التي تقوم على حالة مزاجية وليست على معطيات صحيحة وواضحة، ونحن لا نتعاطى مع مثل هذه السردية، بل نُعمل العقل والحكمة والواقعية.


هل هناك خطوات جديدة تعتزمون مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" اتخاذها خلال الفترة المقبلة؟

نحن الآن في جولة تطوف كل ربوع الجمهورية التونسية، انطلقنا من الجنوب الشرقي، وسنجوب الـ 24 ولاية خلال الفترة المقبلة مع جبهة الخلاص الوطني، من أجل فضح ممارسات هذا الانقلاب الغاشم، والعمل على إسقاطه، والتعريف بجبهة الخلاص الوطني وبرنامجها.

وهنا أقول؛ إن الأستاذ أحمد نجيب الشابي، هو رجل كلما احتاجته الديمقراطية في تونس سرعان ما وجدته رجلا شجاعا مدافعا بقوة عن مبادئ التشاركية والديمقراطية ومصالح التونسيين والتونسيات. وحقيقة جبهة الخلاص الوطني بقيادته تُعدّ مكسبا كبيرا للحركة الديمقراطية في تونس، ونقطة فارقة في موازين القوى وفي مسار مقاومة الانقلاب.

وجبهة الخلاص الوطني ستنظم ندوة سياسية يوم الثلاثاء المقبل، ستعلن فيها عن كل مكوناتها وتفاصيل برنامجها وخططها المستقبلية.

هل انتهى دور وحراك "مواطنون ضد الانقلاب" بعدما تم تأسيس جبهة "الخلاص الوطني"؟

"مواطنون ضد الانقلاب" أحد مكونات جبهة "الخلاص الوطني"، ومن ثم فنحن لا نتحدث عن نهاية أدوار، وإنما نتحدث عن عمل مشترك في إطار جبهوي، وهذه الجبهة بها العديد من المكونات الأخرى.

كيف تنظرون للاتهامات الموجّهة لكم بأنكم مجرد أداة وواجهة لحركة النهضة؟

هذه اتهامات ساذجة، ومَن يعرف عن صناعة وتوجيه الرأي العام، يعلم خطورة التصريحات الاستفزازية الجاهزة، وقد عانينا من هذه التوصيفات لمدة عشر سنوات أو أكثر، وأستطيع أن أقول إن هذا الطرح هو أحد أسباب الأزمة الحالية؛ فيجب أن نحترم آراء الناس ومكانتهم، ولا أرى عيبا في التعامل مع حركة النهضة أو أي جهة سياسية طالما أن وجودها قانوني، ولم تتورط في أعمال عنف.

ولا بد أن نخرج من دائرة القوالب الجاهزة، والصراعات الأيدولوجية، والتصنيفات السياساوية، وندخل في عملية عقلنة وتحديث الممارسات السياسية، على أساس الموقف من الديمقراطية ومبادئ الحرية وليس على الشخصنة والأحقاد القديمة.

لذا، يجب أن نفكر خارج هذا الطرح؛ لأنه طرح عقيم، ويُجمّد الحياة السياسية، بل ويزيد من حدة الأزمة، واليوم كل الأطراف تجمعها مبادئ وخطط عمل لا غير.

أخيرا.. ما مستقبل مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" حال إسقاط "الانقلاب"؟

المستقبل لا يتعلق فقط بإسقاط الانقلاب؛ لأننا نتحدث عن حوار استراتيجي؛ فالأهم بعد إسقاط الانقلاب هو إنقاذ البلاد والقيام بإصلاحات ضرورية لإنجاح التجربة التونسية، فلو أسقطنا الانقلاب دون إصلاحات حقيقية، ونقد عميق وبنّاء لكل العملية السياسية منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، فإننا لن نحل المشكلة، وسنتعامل بصفة ذاتية غير موضوعية؛ فالمشكلة ليست في قيس سعيد فقط، وإنما في الحالة السياسية في تونس بشكل عام، فإسقاط الانقلاب مرهون بإنجاح ما بعده، لتنجو تونس من حالة الخطر، وحالة الهشاشة السياسية والاقتصادية.

التعليقات (2)
ياسر قطيه
الإثنين، 30-05-2022 04:00 ص
سعيد موظف مدسوس لإجهاض الثوره التونسيه الملهمه وقد فعل وهو فى طريقه ليكون أعتى دكتاتور فى الكره الأرضيه وسيجكم تونس بالحديد والنار ومالم يتضامن التونسيون لإسقاطه فسيذهب بكم الى الجحيم
عابر سبيل
الجمعة، 27-05-2022 11:00 ص
الذين وظفوا قيس سعيّد يقدمون له المساعدات كما فعلوا مع عبد الفتاح السيسي من قبل لتخريب اقتصاد تونس كما خربوا اقتصاد مصر. "حوار سعيّد" عبارة عن حوار بينه وبين من وظَّفَه، يعني أصحاب القرار في الدولة العميقة في تونس، وتحت غطاء محور الشر الغربي: [ فرنسا، أمريكا، بريطانيا، إسرائيل، ... ] ومحور الشر العربي: [ الإمارات، مصر، السعودية، البحرين، ... ] أما التونسيين الأحرار فلا علاقة تربطهم بـ"حوار سعيّد". الأفضل لتونس وللمسلمين عامة أن يكون قيس سعيّد بنفسه في مهب الريح، وليس حواره فقط، لتستريح تونس وكل من يحب لها الخير. # أنقذوا تونس يا شعب الثورة.